❊ خطوة ماكرون تكرّس حالة اللااستقرار في الحكومة والبرلمان قال المحامي الفرنسي والدولي جيل ديفرس، إن اعتراف باريس بما يسمى ب"مخطط الحكم الذاتي في إقليم الصحراء الغربية"، لا يعدو أن يكون موقفا انفراديا للرئيس إيمانويل ماكرون، بحكم مواجهته لضغط سياسي داخلي لدرجة جعلته يدوس على العقيدة السياسية لفرنسا وعلى القانون الدولي، مضيفا أن هذا القرار ستكون له عواقب كبيرة على الحكومة والبرلمان مستقبلا. أوضح المحامي ديفرس، في اتصال مع "المساء" أن دعم فرنسا للأطروحة المغربية واعترافها بسيادة الرباط على هذا الاقليم المستعمر، أثار الجدل داخل فرنسا التي تعيش مرحلة سياسية خاصة جدا، بعد حل الجمعية الوطنية الفرنسية قبل إعادة تشكيلها، والتي أضحت تضم حاليا ثلاث كتل سياسية، فضلا عن استقالة الحكومة التي أصبحت مجرد حكومة تصريف أعمال. وأشار ديفرس، إلى أن خطوة ماكرون، بدعم الطرح المغربي سيتسبب مستقبلا في تكريس حالة اللااستقرار للحكومة والبرلمان على السواء، خاصة وأنه استغل الفراغ الحالي لاتخاذ قرارات في السياسة الخارجية الفرنسية مثلما يريد ومتى شاء وفي عز احتضان فرنسا لبطولة الألعاب الأولمبية يقول ديفرس لجأ ماكرون وبدون أي حرج إلى تغيير العقيدة السياسية لفرنسا إزاء قضية الصحراء على حساب العلاقات مع الجزائر. وأوضح محامي جبهة البوليساريو، أن الكثيرين قد يرون بأن هذه القضية تندرج في إطار علاقات باريس مع إفريقيا، لكن في الحقيقة لها امتدادات للسياسة الداخلية الفرنسية التي تحمل الكثير من "الاحتقار" تجاه قارة تركت فيها باريس بصماتها، قبل أن تتحول اليوم إلى دولة تجر خيبة آمالها بسبب فقدان نفوذها في القارة الإفريقية. وقال ديفرس، إن ما يهم الرئيس ماكرون، هو المحافظة على نفوذه، حيث لم يأبه بأهمية تعيين وزير للخارجية لأن الحكومة بنظره هي التي استقالت وليس الرئيس، مما جعله يتخذ هذا النوع من القرارات حتى وإن كان ذلك على حساب المبادئ السياسية لفرنسا. غير أن المحامي الفرنسي، أكد بأن موقف فرنسا لم يحظ بترحيب الاتحاد الأوروبي، الذي أصدر تصريحا صارما جدا تجاهه، حيث أكد تمسكه بقراراته الداعمة للشرعية الدولية إزاء القضية العادلة. وبالنسبة لجيل ديفرس، فإنه من غير المعقول تغيير وجهة النظر إزاء هذه القضية وإغفال الإطار القانوني للصحراء الغربية، كما أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال الاعتراف ب"مغربية الصحراء" والاستخفاف بقرارات الأممالمتحدة، التي تصنّف هذه القضية ضمن قضايا تصفية الاستعمار ولا وجود في لوائحها أي إشارة للطرح المغربي. وعليه يرى المحامي الدولي، أن المبادرة السياسية لماكرون تندرج في إطار دعم المغرب فحسب، مع تجاوز قرارات الاتحاد الأوروبي بخصوص احترام لوائح الشرعية الدولية، مضيفا أنه يكفي أن الاتحاد الأوروبي قد أبرم اتفاقيات مع المغرب في شتى المجالات دون إدماج الصحراء الغربية. وفي هذا السياق أعطى ديفرس، موعدا خلال شهر سبتمبر أو أكتوبر القادمين، للاستماع للقرارات النهائية لمحكمة العدل الأوروبية، بعد نجاح الدعاوى القضائية المرفوعة لإبطال الاتفاقيات المبرمة بين بعض الدول الأوروبية والمغرب لاستغلال ثروات الصحراء الغربية، معربا عن تفاؤله لأن تكون هذه الأحكام ايجابية لصالح الطرف الصحراوي. وقال إنه سبق للمحكمة الأوروبية، أن دعمت قرارات محكمة العدل الدولية يوم 19 جويلية الماضي، والتي اعتبرت فيها أن سياسات الكيان الصهيوني الاستيطانية واستغلاله للموارد الطبيعية في الأراضي المحتلة تنتهك القانون الدولي، بل إنها طالبت بتعويضات لصالح الفلسطينيين. وإذ يرى المحامي الدولي، أن الدعاوى المرفوعة ضد انتهاك الثروات في الصحراء الغربية ستعرف نفس المنحى، مشيرا إلى أن فرنسا ستعمل دائما على تبنّي موقف مناسب لها وتبرئة ذمّتها من هذه القرارات حفاظا على علاقته مع المغرب، كون الاتحاد الأوروبي سيضطر في هذه الحالة لتسيير ما ستقره المحكمة من أحكام تحسبا لأي رد من جبهة البوليساريو. وأعرب ديفرس، عن استيائه لما وصلت إليه السياسة الخارجية الفرنسية، التي لا ترقى إلى مستوى احترام القانون الدولي، في الوقت الذي يفترض فيه أن تكون علاقات باريس مع الشركاء أكثر ذكاء من خلال تركيز جهودها على البحث عن السلام في العالم، خاصة وأنها عضو دائم في مجلس الأمن الدولي.