تناول المشاركون في ندوة "أبطال الشريط المرسوم الجزائري"، المقامة ضمن برنامج المهرجان الدولي للشريط المرسوم "فيبدا"، المقام حاليا برياض الفتح، خصوصية شخصية البطل التي يجب أن تلتزم بجزائريتها وهويتها الثقافية، مع استحضار نماذج ناجحة من الفن التاسع، الذي عرفته الجزائر بعد الاستقلال. أشار الأستاذ لزهاري لبتر، منشط الندوة، والذي عايش سنوات عز الشريط المرسوم في الجزائر، وعمل مع رواده، أن هذا المسار كان غنيا، خاصة بعد تأسيس مجلة "مقيدش" في فيفري سنة 1969. كما أوضح المتحدث، أن تلك الشخصيات المرسومة كانت جزائرية بامتياز، وتركت أثرها في الذاكرة. تناول الأستاذ سليمان زغيدور، وهو كاتب وإعلامي معروف، ورسام له تجربته في الشريط المرسوم، مساره مع هذا الفن وكذا بعض الأسماء من جيله، التي أسست له وأخذت الريادة، قائلا "كنت ومعي زملائي توءم مع الجزائر المستقلة، حيث أسسنا لهذا الفن في الجزائر، تماما كما أسس جزائريون آخرون لاختصاص طب الأسنان أو الصيدلة أو الهندسة وغيرها، والبطل عندي ولا يزال، ليس فقط بطل حرب، لكن هناك أبطال آخرون، منهم مثلا؛ باستور، أي أن لكل مجال أبطاله وهكذا". أوضح المتحدث، أن هذا الفن ظهر بعد 7 سنوات من استقلال الجزائر، وبذلك كانت بلادنا هي أول دولة عربية تؤسس له، وتزامن ذلك حسبه- مع ظروف عرفتها الجزائر في تلك الفترة، منها انفتاحها على العالم، فكانت العاصمة، مثلا، تعج بالأجانب من كل الأصقاع، بالتالي كان احتكاك الجزائريين بهم مباشرا، مما أكسبهم خبرات كثيرة، منها تقنيات الشريط المرسوم، ثم تعرف على المنفيين من أمريكا اللاتينية، خاصة من البرازيل (40 منفيا)، وتعرف إليهم بحي بن عكنون سنة 1970، بعضهم تقلد مناصب عليا في بلاده في الثمانينيات، ومن هنا جاء اهتمامه أيضا بالصحافة والسياسة، ويدخل عالمها، ثم أسفاره لروسيا وجمهورياتها، التي سميت بمشرق روسيا، وتأثر بثقافتها، كذلك الحال مع مصر، وكلها تجارب أثرت مساره الصحفي والفني، ليصف بعدها "مقيدش" بالصوت الملكي، حيث كانت هذه المجلة ملتقى أفكار وطموحات وصداقة لتكون عائلة واحدة. تناول الأستاذ محفوظ عيدر، وهو من رواد الفن التاسع في الجزائر، أن تلك الشخصيات المرسومة كانت مستلهمة من واقعنا، ومن تاريخنا وتراثنا وأصالتنا الجزائرية، رغم أن أصحابها كانوا على اطلاع واسع بهذا الفن في الخارج، خاصة منه الفرنكو بلجيكي والأمريكي. قال المتحدث، إن العرفان يبقى لعبد الرحمن سعيد مضوي، لأن له الفضل في تأسيس أول مجلة في الشريط المرسوم، علما أن رسام الشريط المرسوم اعتبر من الدرجة الثانية، والصقت به بعض الخلفيات المغلوطة، لكن بفضل تلك التجارب انتقل هذا الفن للأجيال، ولا تزال أسماء من ذلك الزمن حية في الذاكرة، منها محمد عراب والإخوة بلقاسم ورشيد بوصلاح (مبدع قريقش)، دون نسيان مؤسسة النشر "سناد" التي تبنت هذا الفن، وساهمت في انتشاره، كذلك الحال مع الصحافة الوطنية، منها "المجاهد" و«ألجيري أحداث". عن مساره، قال السيد محفوظ، إنه فاز بجائزة في هذا الفن، وهو في 16 سنة من عمره، نظمها حزب جبهة التحرير بمناسبة استرجاع رفاة الأمير عبد القادر من دمشق، وكان ضمن لجنة التحكيم إسياخم، وبعدها طلب منه أن يخضع للتكوين لصقل موهبته. أكد المتحدث، أن مجلة مقيدش صدرت بقسنطينة سنة 1969، وعمل بها الرواد، وكانت مدرسة كونت فطاحلة هذا الفن، منهم سليم وهارون وعموري ورياض وغيرهم، وكل واحد أبدع شخصياته الخاصة، ونجحت، لكنه تأسف عن كون هذه المغامرة لن تتكرر، وأضاف أن المشرف والمرافق كان الأستاذ مضوي، كما عرفت التجربة أمازيت بوخالفة ولمين مرباح. تحدث الأستاذان محفوظ وسليمان عن الشخصيات الثنائية للأبطال، منها "مقيدش وريشة" و«عيشة وباندو" بلباسهم وملامحهم الجزائرية، كما أشارا لرواج هذه المجلة في الداخل والخارج، ورسومات الهواة التي كانت تصل من الجنسين، بل حتى من الخارج، وكانت تطبع ب50 ألف نسخة في الأسبوع، نصفها عربية وأخرى بالفرنسية. توالت العناوين، منها "المنشار" وغيرها، وكذلك الشخصيات، حتى بداية الثمانينيات، ولشهرة هذه الأعمال، قدم الرسام فوزي بغدادي رسما عن أبطال هذا الفن، تحت عنوان "أبطال مقيدش في عطلة". بالمناسبة، أكد السيد سليمان زغيدور أن هذا الفن، اليوم، أصبح جد رائج، كما أصبح مرافقا للإعلام وفي متناول مختلف الشؤون، متوقفا عن التقدم الذي يعرفه الشريط المرسوم في إفريقيا، خاصة في أونغولا والكونغو وغانا، مطالبا أيضا بمرافقة هذا الفن، من خلال النقد الفني والأدبي، كما كان من قبل عندنا عبر الصفحات الثقافية للجرائد، علما أن هذه التجربة اليوم، اختفت، رغم تعدد العناوين.