ينتظر أن تشهد الشراكة بين الجزائروالولاياتالمتحدةالأمريكية حركية جديدة، مع قرب المواعيد الاقتصادية التي ستعطي زخما كبيرا للتعاون الثنائي، موازاة مع العلاقات السياسية المتميزة التي يطبعها التقارب في عدة قضايا لها علاقة بالراهن الدولي، خصوصا وأن الجزائر تتأهب لتولي منصب عضو غير دائم في مجلس الامن، حيث أعربت واشنطن عن تطلعها لأن تساهم الجزائر في الدفاع عن السلم عبر العالم، من خلال حلحلة عديد القضايا العالقة مع تنسيق الجهود بينهما. علاوة على الحوار الاستراتيجي الذي سينظم بين البلدين شهر أكتوبر القادم بواشنطن، لتحديد معالم الشراكة الثنائية في القطاعات الحيوية، ينتظر أن تحتضن العاصمة الأمريكية منتدى جزائريا أمريكيا حول الطاقة في نوفمبر، بمشاركة وفد هام من إطارات الشركات الوطنية وممثلين عن وزارة الطاقة والمناجم . وينتظر أن يتسم هذا الموعد بالحضور النوعي للشركات الأمريكية، التي لطالما ركزت على مشاريع النفط والطاقات المتجددة، حيث ستكون المناسبة للتطرق إلى قطاع المناجم في ظل ما تزخر به الجزائر من موارد طبيعية هائلة والخبرة التي يتمتع بها الجانب الأمريكي في هذا المجال . كما يفتح مجال الفلاحة آفاقا واعدة في الشراكة الثنائية، خاصة وأن هذا القطاع يحظى باهتمام الأمريكيين منذ سنوات، وزاد زخما مؤخرا في ظل الإجراءات والتسهيلات المتاحة في إطار قانون الاستثمار الجديد وكذا الاستراتيجية المعتمدة من طرف الحكومة لتطوير القطاع الفلاحي، لاسيما ما تعلق بتطوير الإنتاج في الشعب الاستراتيجية كالحبوب، واللحوم الحمراء والبيضاء، والحليب وإنتاج الأعلاف، وغيرها من المنتجات التي يسعى القطاع إلى تطويرها محليا من أجل تعزيز الأمن الغذائي وتقليص الواردات. وتتطلع الولاياتالمتحدةالأمريكية لإيجاد مواقع مناسبة لإنشاء مجمّعات أمريكية للصناعة الغذائية للعمل مع المؤسسات الجزائر بغية تحسين الإنتاج الفلاحي، مثلما أكدت على ذلك سفيرة الولاياتالمتحدةالأمريكية لدى الجزائر اليزابيث مور أوبين، خلال تنقلها نهاية الأسبوع المنصرم إلى ولاية عين الدفلى . من جانبها، تسعى الجزائر عبر استراتيجيتها لتنويع الاقتصاد الوطني، إلى إبرام اتفاقيات وشراكات وفق مبدأ رابح- رابح مع مختلف الشركاء، من بينهم الولاياتالمتحدةالأمريكية التي تعتبر الجزائر شريكا رائدا في منطقة المغرب العربي . ويبلغ حجم المبادلات التجارية بين الجزائروواشنطن 20 مليار دولار سنويا، ما يجعل الجزائر الشريك الثاني للولايات المتحدةالأمريكية في العالم العربي، وتحتل المحروقات صدارة هذه المبادلات، حيث تمثل 95% من قيمة الصادرات الجزائرية للولايات المتحدةالأمريكية، ما جعل واشنطن أول شريك تجاري للجزائر بعدما كانت فرنسا تحتل الصدارة. وتعمل واشنطن بشكل وثيق على تنفيذ خطط الجزائر لتنويع الاقتصاد في القطاعات الاستراتيجية، على غرار الزراعة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والطاقة النظيفة، علما أن نحو 100 شركة أمريكية تنشط بالجزائر أغلبها في قطاع الطاقة، مع العلم أن واشنطن جاءت وفق إحصاءات 2021 في المركز السادس في ترتيب الشركاء الاقتصاديين للجزائر، كما تعد الولاياتالمتحدةالأمريكية سابع زبون للصادرات الجزائرية والمورد الحادي عشر لها. وسبق للسفيرة الأمريكية إليزابيث مور أوبين، أن نوّهت بقانون الاستثمار الجديد، مشيرة إلى أنه "يوفر كل الشروط التي تبحث عنها الشركات الأمريكية بما في ذلك المناخ الاقتصادي الآمن والمستقر وإزالة العقبات التي تعرقل التصدير". كما دعا وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج أحمد عطاف خلال زيارته إلى واشنطن شهر جوان الماضي، رجال المال والأعمال الأمريكيين بالولوج إلى السوق الوطنية، مبرزا أهمية الإصلاحات الاستثمارات الواعدة التي بادر بها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون. وأبرز المؤشرات التنموية التي حققتها الجزائر خلال السنوات الأخيرة والتي تثبت التحسن الكبير للحالة الاقتصادية و المالية للبلاد. كما ذكر بالترسانة القانونية الجديدة التي اعتمدتها الجزائر في عديد المجالات كالمحروقات والاستثمارات والنقد والقرض وغيرها من التشريعات قيد التحضير، والتي من شأنها تعزيز مناخ الأعمال بالجزائر واستقطاب الاستثمارات الأجنبية، وهي الإصلاحات التي أشادت بها الإدارة الأمريكية في تقرير نشر في 26 جويلية الماضي . وعلى المستوى السياسي، تقر واشنطن بالدور الحيوي للجزائر في المنطقة، من خلال امتنانها لإسهامات الجزائر في تسوية النزاعات الإقليمية، بما فيها دعمها للتخفيف العاجل من حدة العنف في فلسطينالمحتلة ولجهود الأممالمتحدة من أجل بلورة لائحة دائمة ولائقة بخصوص النزاع في الصحراء الغربية وكذا من أجل تحسين الأمن في منطقة الساحل.