يحيي المركز الثقافي الجزائري بباريس، الأربعاء القادم الموافق ل16 أكتوبر، الذكرى 63 لمجازر 17 أكتوبر 1961، وذلك من خلال وقفة عرفان للمؤرخ جون لوك إينودي صاحب كتاب "هنا نُغرق الجزائريين"، مع مشاركة بعض الذين تناولوا هذا التاريخ في أعمالهم الفكرية والفنية. بالمناسبة، سيتم تنظيم ندوة فكرية بمشاركة فابريس ريسيبوتي رئيس جمعية "أصدقاء جون لوك إينودي"، وكذا مشاركة باتريك كارل، الذي كتب نص مسرحية عن أحداث أكتوبر. كما سيتم عرض وثائقي بعنوان "17 أكتوبر 1961، تكتّم على مجزرة" للمخرج دانيال كوبقارستان، الذي سيحضر العرض، ويتواصل مع الحضور. ويتضمن برنامج المناسبة أيضا، قراءة مقاطع من نصوص كتبها الراحل إينودي وغيرها متعلقة بأحداث أكتوبر، يؤديها نسيم مونسي. ومن ضمن الكلمات التي ترافق الفعالية "أنت الذي ترمي وردة في نهر السين تكريما للجزائريين ضحايا 17 أكتوبر، لا تنسَ، أيضا، أن تحفظ الذاكرة، وتحيي إينودي". للإشارة، ظلّ إينودي يأمل أن تعترف فرنسا رسميا، بهذه المجازر. وكان يعدُّ هذا التاريخ محطة مؤلمة من تاريخ الثورة الجزائرية، مؤكدا في أغلب حواراته، أنه لا يمكن فصلها عن مجازر سطيف وقالمة التي وقعت في 1945، ومجازر أخرى تسبب فيها الاستعمار الفرنسي خلال احتلاله الجزائر لأكثر من قرن. وكان للبحوث التاريخية والدراسات والكتب فضلها في إعادة هذه الجريمة إلى الواجهة السياسية الفرنسية. وأصبحت الرغبة بكشف الحقيقة كبيرة؛ سواء في صفوف الجزائريين، أو المسؤولين الفرنسيين. وفي 1999 رفع موريس بابون دعوى قضائية ضد إينودي بتهمة الذم والقدح وتزييف الحقيقة، لكن إينودي كسب القضية وكان ذلك شبه اعتراف واستحضار لهذه الأحداث من جديد، ومن حينها أصبح المجتمع المدني يدافع عن هذه الذاكرة، وتجريم من ارتكبوا المجزرة، ومعاقبتهم بالقانون. منذ ذلك الحين أيضا وعبر العديد من الشهادات والمؤلفات، لم يتوقف جون لوك إينودي، عن السعي لمعرفة نتائج أبحاثه الدؤوبة، التي انتهت بتسجيله النهائي مذكرات هذه الجرائم. وساهم الراحل إينودي شخصيا، في التعريف بهذه الأحداث داخل فرنسا؛ من خلال العديد من المحاضرات في المدارس. كما اهتم بالكتابة والنشر لتنوير الرأي العام في داخل وخارج بلاده. للإشارة، حقق المؤرخ جون لوك إينودي بكلّ موضوعية، في الجرائم التي ارتكبتها الشرطة الفرنسية تحت قيادة السفاح موريس بابون ضد المهاجرين الجزائريين، الذين خرجوا في مظاهرات سلمية مساندين جبهة التحرير الوطني، وتحميل الحكومة الفرنسية مسؤولية القمع الدموي، بالاعتماد على الأرشيف. كما أصدرت الطبعة الثانية للكتاب سنة 2011؛ ما خلق صدمة عند الرأي العام الفرنسي. ووُلد المؤرخ والمناضل السياسي جون لوك إينودي، في 14 سبتمبر 1951 بباريس. كرّس حياته للعمل كمرب للشباب الذين خصّص لهم كتابا بعنوان "القصّر المنحرفون". وأصدر العديد من المؤلفات حول الجزائر، وهي ثمرة بحوثه المتواصلة في الأرشيف الفرنسي، للكشف عن حقائق تاريخية، وجرائم ضد الإنسانية أخفتها الحكومة الفرنسية. كما عمل الفقيد كمحرر متطوع بجريدة "لومانتي روج". وترك هذا المؤرخ الفرنسي عدة مؤلفات؛ منها قضية الشهيد "فرديناند إيفتون"، وتحقيق حول مركز التعذيب خلال الثورة، وآخر بعنوان: "فيتنام: حرب الهند الصينية" . وعُرف الراحل بالرجل المنفتح والمتواضع الذي لا يتعالى، والباحث الجدي ذي الاستقامة الفكرية.