يحي الفلسطينيون اليوم الذكرى 75 ل«النكبة" التي أعادت إلى أذهانهم عمليات التقتيل الممنهج والتهجير القسري، الذي تعرض له أجدادهم وآباؤهم من مدنهم وقراهم على يد عصابات صهيونية إجرامية سعت بقوة الحديد والنار إلى طمس الهوية الفلسطينية واقتلاع جذورها، ضمن مخطط واصلت حكومات الاحتلال المتعاقبة على نهجه طيلة ثمانية عقود مقابل مقاومة أثبتت صمودها على مرّ الزمن وعززها تمسك وتشبت الفلسطينيين القوي بأرضهم وحلمهم في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدسالمحتلة. ويطلق الفلسطينيون مصطلح "النكبة" على اليوم الذي أعلن فيه عن ميلاد كيان صهيوني في قلب الأمة العربية والإسلامية على أرض فلسطين التاريخية في 15 ماي 1948 عبر إحلال جماعات وأفراد من شتى بقاع العالم مكان أصحاب الأرض الأصليين في "أكبر عملية تطهير عرقي شهدها القرن العشرين". ونفذت عصابات صهيونية، في ذلك اليوم المشؤوم، أكثر من 70 مجزرة راح ضحيتها نحو 15 ألف فلسطيني وتعرض قرابة 4700 آخرين للاعتقال. كما عمدت تلك العصابات إلى تدمير 531 من أصل 774 قرية ومدينة فلسطينية وتشريد قسرا وبالقوة نحو 800 ألف فلسطيني إلى الضفة الغربية وقطاع غزة والى الأردن ولبنان وسوريا. وهو ما جعل "قضية اللجوء الفلسطيني" بحسب ما أكده رئيس لجنة اللاجئين في المجلس التشريعي الفلسطيني ووزير شؤون اللاجئين الأسبق، عاطف عدوان، هي "جوهر الصراع مع الاحتلال وشكلت أكبر معاناة للشعب الفلسطيني". وأشار مركز المعلومات الوطني الفلسطيني إلى أن الفلسطينيين أصبحوا يشكلون اليوم نحو 49.9% من السكان المقيمين في فلسطين التاريخية، فيما يشكل اليهود ما نسبته 50.1% ويستغلون أكثر من 85% من المساحة الكلية لفلسطين التاريخية. واختار الفلسطينيون شعار "النكبة جريمة مستمرة والعودة حق" لتخليد فعاليات الذكرى 75 للنكبة لهذا العام وذلك عبر تنظيم فعاليات شعبية ومسيرات جماهرية تحمل رسائل سياسية موحدة للتعبير عن تمسكهم بحقهم في العودة إلى ديارهم التي هجروا منها قسرا كما تقره الأممالمتحدة في اللائحة رقم 194. وفي هذا السياق، دشن الفلسطينيون في 12 ماي الجاري أكبر حملة إعلامية متعددة اللغات على مواقع التواصل الاجتماعي تحت شعار "النكبة جريمة مستمرة والعودة حق" وحملة مناصرة دولية لدعم الخطاب المرتقب للرئيس الفلسطيني محمود عباس في الأممالمتحدة اليوم بمناسبة هذه الذكرى والذي يتضمن مراجعة وافية للمآسي التي تعرّض لها شعب بلاده منذ الاستيلاء على أرضه وطرده من دياره ومدنه وقراه وتحويله إلى لاجئ. ويأتي خطاب الرئيس عباس المنتظر أمام الجمعية العامة الأممية بعد أن اعتمدت هذه الأخيرة في 30 نوفمبر الماضي قرارا بعقد جلسة خاصة رفيعة المستوى اليوم، لإحياء الذكرى في سابقة هي الأولى منذ عام 1948حصل على تأييد 90 دولة. وتشهد جلسة التضامن الرسمية مع الشعب الفلسطيني في الجمعية العامة الأممية، تدخل ممثلين عن المجموعات الإقليمية وعديد الدول التي ستعرب عن مؤازرتها لحقوق الشعب الفلسطيني وخاصة حقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. كما ستنظم في قاعة الجمعية العامة الأممية أنشطة ثقافية تعبر عن التصاق الفلسطينيين بأرضهم وثقافتهم وتاريخهم دون أن يتمكن الاحتلال الصهيوني أن يهز ويزعزع هذا الانتماء.