تقرر بعث نشاط أقدم مسجد بمدينة عنابة، ويتعلق الأمر بجامع "أبو مروان الشريف"، خلال شهر رمضان الجاري، بعد غلقه لمدة عامين، بسبب وباء "كورونا"، ليعود إلى دوره كمنارة للذكر والإيمان، ويعد جوهرة حقيقية في تاريخ بونة، حيث يعتبره أغلب سكان المنطقة قطعة ثمينة، يجد فيه مرتادوه وحتى القادمون من مختلف ولايات الوطن، كل الراحة. وقد انتهى القائمون على هذا الجامع منذ أيام، من تنظيف سجاده وتهيئته، وتحضير قاع الصلاة، لعودة الصملين إليه في الشهر الفضيل، مع احترام البرتوكول الصحي. ويتوفر الجامع على ركن جميل للوضوء، يحاط بفسيفساء جميلة مستوحاة من التاريخ الإسلامي، وتبعد عنه قليلا نافورة في وسط صحن الجامع، لها عبق مميز، فالزائر لأول مرة للمسجد، يلفت انتباهه رقرقرة الماء الصافي، وهو ما يزيد من بهاء هذا الجامع الذي يعتبر أول قطعة تحررت في الجزائر، بعد استرجاعه سنة 1945 من طرف أهل عنابة، وزاره أول أئمته آنذاك الشيخ محمد النمر، وقد تم غلق المسجد سنة 1994، بعد تعرضه لأضرار، بسبب انفجار باخرة السلاح في الميناء المحاذي له، ليعاد فتحه من جديد أمام المصليين والسياح. في سياق ذي صلة، قررت الجهات الوصية فتح الجامع أمام جموع المصلين لأداء صلاة التراويح، وفي هذه الأجواء، يجد سكان المناطق المجاوزة حلاة وأنسا طيلة أيام رمضان، حيث تصدح المأذنة بصوت المؤذن وتلاوة القرآن بأصوات جميلة، يتردد صداها بين المباني المتراصة بالمدينة القديمة "بلاص دارم"، وهو ما سيزيد من رقة القلوب في شهر الرحمة، خاصة أن بعض سكان "بلاص دارم" يحنون لمثل هذه الفضاءات الدينية، التي تأخذهم إلى زمن بعيد، يذكرهم بلمة الجيران وإعدادهم لبعض المأكولات التي كانت تقدم وقتها للمصلين بعد صلاة التراويح، وهي العادة التي لم تعد موجودة، رغم بقاء شموخ هذا الجامع في نفس المكان. ولإنقاذ هذا الصرح الديني القديم، الذي تعرضت بعض جدرانه للانهيار، خصصت الدولة لتهيئته نحو 14 مليار سنتيم، وقد تم ترميمه، مع الحفاظ على الطراز الإسلامي. علما أن وزارة الثقافة صنفته ضمن المعالم الوطنية، باعتباره من أقدم المساجد في الجزائر.