اختُتمت فعاليات الطبعة العاشرة للمهرجان الثقافي الوطني للشعر الملحون المهدى للشيخ سيدي لخضر بن خلوف (القرن السادس عشر) التي نُظمت بين 22 و24 ديسمبر الجاري بمدينة مستغانم، بتكريم الشيخ الراحل عمر المقراني (1896-1980) نظير مسيرته الفنية التي دامت 5 عقود، ودوره في الحفاظ على الشعر الجزائري الملحون، ومساهماته في صون الثقافة الوطنية والذاكرة الشعبية. ❊ ق. ث بعد مقطع من "إلياذة الجزائر" لشاعر الثورة مفدي زكريا، تداول على الركح عدة شعراء؛ على غرار شامخة خالد (غرداية) وعودة بلعربي (مستغانم) ورشيد بومعزة (ميلة) وأحمد قاني (بجاية)، الذين جادت قريحتهم بقصائد تمازجت خلالها أبيات الوطنية الجزائرية بمشاعر التضامن مع الشعب الفلسطيني، ومعاني المقاومة، وقيم الدفاع عن قضايا الأمة. وقدّم الشعراء بولوفة زغبي ودحو منصور (تيارت) وبشير تهامي وناصر حجاج (مستغانم) ومحمد عبدلوسي (وهران) وخالد بن عبد العزيز (الجزائر)، آخر الوصلات الشعرية لهذه الطبعة، التي عرفت مشاركة 51 شاعرا من 18 ولاية. وقال محافظ المهرجان عبد القادر بن دعماش في تصريح لوأج، إن "طبعة هذه السنة جاءت خاصة واستثنائية، قدّم من خلالها شعراء الملحون الجزائري، صرخة في وجه الظلم الذي يواجهه يوميا الشعب الفلسطيني، وخاصة أهالي غزة، ولإيصال رسالة الشعر الملتزم بالمقاومة، ومعاني الوطنية، والحرية، والعدالة" . وأردف أن "فعاليات هذه الطبعة، أيضا، تعرف لأول مرة، تنظيم تظاهرة خارج ولاية مستغانم بدار الثقافة لولاية الشلف (أمس الأحد)، يتم خلالها تكريم الشيخ عمر المقراني بمسقط رأسه، وتقديم ديوانه الشعري لقرائه ومحبيه". وتم خلال هذا الحفل تقديم وثائقي حول الشيخ عمر المقراني، وآخر حول منشورات المهرجان الثقافي الوطني للشعر الملحون خلال 10 سنوات، وشريط بعنوان "الحاج ناصر في جولة حنين". إلى جانب ذلك، عرفت الفعاليات أول أمس السبت، تنظيم الطبعة العاشرة للملتقى الوطني للشعر الملحون، التي تمحورت حول "الشعر الملحون والمقاومة" بالمكتبة الرئيسة للمطالعة العمومية "مولاي بلحميسي" . شارك فيها أساتذة وباحثون من جامعات مستغانم، ووهران، والشلف، والجزائر، وغرداية، وورقلة، وأدرار، فضلا عن شعراء ومهتمين بالثقافة الشعبية. وأكد مشاركون في الملتقى دور الشعر الملحون في المقاومة ضد المحتل، وغرس قيم الوطنية والانتماء. وقال الباحث في التراث المحلي والشاعر خالد شهلال ياسين، إن الشعر الملحون في حد ذاته، تأسّس على فكرة وعنصر المقاومة، مستمدا ذلك من التراث الديني والصوفي، وميراث الزوايا التي حملت لواء المقاومة ضد المحتل آنذاك. وأردف المتحدث أن الشعر الملحون هو ترجمة لأهازيج صوفية مقاومة (من حيث الأوزان والأغراض) بالمفهوم العام، لكل ما هو دخيل عن الثقافة الوطنية، مستشهدا بقصائد لخضر بن خلوف، وقادة بن سويكت، ومحمد بلخير، والأمير عبد القادر وغيرهم. وبعد أن استعرض الرحلة الشعرية للشاعر قويدر بن تريبة الميدوني (1883-1976)، أبرز الأستاذ لمين سويقات من جامعة "قاصدي مرباح" لورقلة، أن الشاعر الشعبي ساهم في المقاومة؛ من خلال تسجيل الأحداث التاريخية، وتصوير الواقع الاجتماعي المزري الذي فرضه الاستعمار آنذاك، ورفضه له مع الحث على مقاومة الغزاة. وأشار إلى أن الشعراء حملوا كذلك لواء "إفشال كل مخططات الاستعمار، التي كانت تهدف إلى طمس مكونات الهوية الوطنية، بالتأكيد على ضرورة التمسّك بالدين الإسلامي، واللغة العربية، والوحدة الوطنية، ونقد مظاهر الانحراف، والابتعاد عنها". كما أبرز الصحفي والمؤرخ عمار بلخوجة أن الشاعر كان رمزا للمقاومات الشعبية؛ على غرار مقاومة أولاد سيدي الشيخ، وسيدي لزرق بلحاج، وفي ثورة التحرير المجيدة؛ من خلال الشعر الثوري، الذي سجل الوقائع والأحداث وحتى المشاعر؛ باعتباره مثقفا، وفاعلا اجتماعيا. وتم خلال هذا الملتقى الذي يندرج في إطار فعاليات الطبعة العاشرة للمهرجان الثقافي الوطني للشعر الملحون، تقديم عدة مداخلات لأساتذة وباحثين جامعيين من مستغانم، ووهران، والشلف، وورقلة، وغرداية وأدرار.