حيا رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة الأسرة الاعلامية في عيدها العالمي المصادف ل3 ماي من كل سنة، على ما قدمته من تضحيات في كل المراحل التي مرّ بها الشعب الجزائري وما تقدمه اليوم من جهد متواصل لإبراز التحولات التي تشهدها الجزائر في كل الميادين. وأكد في رسالة وجهها لها، بالمناسبة »أن حرية الصحافة هي ركن حصين في مشروعنا الديمقراطي، وستحظى بالاحترام التام والدعم المتواصل، وأن الدولة ستعمل بحرص كبير على تسهيل وممارسة وتطوير المهنة وترقية آداء مختلف المؤسسات الاعلامية". وتعزيزا لحرية الصحافة ضمن المعايير المهنية، أعطى رئيس الجمهورية بهذه المناسبة، اشارة الانطلاق لمراجعة قانون الاعلام، داعيا الحكومة والأطراف المعنية إلى بحث معمق حول الأحكام القانونية الكفيلة بالارتقاء بالصحافة الى مستويات أعلى من الأداء المهني المطلوب. كما أعرب رئيس الجمهورية بهذه المناسبة عن اعتزازه بآداء وتميز الكفاءات الاعلامية الجزائرية المهاجرة وبمساهمتها في ترقية المنظومة الاعلامية الوطنية. وفيما يلي نصها الكامل: "بسم اللّه الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين أيتها السيدات أيها السادة أعضاء أسرة الإعلام الأفاضل سعيد أنا بمناسبة إحياء ذكرى اليوم العالمي لحرية الصحافة الموافق للثالث ماي هذا اليوم أود أن أعرب فيه إلى كافة أعضاء الأسرة الصحفية والإعلامية صحافيين وناشرين وإطارات قطاع الإعلام عن أسمى عبارات التقدير لما حققوه من مكاسب على طريق تكريس مبادئ الحرية والحق في التعبير والاختلاف والتوافق في خدمة الوطن وترقية قيم المواطنة داخل المجتمع وتعزيز الممارسة الديمقراطية من النشاط الطفيلي الذي كثيرا ما أساء إلى العمل الصحفي وإلى هدفه النبيل. كما أحيي جميع المشتغلين في حقل الإعلام الوطني على ما قدموه من تضحيات في كل المراحل التي مر بها شعبنا وما يقدمونه اليوم من جهد متواصل لإبراز التحولات التي تشهدها الجزائر في كل الميادين وهو نابع من شعور بالدور المنوط بكل وسائل الإعلام مكتوبة وسمعية بصرية لمواكبة عملية انتقال المجتمع إلى مرحلة ما بعد الإرهاب وما تكتسبه جميعا من أهمية سياسية واجتماعية وثقافية فضلا عن دورها الإعلامي. وأنتهز فرصة إحياء هذه الذكرى اليوم لأترحم على أرواح شهداء وضحايا مهنة الصحافة الذين دفعوا أيام الثورة أرواحهم فداء لحرية الوطن ودفعوا في السنوات الصعبة التي مرت بها بلادنا من دمهم الكثير إيمانا بحقهم في المجاهرة بالكلمة الحرة والمسؤولة عندما وقفوا بقوة ككل الوطنيين الشرفاء في وجه الإرهاب ودعاة الفتنة والإثم. وبالمناسبة أتوجه بالتحية إلى الكفاءات الإعلامية الجزائرية المهاجرة وبقدر اعتزازي بأدائها وتميزها وقدرتها في فرض حضورها في كثير من وسائل الإعلام العربية والأجنبية فإنني أكون أكثر اعتزازا بمساهمتها في ترقية المنظومة الإعلامية الوطنية التي سنمكنها من أدوات التطور والانتشار في كنف مناخ تسوده المرونة وحرية المبادرة والاحترافية. إن الإعلام الحق لا يكون أبدا في تناقض من المتغيرات السياسية والاجتماعية والثقافية للمجتمع فبقدر تأثره بها يظل مؤثرا فيها ومن المحركات الفاعلة في الوعي الجماهيري. فهو ليس وسيطا ساكنا ولا أداة في قبضة منتفعي الريع الذين يستخدمونه في ما لا يفيد الأمة بل يضاعف الجهود