تنظم الجمعية الدينية للطريقة الطيبية سيدي الحسني بولاية وهران بالتنسيق مع فرقة الثقافة والاتصال لمخبر دراسات الاتصال بجامعة "عبد الحميد بن باديس" بمستغانم، اليوم الثلاثاء 1 أوت، يوما دراسيا حول "المواسم الثقافية الشعبية في الجزائر: الأدوار والدلالات الرمزية في راهن تواصلي متحوّل". وبالمناسبة، أشار الدكتور العربي بوعمامة منسق التظاهرة، إلى أن هذا اللقاء الذي يدوم يوما واحدا، سيتناول من خلال مداخلات أساتذة وباحثين في العلوم الإنسانية والاجتماعية، الأدوار الهامة التي تلعبها المواسم الشعبية الثقافية، ومنها الدينية، كموروث غير مادي في تعزيز الروابط الاجتماعية، وترسيخ قيم التعاون والتكافل بين أفراد المجتمع، مضيفا أن المواسم الثقافية الشعبية كظاهرة ثقافية ودينية، تكتسي، أيضا، طابعا اقتصاديا؛ لكونها تستقطب سنويا، أعدادا كبيرة من الراغبين في التعرف على خصائصها ومميزاتها؛ ما يضفي عليها قيمة سياحية، خاصة أنه غالبا ما تصاحبها أسواق يقصدها الزوار لاقتناء هدايا تذكارية. وأوضح مدير مخبر دراسات الاتصال بجامعة مستغانم خلال ندوة صحفية بمقر الزاوية الطيبية بحي سيدي الحسني بوهران، أن المواسم الثقافية الشعبية كانت على مرّ الأزمنة، تلعب أدوارا متنوعة حسب السياقات التاريخية؛ حيث كانت مناسبة، تمارس فيها جملة من الطقوس الاجتماعية، يعبّر المريد من خلالها، عن أفراحه التي يشاركها مع محيطه الاجتماعي، مع التذكير بدورها الهام خلال فترة الاستعمار الفرنسي؛ من خلال استغلالها كفضاء للاتصال بين قادة المقاومات الشعبية والمواطنين، ولتعبئة المواطنين، وتجنيدهم للكفاح ضد المستعمر. ومن جهته، يرى الشيخ شريف الوزاني مولاي حسان شيخ الطريقة الطيبية الجزائرية، أن اليوم الدراسي المزمع تنظيمه هذه السنة، سيكون فاتحة التظاهرة الدينية الثقافية (وعدة سيدي الحسني) التي تدوم 4 أيام، وستختتم السبت المقبل. وتشمل برنامجا دينيا وثقافيا وأكاديميا متنوعا. وأضاف أن التظاهرة تهدف إلى التعريف بالمرجعيات الدينية والروحية لمدينة وهران، وعلمائها، ودورهم في التربية والتعليم الديني عبر التاريخ، ودورها في مكافحة المستعمر الغاشم، وذلك بمشاركة ممثلين عن عدد من الطرق الصوفية الجزائرية؛ مثل الطريقة العلوية، والطريقة التجانية، والطريقة البوعبدلية، وغيرها، موضحا أن خلال الأيام الأربعة للتظاهرة، سيتم قراءة القرآن الكريم، والأحاديث النبوية، وتقديم مواعظ دينية. وانطلق القائمون على اليوم الدراسي من كون المواسم الشعبية الثقافية تصنَّف كموروث مادي، لعب أدوارا هامة في تعزيز الروابط الجماعية، وترسيخ قيم التعاون والتكافل بين أفراد المجتمع. كما تُعد مظهرا من مظاهر التنوع الثقافي، التي دفعت البعض إلى ارتيادها، والتعرف على خصائصها لما نضيف لها قيمة سياحية، خاصة أنه غالبا ما تصاحبها أسواق يقصدها الزوار لاقتناء ذكرى أو شيء؛ قصد التماس بركة الموسم مما يسمى "تجارة البركة". وقبل ذلك، فهي ظاهرة اجتماعية، لها امتدادها التاريخي في الهوية الثقافية للمجتمع الجزائري، تأخذ شرعيتها لاعتبارات اجتماعية وثقافية لا قيمها ورمزيتها ودلالتها الاجتماعية، التي جعلت المجتمع يتمسك بها، ويحافظ عليها؛ باعتبارها تعبّر عن أصالته، وتنقل جزءا من تاريخه. وأضاف المنظمون أن على مرّ الأزمنة لعبت هذه المواسم أدوارا متنوعة حسب السياقات التاريخية، فهي كانت مناسبة تمارَس فيها جملة من الطقوس الاجتماعية، يعبّر من خلالها الإنسان المحلي، عن أفراحه التي يشاركها مع محيطه الاجتماعي، أو مناسبة لاستقبال موسم من مواسم العام، بممارسات تظهر معه كعادة طقسية، وظاهرة احتفالية تحمل عدة مسميات؛ كالموسم، والوعدة وغيرهما. كما لعبت المواسم الشعبية دورا استراتيجيا خلال فترة الاستعمار الفرنسي؛ من خلال استغلالها كفضاء للاتصال لإعلان المقاومات الشعبية، وحتى غيرها من الأدوار المقاومة، ليتواصل ذلك التعبير البشري إلى اليوم، مرافقا الصيرورة الإنسانية، حاملة معها موروثا ثقافيا بمعتقدات شعبية وتاريخية مميّزة، فرضتها ظروف جمعية مشتركة، حيث أصبحت مع الزمن، عادة جماعية ثقافية، تشكل، اليوم، ضرورة اجتماعية وثقافية، تستمد من خلالها الجماعة قوّتها، وتماسكها، وهويتها في الوجود عن طريق تقليد هذا التعبير الشعبي. وتتمحور إشكالية اليوم الدراسي حول مسألة أنّه برغم التحولات والتغيرات العنيفة والمتسارعة التي أصابت المجتمع المحلي اليوم، حافظ الكثير منها على إحياء تلك الطقوس بصفة دورية ومنتظمة، تعيد من خلالها معالم هويتها، وترسم آفاق استمراريتها، مثلما هي الحال مع عادات المواسم الشعبية والثقافية تلك. وقال المنظمون: "ما يطرح السؤال عن دافعية هذه المجتمعات المحلية اليوم في ممارسة هذه الطقوس، وما فائدة المجتمعات المحلية من حفاظها على عاداتها ورمزياتها الثقافية وبنياتها الاجتماعية في ظل التدافع لتغيير ذلك؟". وأما محاور اليوم الدراسي فهي ثلاثة، يرتكز الأول على "قراءة في الرمزيات والوظائف الاجتماعية وفضاء للاتصال والتواصل". والثاني: "المواسم: تنوع في الزمان والمكان، الأدوار الحضارية للمواسم الشعبية"، فيما يتناول الثالث: "المواسم وجهات للتجارة والسياحة"، على أن يقدّم الدكتور بومدين بوزيد المحاضرة الافتتاحية بعنوان "المواسم الصوفية، قراءة في الرمزيات والوظائف الاجتماعية".