أُطلقت، منذ أيام، عدة عروض تكوينية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، شرعت فيها مختلف التخصصات والأسعار المقترحة؛ رغبة من منشطيها على غرار المؤسسات الخاصة والجمعيات، في استمالة الراغبين في الحصول على كفاءة مهنية، تسمح لهم بمزاولة نشاط مهني، أو إقامة مشاريع مصغرة، تساعدهم في تحقيق الاستقلال المادي. دخلت، منذ أيام، عدة جهات في سباق محموم لاستمالة أكبر عدد من المتربصين؛ في مسعى وصفه المتتبعون ب"الربحي" لا غير، على أساس أن معظم هذه العروض تفتقر لسند قانوني، يمكّن الحاصل على شهادة في نهاية التكوين، من عمل، أو مباشرة إقامة مشروع جاد ما عدا الحصول على الجانب التطبيقي إن كان مبرمجا في هذه الدورات التكوينية، التي تكون في غالبيتها "مكثفة" . وقد تعددت في هذا السياق، عروض الجمعيات المنتشرة عبر بلديات العاصمة، والتي تسعى في ظاهرها، إلى مساعدة بعض الفئات من المجتمع، ليس بتقديم مساعدات مالية أو مادية، ولكن بتقديم تكوين مهني في بعض التخصصات؛ لكسب مهارات معيّنة في بعض التخصصات. ووجد أصحابها سهولة في استقطاب عدد معتبر من الشباب، خاصة الفتيات بالنظر إلى الطابع الجمعوي لنشاطها الجمعيات، وعدم اشتراط حيازة مستوى دراسي محدد للالتحاق بقاعات التكوين، وفق ما أشارت إليه "خ.فايزة"، مكونة بجمعية "المرأة المتعلمة" بالعاصمة، التي أكدت أن الجمعية تمنح العديد من التكوينات في تخصصات مختلفة، وأبوابها مفتوحة للنساء للتكون في مختلف تخصصات الطبخ والخياطة، وحتى بعض أشغال الفن؛ كالنقش على الخشب، والرسم على الزجاج. وأضافت المتحدثة أن العديد من خريجات الجمعية نجحن في اكتساب مهارات، سمحت لهن بتكوين مشاريع مصغرة خاصة بهن؛ مثل فتح ورشات طبخ لتحضير الحلويات، كمتعهدي طعام؛ ما مكّنهن من تحقيق استقلالية مادية. وأكدت فايزة في حديثها إلى "المساء" ، أن هناك العديد من الجمعيات الناشطة اليوم عبر عدد من البلديات، توفر تكوينات في مجالات مختلفة، موجهة لفئة معيّنة، بعضها مفتوح للماكثات بالبيت، وأخرى للشباب، ومنها ما هو موجه لذوي الاحتياجات الخاصة، وتعطي كلها فرصا لهؤلاء في اكتساب مهارات معيّنة، تساعدهم في الانطلاق في الحياة المهنية، والخروج من غبن البطالة، لا سيما في ظل الغلاء المعيشي. وأكدت المتحدثة: " بفضل الشهرة التي تتلقاها تلك الجمعيات ونوعية تكوينها، زاد الطلب عليها بشكل ملفت للنظر؛ ليس فقط من طرف الماكثات بالبيت، أو غير المتعلمات، بل، أيضا، من طرف الجامعيات، وحتى بعض العاملات، وأيضا النساء المتقاعدات اللائي يبحثن عن نشاط يلهيهن، أو يبحثن عن مهارات خاصة، تساعدهم في حياتهم اليومية؛ كالطبخ، وتحضير الحلويات، أو الخياطة، خاصة أن أسعار تلك الجمعيات هي أسعار رمزية ومثالية لذوي الدخل المحدود، ولمن يرغبن في تلقي تكوين في تخصص معيّن. وعجّت مواقع التواصل الاجتماعي بإعلانات نشرتها مؤسسات خاصة، تقول إنها متخصصة في مختلف مجالات التكوين، وتضمن للملتحقين بها شهادات "معترف بها". وهو السباق المحموم الذي وضع الكثير من الشباب في وضع لا يُحسدون عليه بالنظر إلى الأسعار المقترحة، والمقرونة بفترة التكوين المكثفة، والتي تغني المتكون عن قضاء عدة أشهر في معاهد التكوين العمومية. لكن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام: ما مدى جدية ومصداقية الشهادات الممنوحة من طرف الجمعيات ومؤسسات التكوين الخاصة، علما أن عشرات الأشخاص وقعوا خلال السنوات الماضية، ضحايا احتيال في هذا المجال؟