عرضت سهرة الأحد, بقصر الثقافة مفدي زكرياء, مسرحية "خط أحمر" للمخرجة كاروف أناييس والتي تستعيد جانبا من معاناة المرأة الجزائرية خلال فترة الاستعمار الفرنسي. وتابع وزير الثقافة والفنون، زهير بللو, رفقة الجمهور مجريات هذه المسرحية من تأليف وأداء الفنانة إليزا بياجي, وهي ممثلة إيطالية من أصول جزائرية, التي استعرضت طيلة 55 دقيقة قصة جدتها "نانا نوارة", وباقي نساء قرية تاخليجت ناث إتسو الواقعة بإيفرحونن (عين الحمام) ولاية تيزي وزو, ومعاناتهن من الظروف القاسية التي فرضها عليهن المستعمر الفرنسي دون تمييز بين كبير وصغير أو بين رجل وامرأة. ووقفت الممثلة على خشبة المسرح وحيدة رفقة شخصية جدتها نوارة, لتؤدي عملا مونودراميا يحاكي مرحلة حساسة في التاريخ الوطني الجزائري ويتعمق في ذاكرة امرأة وعلى لسانها تفضح أبشع المواقف التي تعرضت لها من عنف وتهجير وحرمان وفقر. ولبست الممثلة جبة جدتها, لتتخلى عن رفاهية الحاضر وتدخل رواق الماضي بكل زواياه لتعيش وقائع مريرة وتستعيد مشاهد عسيرة ومواقف بقيت عالقة في ذهن الجدة. إذ تعلن الممثلة منذ البدء أنها معنية مباشرة بهذه القصة وبأنها تمنح صوتها اليوم لتخبر عما حدث لعائلات جزائرية اصطفت إلى جانب جبهة التحرير الوطني من أجل تحقيق الاستقلال التام. كما اشتغلت المخرجة كاروف أناييس رفقة إليزا بياجي على مشهدية النص وذلك بنسج درامي يمتزج فيه الخطاب السردي بالخطاب البصري على الخشبة, حيث اعتمدت المخرجة أساسا على مهارة الممثلة في الأداء الجسدي والصوتي خاصة وعلى قدرتها على التماهي مع الشخصية و اقترابها من عوالمها وتبينها لقصتها, ومن جهة أخرى دعم حضورها فوق الخشبة بموسيقى وإضاءة مناسبة ناهيك عن شاشة خلفية زادت من دينامية العرض ومنحت الممثلة امتدادا يسع فيض ذكرياتها. واستطاعت الممثلة أن تتغلب على النص المنطوق بأداء حركي ملفت, وتقمص صادق لشخصية الجدة, وشدت اهتمام المتفرجين الذين أصغوا للحكاية كاملة وتأثروا بها وصفقوا لتضحيات الجدة نانا نوارة ولكل النساء الجزائريات في القرى والمداشر اللائي دافعن عن الأرض والأسرة وحافظن على قيم المجتمع.