يتوقع أن يصل إنتاج الحمضيات خلال موسم 2021-2022، لأزيد من 18 مليون قنطار، بعد أن كان في موسم سابق لا يتعدى 13 مليون قنطار، أي بزيادة قدرها 5 ملايين قنطار، بفضل توسع المساحة المغروسة عبر مختلف الولايات المنتجة بالشمال، والهضاب العليا، وبعض ولايات الجنوب، حسب ما أكده محمد ناجي رئيس المجلس الوطني المهني المشترك لشعبة الحمضيات، بوزارة الفلاحة والتنمية الريفية، في هذا الحوار الذي خص به "المساء"، متحدثا في السياق، عن بعض العراقيل التي تحول دون تطوير أكثر لهذه الشعبة، خاصة ما يتعلق بإشكالية السقي الفلاحي، حيث دعا إلى عقد أيام دراسية لمناقشة هذا الإشكال العويص مع مختلف الفاعلين، ومنه مناقشة إمكانية استغلال المياه المصفاة كحل بديل، دون إغفال الحديث عن تجارب تصدير منتوج الحمضيات، لاسيما نحو السوق الإفريقية عبر بوابة موريتانيا. ❊ كيف تقيّمون عموما شعبة الحمضيات بالوطن؟ وماذا عن الإنتاج خلال الموسم الجاري؟ ❊❊ أولا، لابد أن نشير إلى أنه منذ إنشاء المجالس المهنية المشتركة لشعبة الحمضيات، بدأت هذه الشعبة تعرف بعض التنظيم، حيث قمنا بالعديد من اللقاءات مع الفلاحين عبر مختلف الولايات، التي تسجل غرس الحمضيات في الشمال، والهضاب العليا، وحتى بعض الولايات الجنوبية، على غرار المنيعة. مكنتنا هذه اللقاءات، من معرفة الأوضاع ميدانيا والوقوف على أهم المشاكل، لاسيما ما يتعلق بالسقي الفلاحي. للعلم فقط، فإن مساحة الحمضيات المغروسة في 2018، كانت تتجاوز بقليل 60 ألف هكتار لإنتاج حوالي 13.5 مليون قنطار على المستوى الوطني، بعد تنظيم الشعبة أكثر، حيث بلغت المساحة الإجمالية في 2021، أكثر من 80 ألف هكتار، ونتوقع إنتاج 18.5 مليون قنطار خلال الموسم الجاري 2021-2022، أي بزيادة قدرها 5 ملايين قنطار، وهذا راجع لعدة عوامل، أهمها تنظيم الشعبة، مما سمح لنا كمجلس وطني، بوضع خارطة طريق للقطاع لآفاق 2024، بتوقع تجاوز إنتاج 20 مليون قنطار. ❊ هذا الهدف مربوط بشكل وثيق بالعوامل المناخية ومعدل التساقط، هل فكرتم في هذا الإشكال، ومنه توسيع شبكات السقي؟ ❊❊ بالتأكيد، يبقى السقي الفلاحي إشكالا يطرح نفسه بإلحاح على الصعيد الوطني لكل الشعب الفلاحية والحمضيات، وهو من أكثر الشعب التي تتطلب مياه السقي، وتطرح هذه الإشكالية علينا في كل مرة، ونحاول تقديم الحلول تماشيا مع الواقع الذي يعيشه الفلاح، مثلا على مستوى ولاية بومرداس، ويطرح هذا الإشكال بكل من بلديات حمادي، وخميس الخشنة، وأولاد موسى، وبعض البلديات بالجهة الشرقية للولاية. كما سعى المجلس مع السلطات المحلية، إلى حفر آبار ارتوازية تستعمل في السقي، لكن ما يطرح هنا هو؛ حفر البئر، لكن لا وجود للمياه، وهو ما حدث أيضا بولاية البليدة، أي تم حفر بئر بعمق 160 متر ولا وجود للمياه، وهنا أوجه نداء للفلاحين الراغبين في الاستثمار في الحمضيات، بإجراء دراسة أولا حول إمكانية وجود مياه، ثم الانطلاق في الغرس، ف"لا وجود للحمضيات دون ماء". كما أؤكد وجود تسهيلات في هذا الشأن، ونشير إلى أن عملية السقي عرفت تطورا كبيرا، حيث انتقلت اليوم إلى السقي بالتقطير بهدف اقتصاد الماء. ❊ هل فكرتم في تشجيع السقي من المياه المصفاة؟ حيث أن 20 بالمائة فقط مستغلة وطنيا من إجمالي يزيد عن 800 مليون متر مكعب في السنة؟ ❊❊ صحيح، هذا الموضوع سبق وأن طرح كبديل هام في السقي، خاصة الأشجار المثمرة، ففي ولاية بومرداس، هناك مستثمرتين نموذجيتين على مستوى بلدية قورصو، تستعمل مياه التصفية في السقي، ونحن نثمن هذا المسعى، لكن لابد من الإشارة إلى أن الاستثمار في هذا المجال، يبقى على عاتق الفلاح نفسه، لذلك نحن نوجه نداء لمديري الري والتطهير بكل ولاية، لتنظيم لقاءات جهوية، تحسبا لتنظيم لقاء وطني من أجل تدارس هذا الموضوع بصفة جدية، والخروج بحلول واقعية وبرنامج خاص لاستغلال مياه التصفية في السقي الفلاحي. نحن ندعو من هذا المنبر، إلى إجراء دراسة بمشاركة قطاعي الفلاحة والموارد المائية ومختلف الفاعلين، بمن فيهم مختلف المجالس المهنية للشعب الفلاحية، لإيجاد حلول وسط فيما يخص استغلال مياه التصفية في السقي الفلاحي، كي تعم الفائدة على الجميع، وأنا هنا أوجه نداء للوالي يحي يحياتن، لتكون ولاية بومرداس السباقة في عقد هذا اللقاء محليا، ودراسة مواقع محطات تصفية المياه المستعملة بالولاية، وكمية المياه المصفاة، ومعرفة البساتين ونوعية الزراعة المحيطة بكل محطة، ومن ثمة العمل على مساعدة الفلاحين بكل محيط، لتجسيد مشروع استغلال هذه المياه. هناك مشروع لإنجاز محطة التطهير ببلدية بودواو البحري، لكنه معطل إلى غاية اليوم، كما طرحت بهذه البلدية مسبقا، إشكالية استعمال المياه الملوثة في السقي الفلاحي، ونحن نتأسف عن هذا الأمر غير المقبول تماما، لكن نريد الإسراع في تجسيد حلول واقعية سواء بهذه البلدية أو غيرها من البلديات على مستوى الوطن، فنحن اليوم، أمام إشكال عالمي يتعلق بالتغير المناخي، ولا بد من حلول جذرية تشارك فيها كل الأطراف لتعم الفائدة أكثر. ❊ ماذا عن السدود والحواجز المائية المترامية، بعضها في بومرداس مهمل بحاجة إلى إعادة تهيئة، بينما يعاني الفلاح من شح مصادر المياه؟ ❊❊ للأسف، هذا إشكال آخر يطرح، وقد سبق لنا كمجلس مهني، أن لفتنا الانتباه لهذه الإشكالية، اليوم وبدون تحفظ نقول، إن هناك العشرات من الحواجز المائية غير مهيأة تماما، والسؤال يبقى مطروحا؛ أين المصالح المعنية (الفلاحة والري)؟ فكل سنة يقال بأن هناك دراسات لتهيئة السدود والحواجز المائية، لكننا لم نخرج من الدراسات منذ سنوات، فأين يكمن الخلل؟ مثلا على مستوى ولاية بومرداس، هناك سدود، على غرار وادي الأربعاء بكمية تقارب مليون متر مكعب، وسد الناصرية ب 1.3 مليون متر مكعب، ونفس الكمية تقريبا لسد جنات.. كلها مهملة، فإلى متى يستمر هذا الوضع، وفلاحو المنطقة يعانون؟ لقد سبق تهيئة شبكة شندر بما يزيد عن 20 مليار سنتيم، وحاليا الشبكة متوقفة تماما، رغم وفرة المياه، والحلول اليوم ليست إدارية، ولابد من إجراءات مستعجلة وواقعية، هناك واقع مر آخر يشير إلى وجود عشرات الآبار الارتوازية المهملة، وأعتقد أن عددها يصل على مستوى ولاية بومرداس فقط إلى 40 بئرا دون تدخل مصالح مؤسسة "الجزائرية للمياه" لإعادة تهيئتها، فالإدارة يلزمها قوانين لتتحرك، والفلاح يلزمه الماء ليقوم بالفلاحة، هذا الإشكال مطروح أيضا على مستوى ولايات غليزان، ومستغانم، وعين تموشنت وغيرها، حيث أصبح الفلاح يوفر مياه السقي بصعوبة أحيانا، وغالبا ما يضطر إلى شرائه من حر ماله لإنقاذ استثماره، لكن هذا الأمر لا يمكن أن يدوم، وعليه نوجه نداء لوزير الموارد المائية حتى يجد حلولا في أقرب وقت ممكن.. فمئات الآبار مياهها غير صالحة للاستهلاك البشري، ومستعدين كفلاحين، لاستغلالها بإمكانيتنا الخاصة في الفلاحة. ❊ رغم كل هذه العراقيل والنقائص، كيف تقيمون سوق الحمضيات لهذا الموسم؟ ❊❊ قبل الإجابة، أود توجيه نداء إلى الفلاحين من أجل الانتباه لشراء شتلات أشجار الحمضيات من المشاتل المعتمدة، وليس على قارعة الطرقات، فهذا قد يهدد الثروة، لأن الشجرة تحتاج إلى عناية كبيرة لسنوات حتى تدخل في الإنتاج، مما قد يهدد بخسارة كبيرة إن كانت ذات نوعية رديئة. أما عن سوق الحمضيات، فالأكيد أنكم لاحظتم الوفرة حاليا في الأسواق، حيث تدخل أنواع الحمضيات للسوق منذ سبتمبر إلى بداية جويلية، ضمن نوع متأخر يسمى المعلقة، وكل الأنواع المتوفرة في السوق طازجة، دون أي تخزين. وإلى حد اليوم، تم جني قرابة 65 بالمائة من المساحة المغروسة والأسعار في المتناول، تتراوح في أسواق التجزئة ما بين 50 دج (الخاصة بالعصير)، إلى 120 دج ذات نوعية جيدة، وهذا مفخرة لنا كفلاحين، حيث أصبحنا نغطي السوق الوطنية بكل أنواع الحمضيات في كل فصول السنة تقريبا. علما أن استهلاك الفرد الجزائري من الحمضيات يصل إلى 50.7 كلغ في السنة، وهو معدل جيد مقارنة بالإنتاج، وإذا فرضنا أن كل 1 كلغ فيه 6 حبات، معناه أن هذا المعدل يقابله قرابة 300 حبة للفرد الواحد، وهو ما يوازي عدد أيام السنة، وهذا فعلا مفخرة كبيرة لنا كفلاحين منتجين للحمضيات. ❊ مقابل تغطية السوق الوطنية بالحمضيات، هل فكرتم في التصدير؟ ❊❊ بداية، نود الإشارة إلى أن نوعية الحمضيات في الجزائر من أرقى الأنواع، لاسيما البرتقال من نوع "واشنطن"، و"نافال" و"بوفين"، لتليها أنواع "المندرين" (حوالي 6 أنواع)، ثم الليمون وبعده اليوسفي، غير أنه لم يتم بعد التوسع في مجال تصديرها. هناك بعض التجارب لمستثمرين صدروا منتوجهم في السنوات القليلة الماضية، إلى بعض الدول الأوروبية، لكن بكميات قليلة لا تتجاوز الطنين، مع تصدير كميات متواضعة نحو بعض دول الخليج، لكن الذي ننتظره بفارغ الصبر، هو ولوج السوق الإفريقية، لاسيما من بوابة موريتانيا، مع فتح الخط البحري المعلن عنه مؤخرا، لأن ذلك سيضع السوق الإفريقية على مرمى حجر، وهي سوق استهلاكية واسعة بتسهيلات كبيرة، عكس السوق الأوروبية ذات الشروط التعجيزية أحيانا، غير أن هذا لا يمنع من ولوجها، فنحن نريد هنا اتفاقيات بين متعاملين اقتصاديين محليين والطرف الأوروبي، وفق شروط معينة، لتثمين المنتوج المحلي من الحمضيات، الممكن لها منافسة باقي الدول المنتجة على الصعيد العالمي. وبما أن الإرادة السياسية موجودة لفتح الأسواق العالمية أمام المنتجين الجزائريين، فإننا على استعداد تام لخوض هذه التجربة برأس مرفوعة، حيث نريد فقط توفير الإمكانيات مع المرافقة، وسنضمن مضاعفة الإنتاج ليس فقط في الحمضيات، لكن كل الشعب الإستراتيجية مثل؛ البطاطا، والزيتون وغيرها، بما يساهم في تجاوز قيمة الإنتاج المرجو بكثير، لكن في المقابل، نريد المشاركة في القرار كمهنيين ذوو خبرة في المجال..