شاركت المملكة المغربية الشقيقة في فعاليات معرض الجزائر الدولي ال,43 وضم جناحها الشاسع معرضا للباس التقليدي المغربي بعينات من القفطان و''القشابية''، وكذا أفرشة الصالون المصنوعة يدويا التي أبهرت الزوار لجمالها وصناعتها المتقنة. ولم يكن الأشقاء من هذا البلد المضياف المشاركين في المعرض ليتناسوا إحضار عمداء بعض الصناعات التقليدية على غرار خراط على الخشب أبهر جميع من حل بالجناح وهو يصنع مشغولات يدوية بسرعة فائقة وباستعمال الأرجل والأيدي معا... لم نكن نحن من جانبنا لنشذ عن القاعدة بعين المكان، فقد دفعنا الفضول إلى معرفة سر تجمهر عدد كبير من زوار الجناح المغربي في وسط القاعة وسرعان ما اكتشفنا السبب، لندرك مباشرة أن حرفيا يرتدي زيا مغربيا وطربوشا أحمر اتخذ من الأرض مجلسا له وراح يصنع قلادات يقال عنها باللهجة المغربية ''حامي السعد''، أي أنها تجلب الحظ لمن يرتديها وتحمي من العين والحسد، بسرعة كبيرة أدهشت الحضور، خاصة منهم الصينيون ممن حملوا كاميراتهم أو هواتفهم النقالة لأخذ صور للحرفي وهو ينجز عمله بسرعة كبيرة ومدهشة. جلسنا أرضا إلى جانب الحرفي الذي راح يشرح لنا عمله اليدوي الذي يطلق عليه بالمغرب تسمية ''الخراطة على الخشب''، وقال لنا الخربيبي محمد الذي تجاوز العقد السادس من عمره، أن هذه الحرفة اليدوية معروفة جدا بالمغرب وخاصة في مدينة مراكش بحيث تتوارث في الأسرة أبا عن جد، وتوجد كذلك بمدن فاس وصاويرة وأغادير وتارودانت، إلا ان مراكش هي معقل هذه الحرفة التي اتخذت تسميتها من الخراطة المعروفة على الحديد. ويستعمل الحرفي آلات بسيطة مصنوعة يدويا تتمثل في المخرطة، القوس، المربوع والمسعاب، حيث يعتمد الحرفي على رجله اليمنى في شد خيط القوس وفي ثوان يتشكل أمامه الشكل المراد تصنيعه وبطريقة أدهشتنا، وعندما تخوفنا من أن يجرح الحرفي رجله دون قصد، طمأننا أنه وطوال سنين لم يتمكن من عدها لأنه ''قديم'' فيها، لم يصب بأي حادث عمل. حامي السعد'' تلك التي صنعها الحرفي جعلت الناس من حوله يبادرونه بالقول ''يعطيك الصحة'' لكونه صنعها بإتقان كبير وفي زمن لم يتجاوز الدقيقتين، وهي عبارة عن قطعة خشبية لا يتجاوز طولها 7 سنتيمترات منحوتة بشكل دقيق وتحمل اللونين الأحمر للصحة وهو لون مصنوع من عصارة شقائق النعمان، والأخضر للأمل وهو مصنوع من النعناع. وأوضح الحرفي العم محمد، أن ''حامي السعد'' يهدى ولا يباع أبدا. وأضاف ان هذه الحرفة التقليدية مفخرة المغربي الذي يعتبرها إلى جانب كونها مصدرا للرزق، هي بمثابة الحفاظ على الأصالة والهوية المغربية. ويصنع الحرفي بنفس الطريقة والآلة، صالونات كاملة أرانا إياها في ألبوم يحمل العديد من الصور التي تظهر براعة صنعه، إلى جانب شهادات شرفية من الصالونات والمعارض الدولية التي شارك فيها، كما حرص أن يُرينا أيضا صورة يقف فيها رفقة رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، بمعرض دولي سابق هنا بالجزائر. من جهته، كشف لنا السيد طيبي خطاب مدير السياحة العربية بوزارة السياحة المغربية ومسؤول جناح المغرب بمعرض الجزائر الدولي ال,43 أن الوزارة تحرص على دعم هذه الحرف التقليدية حفاظا عليها من الزوال، وأوضح أن ميزة هذه الصناعة التقليدية أنها تلقن في أطر عائلية، بحيث يشرف الحرفي على تلقين أولاده وأبناء إخوانه أو حتى أحفاده، وهكذا حتى تبقى الحرفة محافظة على عراقتها الأصلية. كذلك أبدى المتحدث ارتياحه من تنظيم المعرض الدولي هذا في طبعته ال,43 وقال أنه فرصة حقيقية للاستثمار وإقامة علاقات شراكة بين وكالات السياحة والسفر بين البلدين الشقيقين للاطلاع على مستجدات السياحة والمشروعات السياحية، خاصة أن موسم العطل والأسفار قد بدأ لتوه.