كما كان متوقعا أفشل الوزير الأول الإسرائيلي جهود المبعوث الخاص الأمريكي إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل بعد أن رفض الإذعان لطلب المجموعة الدولية بوقف الاستيطان في الضفة الغربيةوالقدسالشرقية. وقد اضطر ميتشل على البقاء في المنطقة لعقد لقاء ثاني مع نتانياهو يوم غد الجمعة بعد أن استعصى عليه إقناعه بضرورة وقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية بعد فشل الاجتماع الذي عقده معه أمس دون أن يتمكن من الحصول منه على ما جاء يبحث عنه في سادس جولة يقوم بها إلى المنطقة. وتؤكد برمجة لقاء ثاني بين الوزير الأول الإسرائيلي وميتشل درجة التعنت التي أبداها نتانياهو في رفضه لكل فكرة لوقف أو حتى تجميد الاستيطان رغم علمه أن ذلك يبقى أمرا ضروريا لاستئناف مفاوضات السلام. والحقيقة أن نتيجة هذا اللقاء لم تكن مفاجئة لمعظم المتتبعين على اعتبار أن نتانياهو لم يخف موقفه الرافض سواء أمام لجنة الخارجية والدفاع في الكينيست أول أمس أو بعد اللقاء الذي جمعه بالرئيس المصري حسني مبارك وكان ذلك بمثابة موقف وحكم مسبق على لقائه مع ميتشل. ولكن الطرفين الإسرائيلي والأمريكي فضلا عدم الكشف عن النقاط الخلافية التي أرغمت ميتشل على تمديد مهمته في القدسالمحتلة ولكن ذلك لن يمنع من القول أن الموفد الأمريكي سيضيع مزيدا من الوقت في التحادث مع الوزير الأول الإسرائيلي على اعتبار أن النتيجة معروفة وإن هذا التأجيل لن يأتي بأي جديد يذكر. والحقيقة التي يجب الإقرار بها في ظل دوامة الرفض الإسرائيلي المتواصلة هي أن الولاياتالمتحدة لا تريد الجهر عاليا أمام إسرائيل والقول لقد حان الوقت لأن تمتثلي للقرارات الدولية وأن وقف الاستيطان يبقى جوهر مسار السلام. وللتنصل من هذه المسؤولية لم يجد جورج ميتشل بعد ثلاث ساعات كاملة من المحادثات مع نتانياهو سوى مطالبة الطرفين بالتحلي بالمسؤولية خطاب كان عليه أن يوجهه إلى إسرائيل دون الفلسطينيين الذين وجدوا أنفسهم في ظل هذا الرفض الضحية الأولى لكل ما يجري من ترتيبات في المنطقة. ويبدو أن الولاياتالمتحدة لم يعد يهمها من هذه الجولة سوى موقف إسرائيلي يقنع الفلسطينيين بالمشاركة في القمة الثلاثية التي كثر الحديث عنها بين الرئيسين أوباما وعباس والوزير الأول الإسرائيلي على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال الأسبوع الأخير من هذا الشهر. وهي قمة يراهن عليها الرئيس الأمريكي الذي أكدت كل التعاليق في الولاياتالمتحدة أن الدبلوماسية الأمريكية خلال الأشهر الأولى من عهدته أصيبت بانتكاسة حقيقية سواء في أفغانستان أو العراق أو بخصوص مسار السلام في الشرق الأوسط بما يتعين عليه إنجاح هذه القمة لإنقاذ الموقف. وإذا كانت الولاياتالمتحدة تمارس ضغوطا متزايدة على العرب والفلسطينيين لقبول عقد هذه القمة ولكنها لم تفعل أي شيء في المقابل لدى الطرف الإسرائيلي لإرغامه على اعتبار أنه المعرقل الرئيسي لكل المساعي المبذولة من أجل إعادة بعث مسار السلام المتوقف. وهو الموقف الذي جعل نتانياهو يطالب الرئيس الفلسطيني بالتحلي بشجاعة كافية والتوقيع على اتفاق لإنهاء الصراع ولكن وفق المنطق الإسرائيلي الذي يريد إبقاء قرابة نصف مليون مستوطن يهودي في الضفة الغربيةوالقدس الشريف. وقال نتانياهو إنه لن يقبل أبدا بقيام دولة فلسطينية تواصل مطالبها في إشارة واضحة إلى ضرورة قبولها بالأمر الواقع الحالي والإذعان لإرادتها.