لترقيتها وتقدمها من أجل تحقيق أهدافها في الأمن والأمان والتنمية المستدامة. وعلى الإعلام الوطني أن يكون على تماس مع كل المسائل التي تستدعي نقاشا ومتابعة وألا يتردد في التصدي للآفات الاجتماعية من مثل المحسوبية والمحاباة والجهوية والبيروقراطية والرشوة والفساد وكل ما يهدف إلى إشاعة ثقافة اليأس والانحراف. إن انتهاج بلادنا طريق التعددية السياسية والإعلامية وفسح المجال لحرية الكلمة والمبادرة الحسنة وهي مرحلة بقدر ما اتسمت بها من آلام ومآس وتهديد للدولة والمجتمع وتفكيك للمؤسسات وتدمير للثقة فإنها أبانت عن تمسك الجزائريات والجزائريين بحقهم في الممارسة الديمقراطية والتعبير الحر وشكلت الصحافة الوطنية بتنوعها الأداة المؤثرة. وأود بهذه المناسبة أن أؤكد للأسرة الإعلامية والصحفية أن حرية الصحافة هي ركن حصين في مشروعنا الديمقراطي وستحظى بالاحترام التام والدعم المتواصل. وستعمل الدولة بحرص كبير على تسهيل ممارسة وتطوير المهنة وترقية أداء مختلف المؤسسات الإعلامية المكتوبة والسمعية البصرية سواء في وضع نصوص تشريعية تراعي التطور الذي فرضته ثورة الإعلام والاتصالات الجديدة أودعم المناهج الجديدة في مجال التكوين وتحسين الخدمات. لقد تعهدت في البرنامج الذي تقدمت به إلى الشعب الجزائري خلال الحملة الانتخابية وإلى العائلة الصحفية بأنني سأبادر إلى مراجعة قانون الإعلام الذي صار بحاجة إلى تكييف مع المستجدات على ضوء ما استفادت الجزائر من التجارب التي تعزز حرية الصحافة ضمن المعايير المهنية والمنطق الاقتصادي وحاجة المجتمع إلى إعلام يؤمن له الحق في المعرفة والتواصل. وأغتنم هذه السانحة لأدعو الحكومة والأطراف ذات الصلة إلى بحث معمق حول الأحكام القانونية الكفيلة بالارتقاء بالصحافة إلى مستويات أعلى من الأداء المهني المطلوب. ولا شك في أن معالجة التشريع الإعلامي من شأنها أن تشكل منطلقا لوضع سياسة اتصال وطنية تضمن الانسجام والمرونة بين مختلف القطاعات الحيوية في المجتمع. إن الجزائر ليست بمعزل عن التحولات التي يشهدها العالم اليوم فهي مطالبة بأن تكون على تواصل دائم مع التكنولوجيات الحديثة والرقمنة التي لم تعد خيارا بل حتمية تفرض على بلادنا العمل ضمن رؤية منسجمة بين كل القطاعات والانتقال من النظم التقليدية إلى العصرنة والتحول إلى الكل رقمي وتجاوز الفجوة الرقمية التي هي عنوان الحداثة والانخراط في فضاء مجتمعات المعرفة. ينبغي علينا تعزيز المبادرات الجادة التي عملت على وضع مخططات مستقبلية كالحكومة الالكترونية وأدعو المستثمرين والصناعيين والباحثين في هذا المجال إلى مواكبة هذه التوجهات التي لا غنى عنها. ولن أكون مغاليا إذا قلت إن التحدي الكبير الذي يواجهه الإعلام الجزائري لا يقتصر على اكتساب مهارات جديدة وتقنيات عالية فحسب إنما يكمن كذلك في إرساء ثقافة أخلاقيات المهنة والتعامل مع كل القضايا بالموضوعية التي تكفل له المصداقية والاحترافية التي تضمن الاحترام والديمومة. بهذه المناسبة أتقدم إلى كافة أعضاء الأسرة الصحفية والإعلامية صحافيين وإطارات قطاع الإعلام بالتهاني الحارة متمنيا لكل أبناء الوطن في الداخل والخارج النجاح والتوفيق والتألق الدائم بما يبوئ الجزائر الحبيبة المكانة التي تستحقها. وفقنا اللّه وإياكم جميعا لما فيه حصانة الجزائر وسؤددها ورقيها وازدهارها".