حقّقت القضية الفلسطينية، مكسبا هاما في مواجهة المحتل الصهيوني، عبر البوابة الدبلوماسية، بتبني الجمعية العامة للأمم المتحدة، أمس، قرارا يطالب محكمة العدل الدولية بالنظر في مسألة الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية. ودعا نصّ القرار الذي أصدرته محكمة العدل الدولية بلاهاي، وحظي بتصويت 87 عضوا إلى تحديد العواقب القانونية لانتهاك الكيان الصهيوني المستمر لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، بالإضافة إلى إجراءاتها لتغيير التركيبة الديمغرافية لمدينة القدس وطابعها ووضعها. ورحب الطرف الفلسطيني بهذا القرار الذي يبعث وفق مندوب فلسطين لدى الأممالمتحدة، رياض منصور، رسالة إلى حكومة بنيامين نتانياهو الجديدة في شأن نيتها تعزيز السياسات "الاستيطانية والعنصرية"، مشيدا بالدول التي لم تخضع "للتهديدات والضغوط". وأكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أحمد مجدلاني، أن الدبلوماسية الفلسطينية، خاضت معركة قاسية في الأممالمتحدة في سبيل إقرار التوجه إلى محكمة العدل الدولية من أجل أخذ رأي استشاري في ماهية الاحتلال الصهيوني. وقال مجدلاني، إن المعركة لم تكن مع الكيان الصهيوني فقط، وإنما مع الولاياتالمتحدة التي استخدمت كل نفوذها وتأثيرها مع دول العالم لعدم التصويت لصالح القرار أو الامتناع عن التصويت. وأشار إلى أن الخطوة التالية تتمثل في الدور الذي يمكن أن تلعبه محكمة العدل الدولية، مبينا أن القرار الذي سيصدر رغم عدم إلزاميته سيشكل التزاما من الدول الأعضاء في الأممالمتحدة بشأن التعامل مع الاحتلال باعتباره شكلا من أشكال الفصل العنصري والاستعمار الاستيطاني. وأكد محمد الشلالدة، وزير العدل الفلسطيني، من جانبه أن الرأي الاستشاري من محكمة العدل الدولية سيكون توثيقا قانونيا للشعب الفلسطيني وهزيمة للقوة القائمة بالاحتلال وسيعيد القضية الفلسطينية إلى أصولها وهي أكبر انكشاف للصهيونية منذ المؤتمر الأول في بازل السويسرية عام 1897. وشدّد الشلالدة على أهمية الرأي الاستشاري الذي سيصدر كونه يمثل حجة ومرجعية لحل مشاكل القضية الفلسطينية ومن خلال الأممالمتحدة، يمكن تنفيذ القرارات الصادرة عنها. ورحبت حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" بتصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح القرار حول ماهية وجود الاحتلال الاستعماري الصهيوني في أرض دولة فلسطين بما فيها القدس. وتزامن إصدار مثل هذا القرار مع احياء الفلسطينيين للذكرى 58 لانطلاق الثورة الفلسطينية وأرض الاسراء والمعراج لا تزال صامدة وشامخة بتاريخها وحاضرها وشعبها المرابط الذي يدافع بالنفس والنفيس عن أرضه ومقدساته ويواجه محتلا صهيونيا تجاوز كل الخطوط الحمراء وانتهك كل المواثيق والشرائع. وأكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في كلمة مسجلة بثها التلفزيون الفلسطيني انه "كلما زاد طغيان المحتل كلما ازداد شعبنا قوة وعزيمة وإصرارا في مواجهة عدوانكم وإرهابكم وفي التمسك بأرضه وحقوقه الوطنية المشروعة". وبينما أكد بأن مخططات الكيان الصهيوني المتطرفة والعنصرية ستفشل بثبات الفلسطينيين على أرضهم بدليل اسقاطهم صفقة القرن، حذر الرئيس عباس من أن استمرار العدوان الصهيوني لن يحقق الأمن والسلام لأحد. وشدّد بالمقابل على أن السلام والأمن له طريق واحد هو أن يحصل الشعب الفلسطيني على حقوقه وأن يجسد دولته الحرة المستقلة كاملة السيادة على أرضه بعاصمتها الأبدية القدس الشرقية. ودعا الرئيس الفلسطيني الجميع إلى حوار وطني فلسطيني سياسي شامل في القريب العاجل للعمل والتصدي وتحمّل المسؤولية سويا والسير نحو تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني.