اشتدت حدة المواجهات المسلحة أمس، في السودان بين الفرقاء العسكريين المتنازعين على السلطة والتي خلفت بعد ثلاثة أيام من اندلاعها قرابة مئة قتيل في صفوف المدنيين، ناهيك عن مئات الجرحى في حصيلة تبقى مرشحة للارتفاع في ظل بقاء صوت الرصاص هو الغالب في المشهد السوداني. أعلنت لجنة الأطباء السودانيين في بيان أمس، ارتفاع حصيلة قتلى الاشتباكات المسلحة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في يومها الثالث إلى 97 مدنيا، مشيرة إلى أن الحصيلة تستثني القتلى الذين تعذر نقلهم إلى المستشفيات جراء المواجهات المسلحة. وبسبب ضراوة القتال الذي تستخدم فيه الأسلحة الثقيلة وطيران حربي وقذائف صاروخية ومدفعية، فقد تم إجلاء مستشفيين بالعاصمة الخرطوم بعد تعرضهما لقذائف صاروخية عشوائية. بينما حذر أطباء من انعدام وسائل إسعاف الجرحى بما فيها انعدام أكياس الدم. وهو ما ينذر بكارثة إنسانية على الأبواب في حال استمرار الاشتباكات المسلحة التي يذهب ضحيتها العزل من المدنيين. بالتزامن مع ذلك أعلن الجيش السوداني أمس، نشره الآلاف من قواته في الخرطوم للقيام بعمليات تمشيط في أعقاب شنه ما أسماها بعملية "الحسم الجوية"، مؤكدا سقوط بعض المواقع في يد قوات الدعم السريع والتي سرعان ما تم استعادتها. وقال المتحدث باسم القوات المسلحة السودانية، نبيل عبد الله، إن المعارك في العاصمة الخرطوم "اقتصرت على اشتباكات ومناوشات تدور في محيط القيادة العامة للجيش ووسط الخرطوم والقصر الجمهوري"، مشيرا إلى أن "هناك أعمال قنص تقوم بها عناصر الدعم السريع من أعلى أسطح مبان مدنية ومقرات حكومية وأن الجيش يتعامل معها باحترافية، حيث لا يمكن ضرب هذه المباني بالسلاح الثقيل". وتواصلت لليوم الثالث على التوالي الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم ومدن سودانية أخرى وسط دعوات محلية ودولية بالوقف الفوري للاقتتال. وأدان مجلس السلم والأمن الإفريقي "بشدة" استمرار المواجهات المسلحة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في جميع أنحاء السودان والتي أسفرت عن خسائر في الأرواح وإصابات في صفوف المدنيين. ودعا طرفي الصراع الى تبنى حوار شامل في أقرب وقت لحل الخلافات. وأضاف المجلس أنه يتابع بقلق وانزعاج كبيرين الاشتباكات الدامية بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع التي وصلت إلى مستوى خطير ويمكن أن تتصاعد إلى نزاع كامل مما يقوض التقدم المحرز نحو الانتقال السلمي للديمقراطية والاستقرار في السودان". ودعا المجلس الطرفين إلى "وقف فوري لإطلاق النار دون شروط بما يحقق المصلحة العليا للسودان وشعبه وتفادي إراقة مزيد الدماء وإلحاق الأذى بالمدنيين الأبرياء وتقديم الدعم الإنساني للمدنيين المحاصرين في النزاع". وطالب المنتظم الإفريقي، القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع ب«تبني حل سلمي وحوار شامل على وجه السرعة لحل خلافاتهما كوسيلة لتعزيز الاستقرار واحترام رغبات شعب السودان في استعادة الديمقراطية والدستورية وسيادة القانون والحرية". واندلعت منذ السبت الأخير مواجهات مسلحة في العاصمة الخرطوم سرعان ما توسع نطاقها الى مدن سودانية أخرى بين الجيش السوداني الذي يقوده الجنرال عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة الجنرال محمد حمدان داغلو. وتبادل الجانبان اتهامات بالتسبب في اندلاع شرارة الاشتباكات على خلفية خلافات بين القوتين العسكريتين بدأت منذ يوم الأربعاء الماضي، في منطقة مروي شمال السودان، بعد أن نقلت قوات الدعم السريع آليات عسكرية إلى موقع قريب من القاعدة الجوية العسكرية للجيش هناك. وهو ما اعتبره الأخير "تحركا غير قانوني".