إسدال الستار على أشغال المنتدى الاجتماعي الصحراوي بمخيم أوسرد للاجئين الصحراويين    قسنطينة: 13 جريحا في حادث مرور    المرصد الأورو- متوسطي: قوات الاحتلال الصهيوني نفذت إعدامات ميدانية خلال اقتحامها مستشفى "كمال عدوان" في غزة    تسقيف الأجور وإيقاف تبديد المال..صادي يتخذ قرارات ثورية في البطولة المحترفة    الاتحاد الدولي لكرة القدم : بيتكوفيتش أعاد التوازن" للخضر"    البشير مصطفى السيد:بومدين كان يعتبر دعم الجزائر لحركات التحرر واجبا مقدسا    دورة "نورية قزدرلي" من 13 إلى 18 فيفري 2025 : فتح باب الترشح للمشاركة في الطبعة السابعة لمهرجان الإنتاج المسرحي النسوي    الجمعية العامة لسوناطراك تعتمد مخطط التنمية للفترة 2025-2029 : تكثيف جهود الاستكشاف والإنتاج لتعزيز احتياطيات المحروقات    عرقاب يشرف على افتتاحها اليوم.. ورشة عمل حول تطوير شعبة الليثيوم في الجزائر    قال إن 2025 ستكون سنة الاصلاحات الاقتصادية ودعم الاستقرار..فايد: التحديات المطروحة "لا تحتمل أي تراخ أو تماطل"    وعد بتكفل فوري وفعال لانشغالاتهم.. حاجي يدعو المتعاملين لإنتاج أدوية مبتكرة تلبي    مستغانم..جني أزيد من 350 ألف قنطار من البطاطس المتأخرة    رئيس الجمهورية يجري حركة جزئية في سلك رؤساء المراكز الدبلوماسية والقنصلية    الجلفة: أزيد من 60 مشاركا في المسابقة الوطنية لجائزة القنطاس للفنون التشكيلية    دراجة المضمار/البطولة العربية: الجزائر تحصد خمس ميداليات جديدة منها ذهبية واحدة    مشاركة واسعة في ثالث حملات التنظيف الكبرى بالعاصمة    معسكر.. تسليط الضوء على الفكر الحضاري لمالك بن نبي    مهرجان موسيقى قناوة: تتويج "الجمعية البلالية" بالجائزة الأولى    مداحي: "نعمل على الارتقاء بالسياحة الشبانية"    رياضة مدرسية : وزير التربية الوطنية يشرف على فعاليات تظاهرة رياضية لاكتشاف المواهب    رئيس المرصد الوطني للمجتمع المدني يستقبل السيدة سعادة عربان    مجلس الأمة: الفوج المكلف بالنظر في المشروعين التمهيديين لقانوني البلدية والولاية يواصل اجتماعاته    تيبازة: تحويل 15 براءة اختراع إلى مؤسسات صناعية و تجارية    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 45484 شهيدا و 108090جريحا    أمن المدية يطيح ب 4 شبكات إجرامية    الغاز يقتل شخصاً بباتنة    تقاعد مُسبق ب5 سنوات للأستاذ    مولودية الجزائر ترتقي لوصافة الرابطة الأولى    قطاع السكن يواصل حركيته المتسارعة    40 ألف مُصل في الأقصى    الموارد غير التقليدية ركيزة استراتيجية    تحالف فرنسي مغربي صهيوني يستهدف استقرار الجزائر    قرارات رئيس الجمهورية مفصيلة لتكفّل أمثل بالمواطن    توظيف 8 آلاف أستاذ باحث سنة 2023    الرئيس تبون حريص على توفير الرعاية الصحية للمواطن    الزوايا سلاح الوسطية لمجابهة التيارات الدخيلة    تراجع المساحات الزراعية المتضرّرة من الحرائق    نتائج فصلية مُرضية والدعم المالي إضافة حقيقية للمؤسسات    الصناعة العسكرية.. قاعدة قوية بتقنيات متطورة    منصة رقمية موحدة لتغطية طلبات السكن قريبا    المخزن يواصل قمع الأصوات المستنكرة للتطبيع مع الكيان الصهيوني    "قمر 14" في الأقصر للسينما الأفريقية    الجمعية المغربية لحقوق الإنسان توجه صفعة جديدة للمخزن    السكان يطالبون بالتكفل بانشغالاتهم    160 عائلة تعاني في صمت    هذه هي المكاسب المهنية والمادية لمستخدمي الصحة    تأثير الصدمات النفسية على إدراك الذات والواقع    شبيبة القبائل تسعى لضمّ بن عياد    "الرائد" السعودي يقترب من إتمام صفقة يسري بوزوق    بونجاح يقترب من "الأهلي" المصريّ    للجزائر مادة تاريخية ضخمة علينا ككتّاب استغلالها    إعداد منصة وطنية لنظام اليقظة والانذار للتموين بالمواد الصيدلانية لضمان وفرتها    المسرح الجهوي لأم البواقي يعرض "بدء" خارج منافسة المهرجان الوطني للمسرح المحترف    ظاهرة الغش والاحتيال تنتشر بين التجّار    هذه قصة سيّدة من سيّدات الجنة..    ظاهرة الغش والاحتيال تنتشر بين التجّار    دعاء : أدعية للهداية من القرآن والسنة    حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة في الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تأثير الصدمات النفسية على إدراك الذات والواقع
"أضغاث" من المسرح الجهوي لباتنة
نشر في المساء يوم 28 - 12 - 2024

قُدّمت مسرحية "أضغاث" من تأليف وحيد مطهري وإخراج شوقي بوزيد، أوّل أمس الخميس، على ركح "محيي الدين بشطارزي"، ضمن منافسة المهرجان الوطني للمسرح المحترف 17، إنتاج المسرح الجهوي لباتنة. وتتناول هذه المسرحية الانكسار النفسي والعاطفي الذي تُسبّبه الجراح الخفية في الحياة اليومية.
