استنكر مؤرخون وباحثون فرنسيون قانون تمجيد الاستعمار، والسعي إلى إنشاء مؤسسة ذاكرة حرب الجزائر، ودعوا إلى ضرورة تغيير الوهم الاستعماري والقضاء على كل الأفكار الهادفة إلى إخفاء صفحات من تاريخ الاستعمار الفرنسي، في اتهام واضح للسلطات الفرنسية التي ما زالت تستخدم التاريخ والفكر الاستعماري في الممارسات السياسية والانتخابية، كما يعتبر ردا على تصريحات كوشنير الأخيرة التي يتهم فيها استمرار السلطة في الجزائر في اعتمادها على شخصيات تاريخية. وتناول المؤرخ جيل مونسرون، صاحب عدة كتب، منها “مريان والمستعمرات”، في لقاء متبوع بنقاش حول “هل الهوية الوطنية تساوي الهوية الاستعمارية” المدرج في إطار أسبوع مناهضة الاستعمار الذي نظم أول أمس السبت بباريس، ظاهرة إخفاء صفحات كاملة من تاريخ الاستعمار الفرنسي، “الذي بدأ في القرن ال17 من خلال أول مرحلة ارتكزت على الرق وغزو جزر السكر”، وأشار المؤرخ إلى مرحلة ثانية تناولها وتمثلت في استعمار الجزائر، وهي مرحلة عنيفة جدا ولكن تبقى مجهولة من طرف الفرنسيين “بالرغم من وجود مؤلفات عديدة جدا تناولت العنف الاستعماري”. كما تحدث مونسرون عن أن “أسطورة الأراضي الخصبة التي استصلحها المستعمرون لا زالت مخلدة وقائمة لدى قسم كبير من السكان الذين تسيطر عليهم فكرة قيام فرنسا بمهمة حضارية”، مشيرا إلى مشكل الإدارة الاستعمارية “غير العادلة” التي “ضربت عرض الحائط بالمبادئ الجمهورية المطبقة ببلدها”. وفي هذا الخصوص ندد جيل مونسرون بمشروع إنشاء “جمعية لذاكرة حرب الجزائر” المقررة في قانون 23 فيفري 2005 الجائر، مضيفا أن “معارضة إنشاء هذه الجمعية يعد أمرا ملحا ومسألة ساعة”. من جهتها، تحدثت السيدة إيفا جولي، النائبة الأوروبية والقاضية في ملفات محاربة الفساد، سابقا، عن نظام “فرنسا الإفريقية”، حيث أبرزت أيضا “الوهم الاستعماري الذي نجده في خطاب الطبقة السياسية الفرنسية، لا سيما خطابي الرئيس ساركوزي في كل من تولون ودكار”. وتطرقت السيدة جولي، التي تتمتع بخبرة مهنية، بالتفصيل لموضوع شبكات “فرنسا الإفريقية” من خلال عدة قضايا، وقالت إن “الملاذات الجبائية” عوضت اليوم المستعمرات، وأن “الاستعمار اتخذ اليوم شكلا عنيفا يرتكز على نهب الموارد الطبيعية للبلدان التي خضعت سابقا للاستعمار وكذا على الفساد”. كما تحدث لويس جورج تين، الناطق الرسمي باسم المجلس التمثيلي لجمعيات السود، عن مسألة تعويض الجرائم الاستعمارية، حيث تناول مثال قانون توبيرا الصادر في سنة 2001، والذي اعتبر الرق جريمة ضد الإنسانية، وقد استثنى هذا القانون، الذي اعترف بهذه الحقيقة، كل فكرة حول تعويض لفائدة أحفاد العبيد، واسترسل يقول “بينما ينص القانون الجائر ل23 فيفري 2005 الذي يمجد الاستعمار على منح تعويضات ولو أخلاقية لهؤلاء الذين يعتبرون أنفسهم ضحايا مسار الاستقلال خلال الستنيات”.