كشف المدير العام للضرائب السيد عبد الرحمان راوية أمس عزم الحكومة على إجراء تخفيضات في معدلات الأوعية الضريبية المعتمدة حاليا وذلك عبر مراحل تمتد إلى غاية 2012 قصد تحسين القدرة الشرائية للمواطن وتشجيع الاستثمار الوطني والأجنبي. وقال السيد راوية في تصريح للصحافة بإقامة الميثاق على هامش أشغال اليومين البرلمانيين حول "السياسية الجبائية ونجاعة المؤسسة الاقتصادية" أن الحكومة قررت الشروع في إعادة النظر في معدلات مختلف أنواع الضرائب المعتمدة حاليا سواء الموجهة للأشخاص الطبيعيين أو المؤسسات ذات رأس المال المتوسط أوالمؤسسات الكبرى. وتدخل هذه الإجراءات حسب المدير العام للضرائب في إطار الإصلاحات التي باشرتها الحكومة لجعل النظام الجبائي أكثر مرونة ويساهم في جلب دافعي الضرائب دون اللجوء إلى اتخاذ تدابير في حقهم، وذكر في هذا السياق بالنتائج الإيجابية التي تحققت عند تخفيض الضريبة الموجهة لتأجير السكنات مما جعل المواطنين يصرحون بالسعر الحقيقي للكراء ويدفعون الضريبة في الآجال المحددة. وحول الأجندة المحددة من طرف مديرية الضرائب لتنفيذ هذا البرنامج أكد السيد راوية أن الملف مطروح لتنفيذه خلال السنوات الثلاث القادمة. وتندرج التدابير الجديدة المسجلة في برنامج الحكومة في إطار تصور شامل يرمي إلى تحسين القدرة الشرائية للمواطن ومن غير المستبعد أن يتم اللجوء الى إلغاء الضريبة على الدخل بالنسبة للذين يتقاضون الأجر الوطني المضمون والمقدر حاليا ب12 ألف دينار والذي ينتظر أن يتم رفعه خلال اجتماع الثلاثية القادم. وكانت الحكومة ألغت الضريبة على الدخل بالنسبة للرواتب الضعيفة والتي لا تتجاوز 10 آلاف دينار بهدف تحسين القدرة المعيشية للمواطن. وفي هذا الموضوع بالذات لمح السيد مصطفى مقيدش عضو المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي في تدخله خلال النقاش إلى إجراءات جديدة سيتم اتخاذها في المستقبل تخص إلغاء الضريبة على الدخل بالنسبة لشريحة واسعة من العمال وبخاصة أولئك الذين يتقاضون أجورا متدنية لا تتجاوز الأجر الوطني الأدنى المضمون. ولن يقتصر توجه الحكومة نحو تخفيض معدلات الضريبة المعتمدة حاليا على الضريبة على الدخل أو تلك الخاصة بالأشخاص الطبيعيين فحسب بل ستمتد أيضا حسب توضيحات السيد راوية لتشمل الضريبة الخاصة بالأشخاص المعنويين أي الشركات سواء المتوسطة أو الكبرى، وتدخل هذه الإجراءات في سياق تحفيز الشركات على الاستثمار والاستفادة من امتيازات تضمنها السوق الوطنية مقابل إقامة مشاريع تساهم في الحركية الاقتصادية وفي امتصاص البطالة. وفي موضوع آخر نفى المدير العام للضرائب أن تكون مصالحه تلقت تعليمات للتخلي عن إجراء عمليات مراقبة لعملية تحويل رؤوس الأموال إلى الخارج من طرف الشركات الأجنبية وقال "ذهلت لما اطلعت على مثل هذه المعلومات... أنفيها نفيا قاطعا فنحن نقوم بنشاطنا في هذا المجال بما تمليه القوانين الوطنية"، وأضاف أن عملية مراقبة حركة رؤوس الأموال تتم بالنسبة كل الشركات سواء الوطنية أو الأجنبية منها. كما نفى من جهة أخرى التراجع عن الإجراءت المتخذة بخصوص حركة أموال الشركات الأجنبية حيث تم فرض ضريبة تقدر ب30 بالمائة على تحويل أرباح هذه الشركات إلى الخارج في طريقة لحملها على توظيف جزء من أرباحها في الداخل. وحسب تقديرات رسمية فقد بلغت تحويلات هذه الشركات في سنة 2008 ما يصل حوالي 5 ملايير دولار أمريكي. وأكد السيد راوية أن الإصلاحات التي باشرتها الحكومة منذ 1999 سمحت للنظام الجبائي الوطني بأن يكون من أفضل الأنظمة في العالم، كونه أصبح يتميز بالمرونة. ومن جهة أخرى وخلال أشغال اليومين البرلمانيين اللذين بادرت إلى تنظيمها لجنة المالية بالمجلس الشعبي الوطني دعا خبراء وبرلمانيون ورجال أعمال إلى ضرورة مواصلة إصلاح النظام الجبائي الجزائري لإضفاء مزيد من الانسجام على النصوص والتأقلم مع التطورات الاقتصادية الجارية في البلاد وإقامة جسور حوار بين المسئولين عن الإدارة الجبائية ودافعي الضرائب. واقترح الأستاذ علي بسعد في محاضرة له إعادة النظر في الكثير من الضرائب التي يجري العمل بها حاليا ومنها الضريبة على أرباح المؤسسات والتفكير في جدوى الضريبة على النشاط المهني التي توجه مداخيلها أساسا لدعم الجماعات المحلية. واقترح الباحث أيضا وضع آليات جديدة لتقييم الإنفاق الضريبي وكذا مكافحة التهرب الجبائي للحفاظ على مصالح الدولة والجماعة الوطنية.