أطل علينا الشهر المبارك، فماذا أعددنا له، وبماذا نستقبله يا ترى، وكيف نمضي نهاره وأين نقضي ليله؟ هذه الأسئلة تجد جوابها في شوارعنا الخالية ومحلاتنا الموصدة في حدود الواحدة زوالا، والتي تعكس حقيقة السواد الأعظم ممن يتحول نهارهم إلى ليل وليلهم إلى نهار.. وقد لا تتوقف رحلة النوم عند منتصف النهار فحسب، إنما إلى حين آذان المغرب. فساعة بدء الدوام تتأخر خلال رمضان وتنشط المحلات التجارية ليلا ويزيد عدد متابعي الفضائيات والدردشة عبر الهواتف النقالة إلى ساعة متأخرة من الليل والزيارات الاجتماعية.. طبعا ليس من الخطأ أن يكون رمضان فرصة للتقارب الاجتماعي، لكن عندما يصبح كل ليله كلاما ونهاره سباتا، تجدنا أمام ظاهرة مرضية تحتاج إلى وقفة صارمة، لأن الأمر يتعلق بإهانة في حق الشهر الكريم الذي يتميز عن بقية أشهر العام بتكثيف العبادات وتفقد المحتاجين والإكثار من المشاريع الخيرية، وليس بالهروب من الجوع والعطش بالنوم والصوم عن الكلام والعمل وإغلاق المحلات وتعطيل مصالح الناس... الواقع هو أن القليل من الناس من يضع لرمضان خطة ويلزم نفسه بتطبيقها مع الاستمرار في المواضبة على العمل، فالبعض ينام طيلة النهار والبعض الآخر يحضر في مقر العمل جسديا بحجة أنه صائم، طالما أن الطاقة المكتسبة بعد الإفطار كثيرا ما تذهب هباء منثورا، إما تسرقها الفضائيات، أو هوس التسوق، خاصة لدى بعض النساء، أو في أمور تجرد رمضان تماما من قيمته الفعلية. ترى بأي مفهوم نستقبل رمضان؟.. ويبقى السؤال هل هو شهر عمل وعبادة أم سهر ونوم؟!