كشفت مصادر فلسطينية أمس أن أول جولة مفاوضات سلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي ستنطلق في العشرين من الشهر الجاري دون أن تحدد مكان انعقادها واكتفت بالقول أن هذه الاتصالات تهدف إلى إيجاد أجواء مناسبة قصد التوصل إلى اتفاق حول حدود الدولة الفلسطينية المستقبلية. وقالت المصادر أن هذه المفاوضات ستدوم ثلاثة أشهر يقوم الأمريكيون خلالها بالتفاوض مباشرة مع طرفي النزاع يتوج بوضع رزنامة لمفاوضات مباشرة ووضع آليات تجسيد الاتفاقات المتوصل إليها على أرض الميدان. وفي خرجة غير متوقعة قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمس انه يقبل الدخول في محادثات غير مباشرة مع إسرائيل تحت إشراف الولاياتالمتحدة ولكنه طالب بضمانات تقدمها واشنطن قبل الإقدام على هذه الخطوة وهو الذي ظل متمسكا بموقفه الملح على ضرورة وقف إسرائيل لكل الأنشطة الاستيطانية في الضفة الغربيةوالقدسالشرقية قبل الحديث عن أي جلوس إلى طاولة التفاوض مع الجانب الإسرائيلي. وهو ما يؤكد ما تردد عن تعرض السلطة الفلسطينية لسيل من الضغوط الأمريكية والدولية وحتى العربية لاقناعها بحتمية العودة إلى المفاوضات المتوقفة منذ أكثر من عام دون أن يتمكن من تحقيق مطلبه بوقف الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية ومدينة القدسالشرقية. وكانت الإدارة الأمريكية اقترحت على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي الدخول في مفاوضات غير مباشرة لمدة ثلاثة أشهر تقوم خلالها حكومة الاحتلال الإسرائيلي بإبداء حسن نيتها باتجاه الفلسطينيين بهدف إعادة بعث مسار المفاوضات المتوقفة منذ العام الماضي. وهو ما يفسر طريقة تسريب هذا الخبر من مصادر مقربة من الرئاسة الفلسطينية دون أن تقوم بكشف هويتها في محاولة للقفز على شرط الرفض القاطع الذي أبدته السلطة الفلسطينية للدخول في هذه المفاوضات ما لم توقف إسرائيل عمليات الاستيطان في الأراضي الفلسطينية وبقناعة أن هذه المسالة تبقى جوهر العملية التفاوضية. وإشارة هذه المصادر إلى مطالبة السلطة بمفاوضات غير مباشرة والحصول على ضمانات مسبقة قبل الدخول في المفاوضات لم تكن شروطا فلسطينية على اعتبار أن الخطة الأمريكيةالجديدة لتفعيل عملية السلام تضمنت هذه الشروط قبل أن تؤكد عليها السلطة الفلسطينية. وهي شروط وضعتها الإدارة الأمريكية إدراكا منها بتعقيدات مهمتها في تسوية احد أقدم النزاعات لمرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية وخاصة بعد أن اصطدمت بلاءات الحكومات الإسرائيلية بوقف الاستيطان في الضفة الغربيةوالقدسالشرقية. وهو في الواقع اعتراف أمريكي بالعجز في الضغط على إسرائيل رغم أن كل المسؤولين الأمريكيين بمن فيهم الرئيس اوباما اعترف انه اخطأ التقدير عندما تسرع في الإلحاح على الحكومة اليمينية في إسرائيل بوقف الاستيطان وعرف درجة خطئه عندما رد عليه وزير الخارجية افيغدور ليبرمان في نفس اليوم وبلهجة أكثر حدة وتحد أن إسرائيل لا تنتظر من يملي عليها سياستها الخارجية أو الداخلية. وكانت الرسالة مشفرة وواضحة باتجاه الرئيس اوباما الذي سارع إلى إرسال وزيرته للخارجية أياما بعد ذلك لتصحيح هفوتها وتؤكد بالتالي الانقلاب في موقف واشنطن الذي جاء في شكل اعتذار مبطن على موقف الرئيس اوباما عندما راحت تناور من اجل جولة مفاوضات جديدة بدون شروط مسبقة. وتأكد الفلسطينيون حينها أن اللغة التفاؤلية التي تعاملت بها الإدارة الأمريكيةالجديدة مع صراع الشرق الاوسط لم تكن إلا مجرد رصاص "مفشوش" تأكدت عدم صلاحيته في اول امتحان مع إسرائيل وبعد أن ثار اللوبي اليهودي في الولاياتالمتحدة محذرا من أية مغامرة تمس بالمصالح الاستراتيجية للدولة العبرية. وهو ما فهمه الرئيس اوباما بحذاقة واضطر للقول أنه تسرع في مواقفه وان ملف النزاع في الشرق الأوسط اعقد من أن يسوى بمجرد تصريحات. وهو اقرار يؤكد أن إدارة الرئيس الجديد لن تخرج عن دائرة الموقف الأمريكي التقليدي الذي لم يخرج يوما عن دائرة الطاعة والمحاباة لصالح إسرائيل على حساب الحقوق الفلسطينية.