تحتضن قاعة "فرانس فانون" برياض الفتح، إلى غاية 12 جويلية الجاري، معرضا تشكيليا جماعيا بعنوان "ذكرى وحرية"، بمشاركة 23 فنانا من مختلف المدارس والتيارات، قدموا إبداعاتهم في الجمال والتراث والتاريخ والمجتمع بتفاصيل موقعة بالألوان والخطوط والظلال، وبصمة كل لوحة بدت واضحة، تعبر عن صاحبها وتترجم أفكاره وأحاسيسه. التقت "المساء"، حين دخولها الرواق بمحافظ المعرض الفنان عبد الرحمن كحلان، الذي أشار إلى أن هذه الفعالية تقام بمناسبة الاحتفال بعيد استرجاع السيادة الوطنية، وحرص فيها على جمع الفنانين التشكيليين الجزائريين من مختلف التيارات الفنية، علما أن أغلبهم من الفنانين العصاميين، مع ترك المجال حرا لهم، كي يختاروا المواضيع التي يقدمونها، كما أضاف أن هناك لوحة ضخمة يشارك فيها الفنانون، منهم هو، تخلد ذكرى الاستقلال، وقفت "المساء" على الجوانب التي اكتملت فيها. قال الفنان كحلان "أنا كفنان عصامي، تجاوز مشواري الثلاثة عقود، أحاول دوما تقديم يد العون للفنانين العصاميين الذين يعيشون في الظل، وليس لديهم أي إطار رسمي ينشطون ضمنه، وأسعى إلى ترسيخ حضورهم في الساحة الفنية الجزائرية، ورأيت، حسب تجربتي، أن الفنان العصامي قد يتجاوز في إبداعه ذلك المحترف، من خلال اجتهاده الدائم في البحث والتنقيب عن التقنيات والألوان والمواضيع، بل وأحيانا يكون الهاوي مصدر إلهام للفنان المحترف، يأخذ منه التقنيات والمواضيع، وقد شاركت أنا ومجموعة من الفنانين العصاميين في معرض ضخم بقصر الثقافة "مفدي زكريا"، واكتشف الجمهور إمكانياتهم وإبداعاتهم". بالنسبة لهذا المعرض، أكد محدث "المساء"، أن العصاميين فيه أبدعوا كالعادة، وقال إنهم يتبعونه ويقدرونه، وهم يبحثون دوما عن فرصة للعرض والظهور التي قلما يجدونها. ضم المعرض الكثير من اللوحات من مختلف المدارس الفنية والأشكال والأحجام، اختلفت في مضامينها، ومن الفنانين المشاركين، هناك جمال الدين مبرك الذي قدم بعض البورتريهات، تحمل عبق التراث، منها لوحة لفارس فوق جواده الأصيل بالزي البدوي في استعراض الفانتازيا، من اللوحات أيضا لوحة "الرجل الأزرق الترقي"، التي كانت غاية في الدقة والإبداع، وتبدو فيها ألوانه الطبيعية الترابية، منها لون القهوة، هناك أيضا لوحة هي لوحة المؤذن، وهو ينادي للصلاة، حيث تبرز المدرسة الكلاسيكية بجلاء. يحضر الفنان قمرود أيضا بتجربته الثرية، ليعرض كعادته في لوحاته مجموعة من القيم والأفكار التي لها علاقة بفلسفة الحياة، والوجود والنفس البشرية. واختار التشكيلي الأسلوب التجريدي، ليوظف الكثير من الأفكار والرموز المؤطرة بأشكال هندسية مختلفة، من منحنيات أو مكعبات وخطوط ودوائر، وهي بأبعاد مختلفة تتحول وفقا للأشكال التي تحويها، كما استعان الفنان بألوان الضوء، منها الأصفر، إضافة إلى تقنيات مختلطة يتصدرها التجريدي الذي كان هو الغالب، كما كان الحال في "ظل الزهرة" مثلا. هيمنت المرأة بكل مفاتنها وجلساتها في السمر والعزف والرقص والعطر على أعمال الفنان أحمد صالح بارة، أما الطيب بن عباس بختي، فاختار أشكالا مستوحاة من الفن التكعيبي، بألوان الرومانسية الهادئة الموضوعة على خلفيات قاتمة، تشبه فضاء الكون، مستعملا تقنية السكين والألوان الزيتية، لإعطاء انطباع التضاريس والحركات والآفاق. كما عرض التشكيلي العصامي وليد تيغيوارت، ثلاث لوحات حول تراث غرداية والقصبة وبوسعادة والآلات الموسيقية التقليدية الجزائرية. أما عبد الرحمن عزوقلي، فاقترح على زوار المعرض "أمي" و«شجرة الأماني"، مرفقتين بشعر مكتوب بالعربية والأمازيغية. من الفنانين المشاركين، هناك أيضا إلياس قيز ب"إمرأة بربرية" وسليمة ساحبي ب"الطبيعة الميتة" وخير الدين خلدون ب"واش دارو" وآمال عروسي ب"القصبة"، وحياة سيدو ب"حدائق العاصمة"، وغيرها الكثير من اللوحات والمواضيع.
