تعزز الاهتمام بوضعية الجالية الوطنية المقيمة بالخارج بعد الإرادة السياسية التي تبناها القاضي الأول في البلاد السيد عبد العزيز بوتفليقة، وصارت جاليتنا بالمهجر تحظى بزيارات تفقدية وبلقاءات استماع لمشاغلها وباتخاذ مواقف رسمية للوقوف إلى جانبها في حل مشاكلها والدفاع عن حقوقها. لقد شهدت السنة الجارية اهتماما بالغا بالجالية المقيمة بالمهجر، تجلى في إنشاء مجلس وطني استشاري خاص بها وذلك ضمن برنامج جديد للحفاظ على حقوقها وتوفير الإجراءات الكفيلة بالاتصال معها، وكذا من خلال استحداث كتابة دولة في التعديل الحكومي الأخير، تعنى بشؤون الجالية الجزائرية بالخارج. إن مقاربة التعامل مع الجالية بالمهجر قد تبدلت فلم تعد تقتصر على الاهتمام بأفراد هذه الجالية في بعض الاستحقاقات الوطنية فقط، بل أصبحت ترتكز على المشاركة الفعلية في التنمية الوطنية والاستفادة من كل الحقوق والواجبات التي يتمتع بها المواطنون داخل الوطن. ومن هذا المنظور، أعطى رئيس الجمهورية في السنوات الأخيرة تعليمات صارمة للحكومة من أجل التكفل بانشغالات ومشاكل الجالية الوطنية بالخارج. وقد أكد أول كاتب دولة مكلف بشؤون الجالية الوطنية بالخارج، السيد حليم بن عطا الله ولدى تسلم مهامه، قبل أشهر قليلة، أن من ضمن أهدافه، لم صف الجالية المقيمة بالخارج، وخلق الاجتماع بينها من أجل تفعيل مساهمتها في التنمية الوطنية. إلى جانب ذلك، صارت التشريعات الوطنية تولي حيزا لا بأس به لمشاكل وتطلعات الجالية الوطنية المقيمة بالمهجر وأضحت الجالية برمتها انشغالا وطنيا هاما، لا يمكن إغفاله لدى السلطات العمومية كما لدى المجتمع المدني، وبدت ملامح التلاحم بين أفراد الجالية ووطنها الأم من خلال مناسبات عدة، كمقابلات كرة القدم وما تتركه من أجواء الفرحة أو الحسرة، وكذا من خلال تفاعل الجالية مع أحداث تقع بأرض الوطن، ناهيك عن تعاطيها مع الاستحقاقات الوطنية. ولم تبخل السلطات العمومية من جانبها وبمشاركة الجالية المقيمة بالمهجر مناسباتها الدينية أو الوطنية على غرار الاحتفال بعيد الاستقلال أو إحياء ذكرى ثورة نوفمبر المجيدة وهو الأمر الذي لقي استحسانا وتفاعلا إيجابيا من قبل أفراد الجالية عبر دول العالم المتواجدة بها. وقد أظهر كاتب الدولة المكلف بقطاع الجالية السيد حليم بن عطا الله، نشاطا متميزا حيال شؤون الجالية الوطنية بالمهجر وكشف عن اطلاع كبير بملفات هذه الفئة العريضة من الجزائريين المقيمين خارج أرض الوطن. واستطاع في مدة قصيرة أن يضع اليد على جرح أفراد جاليتنا بالخارج، فهذه الأخيرة تحتاج إلى تواصل دائم وإلى عناية فائقة بنخبة كبيرة تتربع عليها، تقدرها إحصائيات رسمية أولية بما يفوق 15200 إطار. ومن أجل هذا كله، شرعت في المدة الأخيرة، بعض المؤسسات الدستورية الوطنية، ووزارات معنية مباشرة بقطاع الجالية، في تنظيم لقاءات وملتقيات للنخبة المتواجدة بالخارج وعقد منتديات لأفراد الجالية لتجمعهم بمكونات المجتمع المدني بهدف تعزيز روابط الاتصال واللحمة الوطنية. ولتسهيل هذا التواصل، اتخذت السلطات العمومية سلسلة من الإجراءات التي ستمكن الجالية الوطنية بالخارج من وضع أموالها في بنوك جزائرية بعد أن ظلت أموال الجزائريين ودائع تدر فوائد في بنوك دول أجنبية. وتم في هذا الإطار، إقرار تخفيضات تصل إلى 50 بالمائة في النقل البحري ابتداء من 1 جوان إلى غاية 30 سبتمبر القادم من أجل تسهيل تنقل أفراد الجالية إلى أرض الوطن لا سيما خلال موسم الاصطياف والعطلة السنوية وشهر رمضان الكريم واتخذت السلطات الوصية في هذا الشأن تدابير عبر المطارات والموانئ لضمان حسن استقبال أفراد جاليتنا والسهر على توفير وسائل تنقلها بكل راحة. وأكدت كتابة الدولة المكلفة بشؤون الجالية، إرادة قوية في الوقوف على مشاكل أفراد جاليتنا بالمهجر، والتدخل باسم الجزائر، لحل هذه المشاكل، وهو ما لمسناه مؤخرا في قضية تعويض الرعايا الجزائريين الذين جردوا من أراضيهم الزراعية بالمملكة المغربية، إضافة إلى مشاكل أخرى متعلقة بالعقار بتونس.