أقرت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس قبل أن تحط الرحال في منطقة الشرق الأوسط أمس بصعوبة مهمتها الرامية الى تفعيل مفاوضات السلام المتعثرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في حكم مسبق على فشل جولتها الجديدة إلى المنطقة على غرار نتائج جولاتها السابقة. واعترفت رايس في تصريح أدلت به على متن الطائرة وهي في طريقها إلى إسرائيل أن الأمور لا تزال معقدة وألقت بالكرة في ملعب الفلسطينيين والإسرائيليين إن هم أرادوا التوصل إلى اتفاق قبل نهاية العام الجاري كما سبق وأن التزمت بذلك إدارة الرئيس جورج بوش. وقالت رايس انه يتعين على الطرفين القيام بمزيد من الجهود وينتظرهما الكثير من العمل إذا أرادا فعلا التوصل إلى اتفاق سلام قبل نهاية عام 2008 يحقق حلم الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة. وليست هذه المرة الأولى التي تقر فيها كاتبة الدولة الأمريكية بفشلها في أداء مهمتها وهي التي زارت المنطقة سبع مرات منذ استئناف عملية السلام بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي أواخر شهر نوفمبر الماضي برعاية أمريكية حتى أعطت الانطباع أنها تقوم بمجرد جولات بروتوكولية لا تفيد عملية السلام في شيء، وهو ما يطرح التساؤل حول جدوى اللقاءات التي تجريها رايس اليوم سواء مع رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت بالقدسالمحتلة، أو رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بالضفة الغربية لتفعيل مفاوضات سلام ماتت سريريا. ثم أن رايس التي جاءت إلى المنطقة في وقت لم يبق فيه الكثير أمام الإدارة الأمريكية الحالية للمغادرة ستسعى فقط إلى ممارسة المزيد من الضغوط على السلطة الفلسطينية لدفعها إلى تقديم المزيد من التنازلات قصد التوصل إلى اتفاق مع الطرف الإسرائيلي يحفظ ماء وجه هذه الإدارة التي اتخذت على عاتقها لعب دور الوسيط في تسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وهو الأمر الذي أكده مسؤولون فلسطينيون عشية زيارة رايس إلى المنطقة وطالبوا الرئيس الفلسطيني بتقديم رسالة واضحة إلى المسؤولة الأمريكية تؤكد عدم استعداد الشعب الفلسطيني لتقديم المزيد من التنازلات أمام إدارة فقدت ثقتها بعدما أدارت ظهرها له وخيبت أماله في العديد من المرات. ويبدو أن الرئيس الفلسطيني الذي من المقرر أن يجري لقاء مع كاتبة الدولة الأمريكية اليوم بمقر السلطة الفلسطينية برام الله قد اقتنع بأن رايس ليس في جعبتها الكثير لتقدمه للشعب الفلسطيني لتسوية قضيته الوطنية. وهو ما جعله يؤكد على عدم توقيع السلطة الفلسطينية لأي اتفاق سلام مع حكومة الاحتلال إذا لم تفرج عن جميع الأسرى الفلسطينيين المعتقلين في معتقلات الاحتلال وتسوية جميع قضايا الوضع النهائي. وقال الرئيس عباس أنه لن يوقع على أي اتفاق سلام قبل أن يتم تسوية جميع مسائل الوضع النهائي وفي مقدمتها قضية القدس وعودة اللاجئين وتجميد الاستيطان وترسيم الحدود. وجاء تصريح الرئيس الفلسطيني خلال حفل الاستقبال الذين أقيم أمس بمقر السلطة الفلسطينية على شرف الدفعة الجديدة من الأسرى الذين أفرجت عنهم إدارة الاحتلال ضمن ما وصفته ببادرة حسن نية اتجاه الرئيس عباس. وقال إن إطلاق سراح هؤلاء الأسرى بقدر ما غمرنا بالسعادة إلا أن هذه الأخيرة تبقى غير كاملة في ظل بقاء 11 ألف أسير فلسطيني من بينهم النساء والأطفال معتقلين في سجون الاحتلال. وتطالب السلطة الفلسطينية إدارة الاحتلال بالإفراج عن جميع الأسرى المعتقلين لاسيما النساء والأطفال بهدف خلق جو مناسب للمضي قدما في عملية السلام. وأفرجت إسرائيل أمس عن 198 أسير فلسطيني من بينهم أسيرين قضوا أزيد من عشرين سنة سجنا في خطوة قالت أنها تأتي في اطار تعزيز موقف الرئيس عباس في وجه حركة المقاومة الإسلامية حماس. وكانت إسرائيل تحدثت في بادئ الأمر عن إطلاق سراح 199 أسير فلسطيني من بينهم أسيرتين معظمهم من أنصار حركة فتح. وليست هذه المرة الأولى التي تقوم فيها إدارة الاحتلال الإسرائيلي بالإفراج عن أسرى من أتباع حركة فتح منذ توتر العلاقات بين الفرقاء الفلسطينيين في مسعى لتعميق هوة الخلاف بين الحركتين المتخاصمتين وتعزيز الشرخ الفلسطيني بما يخدم مصالحها أكثر.وهو الأمر الذي استنكرته حركة حماس وقالت أن النوايا الإسرائيلية واضحة في تعزيز حالة الانقسام التي يعاني منها البيت الفلسطيني منذ أزيد من عام.