واصل الاحتلال الصهيوني لليوم 38 على التوالي، أمس، حربه الدموية على قطاع غزة، واضعا سكان القطاع بين خيارين لا ثالث لهما، يتراوحان بين الإبادة الجماعية والتهجير القسري، الذي ذاق الفلسطينيون قبل 75 عاما مرارته وتداعياته الوخيمة وهم مقتنعون اليوم، أكثر من أي وقت مضى بعدم تكرار تجربة التهجير القاسية ولو كان الثمن باهظا وباهظا جدا يدفعونه بدمائهم وأرواحهم. تخطى عدد شهداء هذا العدوان الهمجي 11 ألف 200 شهيد ثلثهم من الأطفال والنساء العزل وسقوط 29 ألف جريح في 1153 مجزرة، يعتبر دليلا قاطع على أن سكان غزة اختاروا التشبث بأرضهم وهم يصارعون آلة الدمار الصهيونية التي تستقوي على الأبرياء من المدنيين العزل وتواصل قتل حتى الأطفال الخدج وهم في الحضانات التي قطعت عنها الكهرباء. ويواصل الاحتلال بضوء أخضر أمريكي وأوروبي مفضوح محاصرة غزة من كل الجوانب برا وبحرا وجوا ويحرم سكانه من أدنى أساسيات الحياة وحتى يحرمهم من الحق الطبيعي في دفن الموتى في انتهاكات صارخة لكل المواثيق والقوانين الدولية الحقوقية والإنسانية، التي لا تجدي نفعا عندما تكون إسرائيل هي الفاعلة وهي بالنسبة للفلسطينيين مجرد بنود كتبت بحبر على ورق لا تسقيهم شربة ماء ولا تطعهم رغيف خبز. ولأن هذا الجيش الذي يبحث عن تلميع صورته بعد الضربة الموجعة التي زعزعت كيانه وأسقطت مقولة "الجيش الذي لا يقهر" الذي وجهتها له المقاومة الفلسطينية في السابع أكتوبر الماضي، يريد إظهار ولو صورة نصر واحدة تحفظ ماء وجهه أمام رأي عام إسرائيلي متململ ومتشتت ورأي عام عالمي بدأ يتغير لصالح دعم القضية الفلسطينية. ولم يجد، بعد أن دمر منازل المواطنين الفلسطينيين وأحياءهم السكنية واستهدف المدارس والمساجد ولم يستثن حتى مراكز الإيواء التابعة للأمم المتحدة وكل البنى التحتية، هدفا آخر سوى توجيه نيران مدفعيته ودبابته نحو المستشفيات بذريعة واهية وهي أن أنفاق المقاومة تقع تحتها وتستخدمها هذه الأخيرة لشن هجماتها عليه. ويريد الاحتلال أن يكرر نفس الرواية المخادعة التي روجت لها الولاياتالمتحدة في حربها على العراق عندما ربطت سقوط بغداد بسقوط مطارها، وذلك عبر الترويج بأن سقوط مجمّع الشفاء الطبي يعني سقوط قطاع غزة بأكمله ضمن حرب نفسية يسعى الكيان الصهيوني من خلالها لتثبيط عزيمة الفلسطينيين الذين أبانوا عن صمود وصبر أذهل العالم أجمع. وهو ما جعله يحاصر مشفى الشفاء وباقي المستشفيات بالآليات العسكرية ويشدّد قصفه بين الفينة والأخرى إزاء مجمع الشفاء الأكبر في القطاع والواقع في الشمال، والذي تؤكد التقارير الإعلامية وتصريحات مسؤوليه وحتى تأكيدات مختلف المنظمات الدولية ذات الصلة على غرار الصحة العالمية وأطباء بلا حدود والأممالمتحدة نفسها بأنه بلغ وضعا كارثيا وحالة من الانهيار غير مسبوقة. فحتى الاتصال بكل من في مدينة غزة والطاقم الطبي بالمشفى لم يعد ممكنا، في وقت أعلن فيه المدير العام لمستشفيات غزة، محمد زقوت، أمس، عن استشهاد 32 مريضا من بينهم سبعة أطفال حديثي الولادة في مجمع الشفاء جراء نقص المستلزمات الطبية، في وقت أفادت فيه مصادر طبية ببدء تحلل جثث الشهداء الملقاة في ساحة المشفى بسبب عرقلة الاحتلال عملية دفنها وتحلل اخرى في موجودة في مصلحة الجثث بسبب انعدام الكهرباء. كما أكد أن هناك مئات الجرحى الذين لا يستطيعون المغادرة، حيث لا يوجد أي مكان آمن لنقل الجرحى والمرضى واجلائهم اليه وفي وقت تواصل فيه قوات الاحتلال اطلاق النار على أي شيء متحرك فيه ولا يهم إن كان مريضا أو طفلا أو