وصل ممثلا الوفد الصحراوي المفاوض أمس إلى العاصمة النمساوية فيينا للمشاركة في الجلسة الأولى من اللقاءات غير الرسمية التي تنطلق اليوم تحت إشراف المبعوث الشخصي للامين العام الأممي إلى الصحراء الغربية كريستوفر روس في مسعى للتوصل إلى تسوية سلمية للنزاع في الصحراء الغربية. وعلمت "المساء" من مصادر صحراوية مسؤولة أن الوفد الصحراوي يقوده محفوظ علي بيبا رئيس البرلمان الصحراوي ورئيس الوفد المفاوض في جولات منهاست، ومحمد خداد منسق جبهة البوليزاريو مع بعثة الأممالمتحدة إلى الصحراء الغربية من أجل تنظيم استفتاء "مينورسو" بالإضافة إلى أحمد البخاري ممثل جبهة البوليزاريو لدى الأممالمتحدة بصفته عضوا إضافيا في الوفد. مقابل ذلك يمثل الوفد المغربي وزير الخارجية طيب فاسي فهري إلى جانب ماء العينين بن خليهن الكاتب العام لما يسمى بالمجلس الملكي الاستشاري للصحراء الغربية "كوركاس" الذي يترأسه خليهن ولد الرشيد المتغيب الرئيسي عن هذه اللقاءات غير الرسمية لأسباب غير معلومة. وأضافت نفس المصادر أن كريستوفر روس لم يشأ تحديد جدول أعمال لهذا اللقاء الذي من المنتظر أن يدوم يومين وهو ما يعني ان كل الخيارات ستكون مطروحة على طاولة النقاش بما فيها خيار تقرير المصير. وهو ما يجعل المغرب مرغما على مناقشة هذه الخيارات بما فيها تقرير المصير الذي تصر عليه جبهة البوليزاريو وترفضه الرباط. والواضح من عدم تحديد جدول أعمال أن الوسيط الأممي يكون قد رفض ما يسمى بمخطط الحكم الذاتي الذي تسعى الرباط إلى فرضه كحل وحيد لتسوية النزاع الصحراوي والذي شكل عائقا أمام نجاح مفاوضات منهاست التي انتهت قبل عام إلى فشل ذريع. مما يجعل المغرب مطالبا بتكييف مواقفه مع المستجدات التي فرضتها مساعي المبعوث الجديد على طرفي النزاع خاصة وأن هذه المستجدات تزامنت مع الرسالة التي بعث بها الرئيس الأمريكي مؤخرا إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس والتي تجاهل فيها الإشارة إلى المقترح المغربي في إشارة ضمنية إلى أن الولاياتالمتحدة تكون قد غيرت من موقفها المنحاز إلى الطرف المغربي الذي ميز موقف الإدارة السابقة بخصوص ملف القضية الصحراوية. ثم أن المبعوث الأممي يكون قد تعمد ترك النقاش مفتوحا ليكون اللقاء جلسة استماع يطرح فيها كل طرف مقاربته وتصوراته لتسوية هذا النزاع الذي عمر لأكثر من ثلاثة عقود ينتهي من خلاله روس إلى خلاصة ما إذا كان سيواصل عقد جولة أخرى من اللقاءات غير رسمية أم انه سيكتفي بهذه الجلسة ويضعها قاعدة لاستئناف الجولات الرسمية. وكان كريستوفر روس قد أكد بعد الجولات التي قادته إلى المنطقة المغاربية لاستقراء مواقف طرفي النزاع عن قرب أنه لن يدعو إلى عقد جولة خامسة من المفاوضات المباشرة بين جبهة البوليزاريو والمغرب ما لم تتوفر الضمانات الكافية لإنجاحها. ويسعى المبعوث الأممي إلى تفادي تكرار سيناريو فشل مفاوضات منهاست التي جرت في أربع جولات لم تسفر أيا منها على نتيجة تذكر بسبب تمسك الطرف المغربي بموقفه المتصلب بفرض ما يسمى بمخطط الحكم الذاتي كقاعدة وحيدة للتفاوض مما أدى إلى تعطل مسار المفاوضات بعد قرابة عام من انطلاقه. والمؤكد أن عدم تكرار سيناريو منهاست يعتمد بالدرجة الأولى على مدى استعداد المغرب لإبداء نوايا حسنة للدخول في مفاوضات جادة ومفيدة تقود إلى إيجاد تسوية سياسية للنزاع في الصحراء الغربية يضمن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره. والسؤال الذي يطرح نفسه هل سيتمكن الدبلوماسي الأمريكي من إقناع المغرب بالكف عن سياسة التماطل التي اعتاد انتهاجها عندما يتعلق الأمر بمعالجة القضية الصحراوية وبالتالي تبني مواقف أكثر ليونة تسمح بإنجاح المساعي الأممية الهادفة إلى إيجاد حل عادل ونهائي للنزاع في الصحراء الغربية يضمن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره.