مع أن فكرة الأكل في المطاعم ليست حديثة ولكن الجديد حاليا هو تنوع المطاعم والأذواق، حيث تنتشرحاليا مطاعم صينية وهندية وشامية ومصرية بجانب المطاعم الجزائرية، وأي إنسان يحب التغييرما عليه إلّا قصد هذه المطاعم التي بدأت تشهد مؤخرا انتشارا ملحوظا بالعاصمة، فالأكل حاليا لم يعد مجرد سلعة خاضعة لقانون العرض والطلب فحسب، بل أصبح مرتبطا بالموضة والتجديد على حد سواء، فهناك في قاموس الأكل حاليا صيحات الماكدونالز والبيتزاهت، ما يعني أننا أصبحنا نتعامل مع نمط غذائي متجدد يختلف عن النمط الغذائي التقليدي المرتبط ببيئة الفرد وتماشيا مع السرعة المتناسبة مع النمط المعيشي بشكل عام· والملاحظ أن أغلب الوجبات بهذه المطاعم سواء الأجنبية أو المحلية التي اعتمدت على عصرنة برنامجها الغذائي، بحيث يتم دراسة مكونات الأغذية والاطعمة بعناية تبعا لذوق الجمهور العام حتى تكون مغرية ولذيذة، ولعل العامل وراء الانتشارالكبيرلهذه الوجبات هو حب التغيير، فالمواطن الجزائري مولع بالبحث عن الجديد وغيرالمألوف حتى في مجال الأكل والغذاء ودليله اتجاهه التلقائي الى اقتناء معلبات الأغذية الجاهزة من المتاجر والأسواق المصغرة التي انتشرت هي الأخرى بشكل ملفت في الآونة الأخيرة، وذلك رغم علمه المسبق أن مثل تلك الأطعمة تفتقر إلى العناصر الغذائية المهمة لأنها تعتمد على الاشباع الوهمي أو الاحساس المؤقت بالشبع ثم سرعان ما يشعر المستهلك بأنه جائع، خصوصا مع وجود المشروبات الغازية، ثم تكون النتيجة الوقوع في شرك هذه الدورة السريعة والمكلفة مرارا وتكرارا· ولايختلف اثنان أن الجشع التجاري والتطور التكنولوجي في تصنيع الغذاء يؤثران بالسلب على الصحة العمومية، خصوصا أن معظم الوجبات المصنعة والمتداولة في أغلب المطاعم تفتقرإلى عناصرغذائية أساسية كالاملاح والفيتامينات، بل وتخلو عادة من وجود الخضروات والفواكه، ما يجعل نسبة كبيرة من المواطنين يعانون أمراض الأنيميا والسكري وضغط الدم· ووعيا منها بخطورة هذا الوضع، بادرت وزارة الصحة مؤخرا للإعلان عن برنامج وطني لترقية استهلاك الخضر والفواكه، والذي جاء كنتيجة لدراسة قامت بها نفس الجهة حول غذاء الجزائريين نهاية العام المنصرم وتوصلت إلى أن التغذية غير المتوازنة هي العامل الأول الذي يمثل خطورة في التعرض إلى الاصابة بالأمراض غير المتنقلة، وأن مصدر تلك الأغذية، المطاعم ومحلات الأكل السريع والمشبعة بالدهون والدسم· والبرنامج الوطني لترقية استهلاك الخضر والفواكه من المنتظر البدء فيه خلال الأسابيع القليلة القادمة·وفي انتظار ترقية صحة المواطن عن طريق تطبيق هذا البرنامج الذي يهدف بالدرجة الأولى إلى تحسيس الفرد بمجتمعنا حول أهمية رفع معدل استهلاكه اليومي للخضر والفواكه، فإن السؤال الذي يطرح نفسه يدور حول البديل، فالعامل أو الموظف الذي لا توفرله مؤسسته مطعما يضم برنامجا غذائيا متنوعا على مدار الأسبوع باشتراك شهري، أو حتى تهيئ له ظروفا مناسبة لتحضير وجبات خفيفة، فإنه بالتأكيد سيتوجه صوب هذه المطاعم ومحلات "الفاست فود" كلّ حسب جيبه، وهذا هو المؤكد·