باعترافات جديدة أقل ما يقال عنها إنها صادمة، ورّط النائب الأوروبي السابق، بيير أنطونيو بانزيري، بالحجج والأدلة الدامغة نظام المخزن أكثر فأكثر في فضحية الفساد التي عصفت بالبرلمان الأوروبي والمعروفة إعلاميا باسم "ماروك غايت". وكشف بانزيري، في إطار التحقيق الجاري بخصوص هذه القضية، عن معلومات جديدة سرّبتها الشرطة القضائية البلجيكية الفيدرالية في العاصمة الأوروبية بروكسل لبعض الصحف الأوروبية، من بينها صحيفة "كناك" المحلية، تبين تورط نظام المخزن في الفضيحة عبر سفيره في العاصمة البولندية وارسو، عبد الرحيم عثمون، الذي سبق له العمل مع النائب الإيطالي السابق في البرلمان الأوروبي. وأدلى بانزيري بالمعلومات المسرّبة إلى باحثين من الجهاز المركزي البلجيكي لمكافحة الفساد، بحضور محام ومترجم، حيث اعترف عن قبض ما لا يقل عن 180 ألف أورو نقدا، بالإضافة إلى الهدايا والرحلات السياحية على حساب النظام المغربي. وكل ذلك مقابل الدفاع عن مصالح الرباط على مستوى البرلمان الأوروبي وعلى رأس ما هو مطلوب منه الترويج لأطروحة المغرب المزعومة للصحراء الغربية التي يستنزف المخزن ثرواتها الطبيعية وخيراتها البحرية بتواطؤ من قبل الأوروبيين. ويقول النائب الايطالي السابق في البرلمان الأوروبي إنه "في عام 2009، عندما أعيد انتخابه لعضوية البرلمان الأوروبي، أصبح إحدى الشخصيات المهمة في الدبلوماسية الأوروبية في الرباط. وأصبح رئيسا للجنة العلاقات مع البلدان المغاربية وكذا رئيسا للجنة البرلمانية المشتركة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب. وهي المهمة التي فتحت له الطريق للتعرف على، عبد الرحيم عثمون، الذي ترأس معه مناصفة اللجنة البرلمانية المشتركة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب بداية من عام 2011"، مع العلم أن عثمون كان عضوا في البرلمان المغربي منذ عام 2003 وكان يسافر بين المغرب وفرنسا باستمرار ويتحدث الإيطالية بطلاقة بما سهل له ذلك التواصل بين الرجلين. ويؤكد بانزيري في اعترافاته أن "المودة بينه وبين النائب المغربي حينها عبد الرحيم عثمون الذي يشغل حاليا منصب سفير في بولندا، كانت متبادلة، وقد توطدت في ميلانو حيث يملك المسؤول المغربي ناديا للجاز، سرعان ما تحوّل قبل فترة وجيزة من الانتخابات الأوروبية لعام 2014، إلى مركز لتوحيد الشتات المغربي الذي يمكنه التصويت في إيطاليا". ورغم تغيير بانزيري لمنصبه في فيفري 2017 إلى رئاسة اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان، إلا أن ذلك لم يمنعه من الحفاظ على علاقات جيدة مع عبد الرحيم عثمون ومع المغرب. وأدلى بنزيري بهذه التصريحات الصادمة في إطار الإيفاء بتعهده للعدالة البلجيكية للتعاون معها من أجل كشف حيثيات تلك الفضيحة المدوية، التي هندستها المخابرات المغربية من خلال شراء ذمم بعض النواب الأوروبيين بالمال لتحقيق مكاسب سياسية، مقابل تخفيف العقوبات المتوقع صدورها بحقه. وأكد للمحققين أنه بين عام 2017 ونهاية ولايته في جويلية 2019، تمت دعوة بانزيري إلى الدار البيضاء ومراكش عدة مرات في إقامة دامت لمدة أسبوع في أفخم فندق المغرب على حساب نظام المخزن. وعندما قرّر بانزيري عدم الترشح مرة أخرى للبرلمان الأوروبي في ماي 2019، أسّس منظمة غير ربحية تحت مسمى "جمعية محاربة الإفلات من العقاب" في بروكسل، وحافظ على علاقات "جيدة" مع المخزن. وحسب أقواله للمحققين فإنه أراد أيضا الاقتراب من الأعضاء المنتخبين في البرلمان الأوروبي باقتراحه أربعة أسماء على المغربي، عبد الرحيم عثمون، بحسب شهادته. وهم براندو بينيفي وأليساندرا موريتي وأندريا كوزولينو ونائبا رابعا، لم يذكر اسمه، لكنه أكد استعداد النواب الأربعة للتعاون. وتكشف الاعترافات أنه ورغم أن بانزيري لم يعد في البرلمان الأوروبي منذ جويلية 2019، إلا أنه قرّر في أكتوبر أو نوفمبر من نفس العام هو ومساعده، فرانشيسكو جيورجي، التوقف عن العمل مجانا. ورتبا لقاء مع عثمون في مطعم في بروكسل بالقرب من منزل بانزيري خلص إلى أن يحصل كل من بانزيري ومساعده جيورجي على50 ألف أورو سنويا.