يحيي المركز الثقافي الجزائري بباريس، الذكرى ال68 للثورة التحريرية، من خلال برنامج خاص يكشف تاريخا أسود للاستعمار الفرنسي في الجزائر، وما خلفه من مآس، بعضها بقيت آثارها لما بعد الاستقلال.. صور من هذا التاريخ سيقف عليها ضيفا المركز، وهما السعيد عولمي وأحمد بجاوي، اللذين سيلتقيان مع الجمهور في عروض مصورة مع محاضرات ونقاشات في صميم هذا التاريخ الوطني. في إطار الاحتفالات المخلدة للثورة، سينزل المخرج المعروف السعيد عولمي غدا الثلاثاء ابتداء من السابعة مساء، ضيفا على المركز الثقافي الجزائري بباريس، لعرض فيلمه الوثائقي "العودة" (ساعة و18 دقيقة)، وهو عمل وثائقي أكاديمي دام نحو تسع سنوات من التحضير والتصوير، ويتناول إحدى صفحات الذاكرة، حيث يعود لأيام قاسية عاشها الجزائريون الذين تم نفيهم إلى كاليدونيا الجديدة، أواخر القرن التاسع عشر (1864 – 1897) من قبل المستعمر الفرنسي، ونالت منهم أيادي البطش والنفي والتعذيب. يقدم الفيلم شهادات حية لأحفاد الجزائريين بكاليدونيا، الذين يروون معاناتهم من آثار الويلات التي تعرض لها أجدادهم مع تعلقهم الشديد بأصولهم على أرض الجزائر، كما يصور الفيلم عودة أحفاد المنفيين لزيارة أرض الأجداد، وملاقاة أهلهم وأقاربهم فيها وبعدة ولايات. أنتج الفيلم الوثائقي "العودة" سنة 2018، في إطار سلسلة الأفلام الوثائقية الرامية إلى حفظ الذاكرة، ويتناول قضية النفي الذي سلطته فرنسا الاستعمارية على الجزائريين الذين ثاروا ضد الاحتلال، فكان مصير أكثر من 2000 جزائري من مزارعين وملاك الأراضي ورجال دين النفي إلى كاليدونيا، في رحلة دامت ما بين 4 و6 أشهر، في ظروف جهنمية. كما يعرض عولمي يوم 9 نوفمبر الجاري بنفس المركز، فيلمه "على آثار المحتشدات"، الذي يروي عبر ساعة و41 دقيقة، قيام الاستعمار الفرنسي بترحيل وتهجير نحو 3 ملايين جزائري، أغلبهم شيوخ ونساء وأطفال، ووضعهم داخل المحتشدات من أجل عزل جيش التحرير الوطني عن السكان، تحت المراقبة الكاملة للجيش الفرنسي. يتطرق الفيلم إلى الظروف المأساوية واللاإنسانية التي عاشها نحو 40 بالمائة من السكان الجزائريين، الذين ألزموا على مغادرة قراهم وأراضيهم قهرا. ويعتمد المخرج عولمي على شهادات حية، بالإضافة إلى الصور والوثائق والأرشيف التي تكشف كل أشكال العنف والإهانة. كما يستقبل المركز الثقافي الجزائري بباريس، يوم الجمعة 18 نوفمبر، الناقد السينمائي أحمد بجاوي، ليلقي محاضرة بعنوان "دور الصورة في حرب التحرير الوطنية حرب الصورة"، وستكون متبوعة بحفل توقيع لكتابه "السينما وحرب التحرير"، الذي صدر بالجزائر عن منشورات "الشهاب"، ويؤرخ لخمسين سنة من عمر السينما الجزائرية التي ولدت في الجبال، حينما اشتعلت معركة الصورة وأدرك قادة الثورة أهميتها في مواجهة الدعاية الاستعمارية، فكانت الصورة منطلقا لإرساء صناعة سينمائية، حملت القضية الوطنية وسعت لتسويق والمرافعة عن القضية الجزائرية خلال الثورة، وتدوين بطولات الكفاح الوطني وتخليد أبطاله بعد الاستقلال.