تنطلق اليوم، بمقر الاتحاد الإفريقي بالعاصمة الإثيوبية، أديس أبابا، وعلى مدار يومين أشغال القمة 36 لرؤساء دول وحكومات الهيئة الافريقية تحت شعار "تسريع مسار تفعيل اتفاقية التجارة الحرة القارية الافريقية" وعلى جدول أعمالها نقاط أخرى، أبرزها التقدم المحرز في مبادرة إسكات البنادق في ظل ما تعانيه عدة دول افريقية من انقلابات مستمرة وتحديات الأمن الغذائي التي فجرتها تبعات الحرب في أوكرانيا. وعشية انطلاق القمة، أعلنت الحكومة الاثيوبية عن حضور 35 رئيس دولة وأربعة رؤساء حكومات في أشغال القمة يعكفون على مدار يومين على بحث سبل تسريع اقامة منطقة التجارة الحرة لما لها من أهمية في استقلالية القارة وتحررها تدريجيا من التبعية للعالم الغربي. كما تبحث القمة ملفات اقتصادية أخرى وسياسية، مع تقييم خطة التنفيذ للسنوات العشر الأولى ووضع خطة التنفيذ العشرية الثانية من رؤية الاتحاد الإفريقي التي تمتد حتى 2063. ويسعى القادة الأفارقة إلى إنشاء هذه المنطقة التي تضم سوقا بتعداد 1,3 مليار نسمة بما يجعلها أكبر سوق عالمية بناتج دخل محلي يصل إلى 3400 مليار دولار والتي كان من المفروض أن تدخل حيز التنفيذ بداية جويلية 2020، غير أن الاجراءات التقييدية التي فرضتها جائحة كورونا أجل موعد إطلاقها. وبينما يرى متتبعون أن اقامة المنطقة من شأنه تعزيز التجارة البنينية وجذب مزيدا من المستثمرين، أكد البنك الدولي، أنها ستخلق بحلول عام 2035 ما لا يقل عن 18 مليون وظيفة إضافية و"يمكن أن تساعد في انتشال ما يصل إلى 50 مليون شخص من الفقر المدقع". ويطمح القادة الأفارقة من خلال سعيهم إلى تسريع وتيرة تنفيذ منطقة التجارة الحرة الإفريقية إلى تخليص ما لا يقل عن 90 مليون شخص في إفريقيا من الفقر بالاعتماد على تعزيز التجارة بين بلدان القارة وإزالة الحواجز الجمركية بينها. في خطوة ترمي إلى زيادة الدخل القاري بحوالي 450 مليار دولار بحلول عام 2035. ويأمل الاتحاد الإفريقي، حسبما جاء في تقرير له، بأن يؤدي التطبيق الناجح والفعال لمنطقة التجارة الحرة إلى استحداث مزيد من مناصب العمل التي تسمح للملايين من سكان القارة بتحسين مستوى معيشتهم وتحقيق التنمية المستدامة التي تعد أحد الأهداف المشتركة التي يجتمع عندها قادة القارة. ومن المتوقع أن يسمح اعتماد الاتحاد الإفريقي سنة 2023 لموضوعي "تسريع تنفيذ منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية" و«التصنيع الشامل للقارة" بإعطاء دفع ملموس لهذا الهدف الشامل وتحقيق الاستفادة القصوى منه. وهو ما يجعل من منطقة التجارة الحرة الإفريقية أحد الحلول التي من شأنها دعم الإصلاحات الاقتصادية ودعم الالتزامات السياسية بالعديد من دول القارة، ويجعل منها المنطلق لإسقاطات تنموية متعددة الأبعاد على الشعوب الإفريقية التي لطالما عانت ولا تزال من وقع الحروب والنزاعات والفقر. فمن خلال تداخلاتها مع القطاعات الاقتصادية الهامة الأخرى، ستعمل منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية على تعزيز التقدم في تنفيذ مرامي أخرى كتوفير البيئة المستقرة والآمنة للأعمال التجارية وتمكين المستثمرين من تقديم التزامات طويلة الأمد، إضافة إلى تعزيز الروابط الاقتصادية والاجتماعية بين بلدان القارة. ويمكن لهذه المنطقة أن تساهم في إرساء السلم والأمن اللذين يعدان شرطين أساسيين مسبقين لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام والتنمية من خلال تجسيد مسارات تنموية سريعة وفعالة تحد من التوترات التي قد تعصف بالمجهودات المبذولة في هذا المنحى. كما ينظر إلى هذا التكتل الاقتصادي الذي يعتبر سوقا واعدة، في حال تجسيدها مثلما هو مأمول له، كفرصة تمكن إفريقيا من رسم شروط جديدة والتمتع بمميزات أفضل في تعاملها مع القوى الاقتصادية العظمى من خلال استغلال أمثل للقدرات والإمكانيات التي تزخر بها. يذكر أن 44 دولة إفريقية صادقت إلى حد الآن على اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية بحكم إيداعها لوثائق التصديق عليها، بينما يبلغ عدد الدول الموقعة عليها 54 دولة عضوا في الاتفاقية.