قدمت الممثلة والمخرجة المسرحية صونيا في أول العروض الخاصة بالمهرجان الوطني للمسرح المحترف في طبعته الخامسة أول عمل تقوم بإخراجه وهي على رأس المسرح الجهوي لمدينة سكيكدة الذي دخل المنافسة المسرحية لأول مرة، والذي عنونته ب ''أمام أسوار المدينة'' من اقتباس وترجمه خالد بوعلي من مسرحية ''اللعنة الكبرى'' للمسرحي الألماني ''تكراند دوست'' أحداث النص الأصلي والمسرحية ككل تدور في طابع تراجيدي تتخلله بعض المشاهد الهزلية حول شخصية ''حورية الوازنة'' التي أدت دورها الممثلة نادية لعريني، هذه المرأة الضعيفة العاملة في بيت القاضي تحاول بكل ما أوتيت من قوة وحيلة وذكاء استرجاع زوجها الذي جند في صفوف جيش الإمبراطور، ورغم تلك الصعوبات والعراقيل والسخرية التي تواجهها أمام أسوار تلك المدينة من الجنود وقائد الجيش، إلا أنها لم تيأس ولم تستسلم لذلك الجدار الهائل الذي يقف بينها وبين فرحها وأملها، بل وحاولت بمساعدة جندي لا تعرفه أصلا أدى دوره الممثل الشاب بوهة سيف الدين· العرض ورغم بساطة الفكرة المجسدة فيه، إلا أنه يحمل في طياته أبعادا ورسائل رمزية جسدت أولها في السور الضخم الذي كان الديكور الوحيد على الركح وقدمه السينوغرافي عبد الرحمان زعبوبي، ويبرز بأجوبته الصامتة العوائق والمشاكل بغض النظر عن مصدرها والتي يمكن لها أن تكون معوقات تفصلنا عن الوصول إلى ما نصبو إليه· من جانب آخر، صورت شخصية حورية الوازنة بضعفها ومكانتها الاجتماعية البسيطة صوت التحدي والإرادة والمثابرة للوصول إلى الهدف المنشود، وكذا صوت الأمل والتمسك بأول قشة تصادفها أثناء الغرق من خلال دور ''حسان'' الذي قبل لعب دور الزوج المفقود رغم معرفته بأن مصيره الموت إن اكتشف أمره· أما عن ديكور المسرحية فقد كان معبرا عن الفكرة الرائعة، وجعل الجمهور والممثلة التي لعبت الدور الرئيسي في جانب والجنود والإمبراطور في الجانب الآخر وراء الجدار، ما ترك الجمهور يعيش أجواء المسرحية بداخله من جهة، وترك في أحيان أخرى الممثلين يؤدون أدوارهم معلقين في الهواء، هذه التجربة التي انفرد بها عبد الرحمان زعبوبي لصالح مسرح سكيكدة، وكسر بها روتين الديكور الأفقي في كل المسرحيات، ما لفت انتباه الجمهور العاصمي ونال إعجابه، هذا ما يجعل حظوظه كبيرة - حتى وإن كان الوقت مبكرا - في الحصول على جائزة أحسن سينوغرافيا·