امرأة أو ممرض أو طبيب أو مسعف فالكل سواء وفق منطق الاحتلال الصهيوني الذي لم يعد يخف تعطشه لدماء الفلسطينيين وقد أباح مسؤوله السياسيون والعسكريون قتل كل فلسطيني داعما كان لحماس أو يوزع الحلوى. وهو المشهد الذي نقله أيضا منسق منظمة "أطباء بلا حدود" بمجمع الشفاء الذي اكد امس ان محيط المشفى تحول الى ساحة حرب مع استمرار إطلاق النار والاستهدافات وبأن المرضى لا يجدون الماء ولا الدواء والطرق بمحيط المشفى تكتظ بالجثث وبأنه لا يوجد أي طريق آمن لإخلاء المرضى أو خروج النازحين. ولا يختلف الوضع كثيرا عن باقي مستشفيات القطاع التي خرجت غالبيتها عن الخدمة باستثناء مستشفى المعمداني الذي لا زال وفق ما أكده المتحدث باسم الدفاع المدني، محمود بصل، يقدّم خدماته في قطاع غزة لكن في ظروف أليمة وصعبة. وتحدث محمود بصل في تصريحات صحافية، أمس، عن الوضع الصعب الذي تنشط فيه طواقم الدفاع المدني التي تحصي أكثر من 100 جريح وفقدت نصف معداتها في ظل انعدام التواصل بما جعلها تعتمد في عملها على السمع للتوجه الى أماكن التفجيرات. كما أكد استمرار تحليق الطائرات في السماء وإطلاق النار على المواطنين ومحاصرة آخرين بالقرب من مستشفى القدس، مع إقدام قوات الاحتلال على فصل الرجال عن النساء واعتقال الرجال قرب المستشفى وحتى أنه أشار إلى دهس المئات بالآليات قرب مشفيي القدس والشفاء. الإعلام العبري...الجيش بدأ يتخبط في غزة مع استمرار العدوان الصهيوني لليوم 38 على التوالي على قطاع غزة ودخول المعركة البرية مرحلتها الصعبة باندلاع حرب المدن في شوارع غزة، تتوالى الصور والتسجيلات التي تؤكد عدم تمكن القوات البرية الصهيونية من تحقيق أي نصر على المقاومة التي تقاوم بشراسة وتمنع جنود الاحتلال من التقدّم ولو مترا واحدا دون تكبدهم لخسائر في الأرواح والعتاد. وهو ما جعل وسائل إعلام عبرية نفسها تعترف ضمنيا بهذه الهزيمة وهي تؤكد أن الجيش الصهيوني يراوح مكانه في غزة ويهاجم بوتيرة أقل وحتى أنه ينتظر المستوى السياسي الذي يعرض الجنود للخطر. كما أشارت إلى أن حجم القتال ضد مسلحي "حماس" تراجع كثيرا في الأيام الأخيرة بما جعلها ترى أن هذا الجيش بدأ يتخبط في القطاع، وهو الذي أقر مسؤوله في آخر تصريح له عن مقتل 45 جنديا في معارك غزة في رقم تؤكد المقاومة بقيادة كتائب القسام أنه أكبر من ذلك بكثير. كما أن مصدرا إسرائيليا كشف، أمس، لصحف عبرية على أن 113 جندي إسرائيلي بترت أرجلهم منذ بدء الحرب البرية في السابع نوفمبر الماضي بما يؤكد تصريحات المتحدث باسم كتائب القسام، أبو عبيدة، الذي قال في عدة مناسبات إن المقاومة تلحق خسائر فادحة في صفوف قوات الاحتلال وأرفق تصريحاته بصور وتسجيلات مصوّرة تثبت ذلك. وأعلنت القسام، أمس، عن تدميرها لناقلة جند إسرائيلية غرب مدينة غزة واحتراقها بالكامل واستهداف أربعة آليات صهيونية في محور شمال غرب المدينة بقذائف "الياسين 105". من جهة أخرى أشارت مصادر إلى أن ما يواجه جيش الاحتلال في الشمال مع لبنان مع تصعيد حزب الله لضرباته، قد قلب حسابات قادة إسرائيل بشأن مدة الحرب على قطاع غزة، حيث أنهم بعد أن كانوا يتحدثون عن حرب قد تطول إلى غاية القضاء النهائي على حماس، خرج أمس وزير الدفاع الاسرائيلي ليقول إن أمامهم أسبوعين للحسم قبل أن يصبح الضغط الدولي المطالب بوقف الحرب مؤثرا. دقيقة صمت وتنكيس الأعلام لروح الموظفين الأمميين ضحايا العدوان الصهيوني نكست الأممالمتحدة أمس، أعلامها على مختلف مقارها في كل ربوع العالم، والتزمت دقيقة صمت لروح