يُعد الحفاظ على الذاكرة الوطنية من أهم أولويات الدولة الجزائرية؛ لما لها من قدسية وقيمة بفضل الثورة المجيدة، التي جعلت من تاريخ الجزائر من أجمل ما يُروى في تاريخ الأمم؛ حرب تحرر انطلقت شرارتها الأولى في الفاتح نوفمبر 1954 بعد استعمار دام 124 سنة. كما إن الحفاظ على الذاكرة الوطنية ونشر القيم التي تعزز الروح الوطنية، مهمة تتقاسمها الجهات الرسمية والآباء على حد سواء، يتم خلالها ترسيخ مبادئها من الصغر، فتبدأ من التنشئة إلى المؤسسات التعليمية لتلقّي التربية السليمة؛ في محاولة لنقل الغيرة على الوطن، وكذا الفخر والانتماء. وحول هذا الموضوع كان لنا حديث مع صليحة عايد، أستاذة في التاريخ. أوضحت الأستاذة عايد أن تعليم الطفل والشاب القيم التي تصبو إلى تعزيز الروح الوطنية، هو تحدٍّ كبير؛ ليس لأن شباب اليوم ليست لديهم قابلية، إنما، فقط، لتركيزهم الكبير على ثانويات تسوقها مواقع الأنترنت، يحاول من خلالها صناع تلك المحتويات، إبعادهم عن ثقافتهم، وعن هويتهم؛ ما يضع، اليوم، الأستاذَ والمعلم والمربي أمام مهمة صعبة جدا؛ تربية الطفل، الذي هو رجل المستقبل. وأكدت الأستاذة أن تعليم الطفل تاريخه أمر صعب؛ إذ يستوجب ترسيخ القيم التي لا بد أن يحملها بعد مطالعته تفاصيل تاريخه. تلك القيم التي يجب أن ترسَّخ في ذاكرته، وفي قلبه بقناعة تامة، لتخلق لديه حب الوطن، والغيرة عليه، وتولد فيه رغبة في حماية وطنه، وفي التضحية من أجله، وفي السهر على أمنه وسلامته، وغيرها من التفاصيل، التي مجموعها يكوّن ما يُعرف بالروح الوطنية. وأوضحت المختصة أن شباب اليوم، عامة، نلتمس منهم تلك الغيرة على الوطن، وحتى إن وجدتهم أحيانا ينفرون من الواقع المعيش أو يجادلون بعضهم بعض أو يدخلون في نقاشات حول ما يعيشونه، إلا أنهم لا يقبلون أبدا، بتدخل الغير في شؤونهم الداخلية، أو في مشاكلهم، كما لا يقبلون ما يمكن أن يأتيهم من أجنبي، من تعاليق سلبية تمس وطنهم، أو شعبهم، أو الرموز الوطنية، أو تاريخهم مهما كان التفصيل بسيطا. الأستاذ الجيد متحكم في المادة وترسيخ المعلومات وأضافت أن تعليم الطفل التاريخ ليس بالأمر السهل؛ باعتباره من المواد التي لا تثير دائما اهتمام الصغير، بل يجدها الطفل من الأمور المملة؛ لصعوبة ترسيخ التواريخ وحفظها في ذاكرتهم، وعليه لا بد أن يكون الأستاذ، حسب المتحدثة، جيدا في تلقين درسه؛ من خلال محاولة البحث عن طرق لشد انتباه طلابه، وعدم جعلهم يسرحون في مخيلاتهم خلال الدرس، وهذا ما سيجعلهم ينجذبون نحو هذه المادة، ولا يجعلونها أبدا مادة لا يرغب الطفل في المشاركة فيها. وشددت المتحدثة على أهمية التركيز على العمل الميداني في التعليم؛ كتنظيم الخرجات الثقافية من خلال زيارة المتاحف، وبعض المناطق التي شهدت المعارك، وكانت أرضا للكفاح والنضال، وتعريف بعض الشوارع التي تحمل أسامي بارزة للثوار والمجاهدين، وجعل الطفل يحبذ طريقة تعلمه تلك التفاصيل من تاريخه المجيد؛ فكلما كان جانب منها ملموسا، كان أثرها على حفظ تلك التفاصيل، أكثر بساطة وسهولة. وأكدت عايد أن نقل قيم حب الوطن للأجيال الصاعدة هي رسالة مقدسة من الجميع، للمساهمة في نشرها بين شباب اليوم، وتلقينهم مبادئ التمسك بالهوية الوطنية والتضحيات المبذولة للدفاع عن الوطن بكل الثوابت الوطنية؛ تمجيدا لنضال ثوارنا ومجاهدينا، الذين ضحوا بأنفسهم في سبيل الوطن.