في قلب المسرحية، نجد شخصية "حنان" التي تؤديها نريمان يربح. وهي شابة عانت من صدمة في طفولتها خلال المدرسة. وأصبح وزنها الزائد مصدراً للسخرية والرفض؛ ما أدى إلى انكسار داخلي عميق. هذه الصدمة لم تقتصر على الألم الجسدي، بل أثرت على تصوّرها لذاتها وللآخرين. وقادتها إلى انقسام رمزي، يُجسَّد على خشبة المسرح.
وفي المشاهد الأولى، تظهر حنان نحيفة، بينما يُقدَّم والداها زهية (يُسرى دايخة) وجمال (محمد بوعافية)، على أنهما يعانيان من السمنة. ويجسّد هذا التباين البصري تشويه إدراكها، وكيفية إسقاطها مخاوفَها الشخصية على محيطها. وترى "حنان" الطبيبَ النفسي "حسين"، كمحتال ومدمّر، يهدد توازن أسرتها. ولكن مع تقدّم القصة يكتشف المشاهد أنّ كل ما يحدث على المسرح ليس سوى انعكاس للصراعات النفسية التي تعاني منها حنان، وكانت أشبه بأضغاث أحلام، أو كانت كذلك فعلا.
وتبدأ الحبكة مع "زهية" ؛ الأم التي تعاني من هموم عميقة، وابنتها "حنان" التي تحتفل بعيد ميلادها التاسع عشر في جوّ عائلي مشحون بالتوتّر. ويتصاعد هذا التوتّر مع ظهور "حسين"، طبيب نفسي مزعوم ومحتال. وبدون أيّ مؤهّلات حقيقية يتدخّل في الشؤون العائلية كعامل محفّز للصراعات؛ ما يضخّم الهشاشة النفسية والعلاقات لكلّ فرد.
وفي نهاية المسرحية، تعود حنان إلى ذاتها، وتواجه الحقيقة؛ إنّها تعاني من السمنة. وكل التفاعلات على خشبة المسرح؛ من صراعات وتمزّقات عائلية، كانت نتاج عقلها المضطرب. وتكشف المسرحية عن قوّة الصدمة، وتأثيرها على إدراك الواقع. كما تسلّط الضوء على النضال الداخلي لقبول الذات، وتجاوز جراح الماضي.
وعلى مدار ساعة كاملة، قدّمت "أضغاث" تأمّلاً عالمياً حول الجراح الخفية التي يحملها كلّ فرد. وتدعو المسرحية إلى اختراق كيفية تشكيل الصدمات للإدراك، وتأثيرها على العلاقات مع الآخرين. وفي النهاية تؤكّد على أهمية الصمود وقبول الذات كخطوات حاسمة نحو الشفاء.
أحد الجوانب المزعجة التي برزت في مسرحية "أضغاث" كان استخدام الفواصل الإذاعية التي تُبث بصوت غير واضح أحياناً، لتُخبر الجمهور بما سيحدث لاحقاً على الخشبة. هذا الأسلوب الذي ربما سعى إلى تقديم تجربة سردية مختلفة أو إضفاء طابع استباقي على الأحداث، جاء بنتيجة عكسية تماما؛ فقد أضعف عنصر التشويق الذي يُعدّ من الركائز الأساسية في الأعمال المسرحية، وحرم الجمهور من متعة استكشاف تطوّر الأحداث بأنفسهم.
وربّما كان من الأفضل لو تم استبدال هذه الفواصل بعناصر درامية داخلية؛ مثل الحوارات أو التلميحات البصرية التي توحي بما سيحدث دون الكشف عنه بشكل مباشر. فالاحتفاظ بعنصر الغموض والتشويق هو ما يجعل المسرح ينبض بالحياة، ويُبقي الجمهور على حافة مقاعدهم في انتظار ما سيأتي. وبهذا كان يمكن المسرحيةَ أن تحافظ على تماسكها الدرامي، وأن تُقدّم تجربة أكثر جذباً وانسجاماً.
وتميّزت مسرحية "أضغاث" باختيار سينوغرافي جريء ومبتكر؛ حيث اعتمدت على تجريد الإضاءة التقليدية، مستغنية عن العناصر الضوئية المعتادة التي تملأ الخشبة عادة. وبدلاً من ذلك، اكتفت بخطين ضوئيين أخضرين يتقاطعان على خشبة المسرح؛ ما خلق أجواء مسرحية غامضة، ومشحونة بالدلالات الرمزية.
وقد جاءت الخشبة مملوءة بالصناديق الكرتونية، التي بدت كأنّها تحمل في طياتها حكايات مخفية ومآسي دفينة، ترمز إلى أعباء الحياة التي تثقل كاهل الشخصيات.
هذا الاختيار البصري لم يكن مجرّد ديكور عابر، بل كان أداة فنية تساهم في توجيه انتباه الجمهور إلى جوهر المأساة الإنسانية المطروحة. فالضوء الأخضر بتباينه مع العتمة المحيطة، يرمز إلى بصيص أمل أو خط نجاة يتلاشى وسط الفوضى. أما الصناديق الكرتونية فهي تحمل دلالات متعددة؛ من جهة تعكس هشاشة الوجود الإنساني الذي يمكن أن ينهار بسهولة. ومن جهة أخرى، ترمز إلى القيود والحدود التي تحاصر الشخصيات، وتمنعها من التحرر الكامل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.