أكثر من 100 من موظفيها الذين قتلوا في العدوان الصهيوني الهمجي على قطاع غزّة. وطلب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، الالتزام دقيقة صمت عند الساعة التاسعة والنصف صباحا بالتوقيت المحلي، في الأماكن التي يوجد بها تمثيل للمنظمة الأممية. فمن بانكوك إلى طوكيو مرروا ببيكين وصولا إلى بيروت وجنيف... تم إنزال علم الأممالمتحدة باللونين الأزرق والأبيض تكريماً لأكثر من 100 موظف في وكالة الأممالمتحدة للاجئين الفلسطينيين "الأونروا" الذين لقوا حتفهم في غزّة منذ بدء العدوان الصهيوني في السابع أكتوبر الماضي. "الصليب الأحمر" يدعو إلى حماية المدنيين في قطاع غزّة دعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أمس، بشكل عاجل إلى حماية المدنيين المحاصرين في غزّة سواء كانوا يحاولون الإخلاء أو البقاء في أماكنهم. وأكدت اللجنة الدولية أن "القصف الصهيوني العنيف على مناطق حظرية مكتظة بالسكان والحصار المفروض على مناطق أخرى محيطة بالمستشفيات، تؤدي إلى تعريض حياة أشد الفئات ضعفا للخطر، مثل الطواقم الطبية والمرضى والجرحى والأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن". وقال مدير البعثة الفرعية للجنة الدولية في غزّة، ويليام شومبرق، "إنها مأساة إنسانية لا تحتمل تتكشف ملامحها نصب أعيننا.. فالناس يناشدوننا ليلا ونهارا قائلين إنهم يخشون فتح أبواب بيوتهم خوفا من التعرض للقتل على يد قوات الاحتلال التي توغلت برا داخل غزّة، ويلتمسون المساعدة في إيصالهم إلى بر الأمان". وأعرب عن قلق اللجنة "البالغ" إزاء الظروف المحفوفة بالمخاطر وغير الآمنة التي يجري في ظلها إجلاء المدنيين. الأونروا: عملياتنا الإنسانية ستتوقف في غضون 48 ساعة حذّرت وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" أمس، من أن عملياتها الإنسانية في قطاع غزّة ستتوقف في غضون ال48 ساعة القادمة، إذا لم يسمح بدخول الوقود. وكانت "الأونروا" طالبت بفتح معبر كرم أبو سالم لإيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزّة، محذّرة بشدة من أنه في "حال استمر الاحتلال الصهيوني في عدم السماح بإدخال الوقود ستتوقف الحياة في غزّة". وقال المتحدث باسمها عدنان أبو حسنة، إن الأوضاع صعبة للغاية داخل مراكز الأونروا، حيث يقترب عدد النازحين من 800 ألف شخص في 151 مركز"، مشددا على أن "أكثر من مليوني فلسطيني بحاجة إلى مساعدات عاجلة والأونروا غير قادرة على تلبية احتياجاتهم". وأوضح أن المساعدات التي تدخل عبر معبر رفح غير كافية ولا بد من فتح معبر كرم أبو سالم الحدودي مع الكيان الصهيوني، مشيرا إلى ضرورة احترام قوانين الحروب التي تشمل حماية المدنيين وإدخال المساعدات. أطباء بلا حدود تناشد المجتمع الدولي التدخل لوقف "إعدام المدنيين" ناشدت منظمة "أطباء بلا حدود"، أمس، المجتمع الدولي التدخل لوقف "إعدام المدنيين" في قطاع غزّة من قبل الكيان الصهيوني، مشددة على ضرورة رفع الحصار عن القطاع والسماح بدخول القوافل الإنسانية والطبية فورا وبلا شروط. وقالت المديرة التنفيذية لمنظمة أطباء بلا حدود، جيهان بسيسو، إن الوضع "مرعب" في غزّة، مضيفة أن المنظمة فقدت الاتصال بالعديد من طواقمها المتواجدين داخل مستشفى الشفاء منذ الليلة الماضية. وتابعت أن "الجثث منتشرة على الطرقات ولا يوجد أماكن لدفن الموتى بسبب القصف الصهيوني المتواصل". وطالبت بضرورة وقف الهجمات "فورا وبلا أي شروط وتوفير ممر آمن لمن يرغب في ترك المستشفيات وحماية المرافق الطبية وطواقمها".