حذّر حقوقيون مجددا من تغول الفساد في المملكة المغربية بعد أن استشرى في كل مؤسسات الدولة، حيث أصبحت السلطات المخزنية وعلى رأسها وزارة العدل توفر الحماية للصوص المال العام في وقت تقمع فيه كل الأصوات الحرّة التي تحارب هذه المافيا. أكد رئيس الهيئة المغربية لحماية المال العام، محمد الغلوسي، خلال ندوة صحفية أن الفساد "البنيوي" و"النسقي" في المغرب أصبح يهدد بشكل جدي الدولة والمجتمع، مطالبا ب«ضرورة ربط المسؤولية بالمحاسبة وتجريم تضارب المصالح والإثراء غير المشروع، والقطع مع الإفلات من العقاب ومصادرة أموال وممتلكات لصوص المال العام". وأكد الغلوسي، أن السلطات العمومية تسعى إلى "تسييج" الحقل المدني والحقوقي والسياسي في البلاد "لمصلحة الجهات التي تراكم الثروة باستغلال السلطة والنفوذ ومواقع الاحتكار، ومن أجل حماية الجهات والمراكز المستفيدة من واقع الريع والفساد وزواج السلطة بالمال". وأضاف "أصبت بذهول كبير وأنا أسمع وزير العدل، يتوعد الناس البسطاء بخمس سنوات سجنا لتحقيق الردع العام ويبدو من نبراته وتقاسيم وجهه أنه ضجر منّا كثيرا ويتمنى لو تم استبدالنا بشعب آخر دون أن ينطق ولو بكلمة واحدة تجاه لصوص المال العام الذين راكموا ثروات خيالية ومشبوهة في وضح النهار". وتابع الغلوسي، "يقول الوزير إنه جاد في مسعاه لمنع الجمعيات الحقوقية من التقدم بشكايات ضدهم لأن مسؤولي هذه الجمعيات الحقوقية من وجهة نظره هم أخطر من مافيا الفساد ولصوص المال العام ومبيضي الأموال وناهبي المال العام وخيرات الوطن". وموازاة مع تغول الفساد في البلاد، يواصل المخزن ملاحقة الحقوقيين وفاضحي الفساد، حيث تعيش المملكة "محنة حقوقية" حقيقية لم يسبق لها مثيل مع تصاعد الاعتقال السياسي ب«تهم ملفّقة" والزج بالأصوات الحرّة في السجن بمحاكمات جائرة. واستنكر الحقوقي المغربي، حمزة محفوظ، في حوار صحفي مع موقع إخباري محلي ما وصفه ب "هزال" الدولة المخزنية في طريقة صياغة التهم التي تبتغي إخراس الجميع، مؤكدا أن هذه السياسة هي "نهج الأنظمة الشمولية". للاشارة فإن حمزة محفوظ، الموجود خارج الوطن يواجه خطر الاعتقال على خلفية تدوينة نشرها حول العلاقات المغربية الفرنسية وكذا تجسس النظام المخزني عبر البرنامج الصهيوني "بيغاسوس"، والتي أعاد نشرها رئيس الهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين، فؤاد عبد المومني، المتابع قضائيا بسببها. وقال في هذا الإطار إن "إنكار المخزن لفضيحة التجسس موجه للداخل أكثر منه للخارج لأن الصحافة الأجنبية نشرت تقارير عن الموضوع بتفاصيله ولا أحد يتوهم أن الدولة المغربية أو أجهزتها قد تتابع كل المنابر الإعلامية أمام القضاء الأوروبي فما بالك بإمكانية إدانتها". وتحدث عن المتابعات المختلفة لعدد كبير من المواطنين المغاربة الذين يعبرون عن آرائهم، مؤكدا أن "السبب الحقيقي للاعتقالات هو محاولة الدولة المغربية إعادة السيطرة لإقفال هذا المجال، الذي شكل واحدا من أهم مجالات التداول السياسي بين المغاربة في السنوات الأخيرة". وختم بالقول إن الدولة تحاول الآن "إعادة بسط سيطرتها عن طريق التمويلات التي تدفع للصحف المقربة أو باعتقال الصحفيين وأصحاب الرأي من منتقديها".