دعا المشاركون في أشغال الملتقى الدولي الأول حول "علم الاجتماع، الحالة الراهنة والآفاق"، الذي احتضنته جامعة سكيكدة، مؤخرا، على مدار يومين كاملين، إلى تشجيع التعاون الأكاديمي بين الباحثين والمختصين في العلوم الاجتماعية والإنسانية، لمختلف الدول العربية، من خلال تعزيز قنوات التواصل المعرفي بينهم، وتدعيم سبل تطوير البحث في القضايا الاجتماعية الراهنة، مع إفساح مجال الحرية في الحقل السوسيولوجي لمعالجة جميع المواضع، النابعة من استنطاق الواقع الاجتماعي، دون تدخل سياسي مشروط، وكذا التأسيس والتأصيل لعلم اجتماع معرفي، من خلال المواءمة بين النظري والتطبيقي. طالب المشاركون بدعم الاتجاهات السوسيولوجية التطبيقية، عن طريق تمويل مخابر البحث العلمي بميزانية خاصة، تتكفل بالبحث الأكاديمي الرصين، وتشجيع الطلبة على الإقبال لدراسة علم الاجتماع وتكوينيهم أكاديميا، من خلال محاولة إزالة الضبابية من حولهم، ناهيك عن مطالبتهم من خلال التوصيات، الاستفادة من برامج تدريب وتكوين منتسبي علم الاجتماع منهجيا، معرفيا وتقنيا، لتفعيل نتائج دقيقة وموضوعية بأقل جهد ووقت ممكن، وكذا تجسير العلاقة بين علم الاجتماع والمجتمع، بما فيها مختلف مؤسساته الفرعية، من أجل إبراز دوره كتخصص فاعل في مختلف مجالات التنمية المستدامة، داعين إلى إنشاء منصات رقمية وطنية وإقليمية، تتيح للباحثين والممارسين العرب، بتبادل نتائج البحوث والدراسات الجديدة في سوسيولوجيا الحياة الاجتماعية، مع تنظيم ملتقى دولي ثاني، حول واقع ورهان السؤال السوسيولوجي في ظل البيئة الرقمية السيبرانية. نظم هذا الملتقى، قسم العلوم الاجتماعية، بكلية العلوم الاجتماعية والإنسانية، بالتنسيق مع مخبر البحوث والدراسات الاجتماعية، وأشرف على افتتاحه البروفيسور توفيق بوفندي، مدير جامعة سكيكدة، رفقة كل من رفقة كل من عميد كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية، الأستاذ الدكتور طبال رشيد، ورئيس قسم العلوم الاجتماعية الأستاذ عماد العيد، ورئيسة الملتقى الدكتورة العربوي ليلى، رئيسة الملتقى الدولي، التي أشارت ل«المساء"، أن الهدف من تنظيم فعاليات الملتقى هو جرد الأسماء والأعمال المهمة في الحقل السوسيولوجي في الجزائر، والوطن العربي، كمحاولة ترتيب الحقل والتعرف على إمكاناته وحدوده، وأيضا محاولة العودة إلى علم الاجتماع العام، بعدما تعرض هذا الأخير، إلى التشتت والتشرذم الموضوعاتي، بفعل انقسام التخصصات من جهة، وحشر موضوعات مجهرية دون أصالة نظرية أو ابيستيمولوحية ولا حتى منهجية، إلى جانب الوقوف على معوقات الممارسة السوسيولوجية. وأهم ما ميز أشغال الملتقى، تنظيم العديد من ورشات حضورية، وأخرى افتراضية، بمجموع أكثر من 140 مداخلة متنوعة بين جميع تخصصات العلوم الاجتماعية والإنسانية، تم من خلالها تسليط الضوء على واقع علم الاجتماع في البيئة الجزائرية والبيئات العربية، من خلال 08 محاور، ناقشها الأساتذة والدكاترة والباحثون والمختصون، حول علم الاجتماع الجزائري والعربي وعلم الاجتماع في الجزائر والوطن العربي، ومعوقات الممارسة السوسيولوجية، إلى جانب علم الاجتماع وتجسير العلاقة مع بقية العلوم الإنسانية والبحث والنشر في الحقل السوسيولوجي في الجزائر والوطن العربي، إضافة إلى موضوع تعليم علم الاجتماع في الجزائر والوطن العربي والأبحاث الدكتورالية وعلم الاجتماع والتغير الاجتماعي في الجزائر والوطن العربي. جاءت أشغال هذا الملتقى، حسب لجنة التنظيم، لتميط اللثام عن واقع علم الاجتماع في البيئة الجزائرية والبيئات العربية، ومن ثمة إضاءة كواليس سباق الحواجز الذي يدفع إليه، وكي يستجيب لهاجس فكري ملازم لا يسمح له بالهدوء والسكينة، والسعي الحثيث لتغيير الذهنيات وتنويرها وتكريس المراكمة المعرفية، بنية الدفع بالتفكير العلمي عامة، والسوسيولوجي خاصة، إلى مسارات تفكير مستجدة وواعدة بالنسبة لعلم مازال، بالرغم من مرور الكثير من الزمن، يبحث عن نفسه، كل هذا والعين متجهة، بطبيعة الحال، صوب مدى مساهمة هذا العلم في التغير الاجتماعي، بالمساهمة من موقعه في الوعي والاستنارة الفكرية، بغية إحراز التنمية المنشودة.