الاستعمار ظاهرة مشينة إلا في أذهان المتشبهين بالفكر الاستعماري الذي يرتكز على العنصرية وخرافة التفوق العرقي التي ميزت الطبقات التي فرضت نفسها على شعوبها في الغرب الاستعماري بالرغم من أنها كانت دائما تتشدق بالحرية والكرامة الانسانية والمساواة بين الناس. والغريب أن هذه الأفكار العنصرية والنزعة الاستعمارية لم تبارح هذه الطبقات التي توارثتها أبا عن جد ولكن بأشكال مختلفة تجلت فيما يسمى بالاستعمار الجديد الذي تحاول من خلاله استغلال ثروات الشعوب المستعمرة سابقا والعمل على إبقائها تحت رحمتها في مجالات شتى منها الاقتصادية واللغوية بشكل خاص. هذا ما يعيشه الشعب الجزائري مع بقايا فرنسا الاستعمارية التي تطالبنا بالصفح عن جرائمها ضد الانسانية التي اقترفتها طيلة قرن وربع القرن دون أن تكلف نفسها مجرد الاعتذار لنا، وهو سلوك يصدق عليه القول " العزة بالإثم". ولأن الجريمة لا تسقط بالتقادم فلا ينفع فرنسا لا قانون تمجيد الاستعمار ولا حملات تبيان إيجابياته لأنه في حد ذاته جريمة، وبالتالي فإن التاريخ سيظل يلاحقها ويحاصر ذاكرتها طالما تنكرت لجرائمها وادارت الظهر لحقوق الشعوب التي استعمرتها. وليس أدل على استمرار النزعة الاستعمارية في فرنسا اليوم تلك التحركات والندوات التي تنظم في فرنسا ومن طرف فرنسيين منصفين للتاريخ والمنادين بضرورة أن يتخلى الفرنسيون على الوهم الاستعماري والحنين الى تلك الحقبة السوداء من تاريخ فرنسا. وهي الأصوات التي لم نعدمها حتى أثناء ثورة التحرير.