تقوم عدة شركات عالمية حاليا بابتكار أحدث التقنيات لتقديم أرقى الخدمات لذوي الاحتياجات الخاصة ولبعض المرضى، لاسيما مرضى السكري واعوجاج العظام، حيث تعد منتجات هذه الشركات من آخر الحلقات في عالم التأهيل الطبي.. وبفعل الاحتكاك والثورة الطبية وصلت معدات هذه الشركات إلى مختلف دول العالم.. وفي الجزائر حيث كانت المعدات الطبية متوفرة على مستوى بعض المستشفيات فقط بدأت تنتشر محلات أدوات التقويم الطبي لتقدم للمرضى والباحثين عن اللياقة واللوك المتناسق خدمة لم تكن في المتناول من قبل.. لكن يبقى السؤال هل تقدم هذه الخدمة ضمن الضوابط المطلوبة؟ ظهرت عدة شركات رائدة في صناعة الأحذية الطبية لمرضى السكري والأطراف الصناعية من أحزمة طبية وجبائر طبية، وفي تركيب مشدات لتقويم الظهر والأجهزة التعويضية، حيث جاءت نتيجة لتطور الاهتمام بالصحة، لتتوافق بذلك مع الاتجاه الحديث في الطب والذي يعطي أهمية للممارسة العلاجية خارج غرف العمليات. وعلى هذا الأساس تسمح أدوات التقويم الطبي المتوفرة حاليا بممارسة العلاج القائم على الحركة والتمرينات الرياضية الخاصة للمريض كدور مكمل في أعقاب الجراحات والتشخيص السريري للحالة، فيما تسمح الأطراف الصناعية أيضاً بتنفيذ برنامج علاجي لتقويم سلسلة فقرات الظهر لمن يعانون من اعوجاج ملحوظ بها لأسباب مرضية أو لتشوهات خلقية، وعمل تجبير للكسور، وتصميم أجهزة للمشي توضع فوق أو تحت الركبة، وتصميم أحذية خاصة لمرضى السكري ممن يعانون من مضاعفات المرض التي تظهر في القدمين وتؤثر على حركتهم وتجعل القدم عرضة للالتهابات وتمنع من ارتداء الحذاء العادي. كما تصمم أحذية أخرى لمرضى اعوجاج القدم، وصناعة أجهزة لإنقاص الوزن آيضا، في الوقت الذي تخدم الأطراف الصناعية الحالات المحولة من وحدة علاج الحروق والتجميل، حيث تؤثر الحروق الشديدة على وظيفة الأيدي أو الأرجل عند المصاب، مما يستدعي عمل أجهزة تعويضية له، أما في مجال التجميل فإنه يتم عمل أشكال تعويضية بديلة عن الأجزاء المستأصلة من الجسم بسبب الأورام السرطانية، ومن ذلك تصميم أثداء من السيليكون لمريضات سرطان الثدي بعد استئصال الثدي أو جزء منه، ويتم ذلك تحت إشراف الطبيب. وبهذا الخصوص أوضح لنا أحد العاملين بمحل ''صوديماد'' التابع لشركة جزائرية خاصة باستيراد العتاد الطبي، والكائن بساحة أول ماي، أن هذا المحل الذي يعنى ببيع معدات التقويم الطبي هو أول محل فتح أبوابه بالعاصمة للاستجابة لمتطلبات التأهيل الطبي، وذلك منذ سنة ,2006 حيث أن معظم المعدات المعروضة فيه مستوردة من شركات أجنبية.. مشيرا إلى أن معظم الزبائن الذين يقصدون المحل يتم توجيههم من طرف الأطباء، لأن الأمر يتعلق بخدمة طبية جديدة لا يسمع الكثير من الناس عنها، حيث نادرا ما يقصدهم زبائن بدون وصفات طبية لطلب بعض الأدوات. وأضاف المتحدث أن الأمر يتعلق بثقافة طبية جديدة اقتحمت المجتمع في السنوات الأخيرة، ما يعني أن الإقبال على هذا النوع من المحلات مرهون بعامل الزمن.. منبها إلى أن الاستثمار في مجال تجارة معدات التأهيل الطبي بدأ يشق طريقه نحو الانتشار في العاصمة بعد أن ظهرت محلات أخرى في بعض أحيائها. ولمعرفة مدى إقبال العامة على هذا النوع من المحلات سألنا مجموعة من المواطنين، فكانت البداية مع الآنسة ''روميساء''، متخرجة من معهد العلوم السياسية، والتي أشارت إلى أنها سمعت عن وجود هذا النوع من المحلات بالصدفة، حينما كانت تتبادل أطراف الحديث مع إحدى صديقاتها.. وتقول: ''رغم أنني أعاني من بعض الآلام بسبب اعوجاج العمود الفقري إلا أن فكرة اللجوء إلى اقتناء أحزمة أو أية وسائل أخرى من هذه المحلات الطبية لم تستهوني.. أعتقد أنه لا ينبغي المجازفة بتجريب أدوات التقويم المقترحة دون استشارة الطبيب، كما أنه برأيي تبقى الرياضة أفضل حل لمن يعاني من مشاكل العظام.. فقد سبق لي وأن جربت استعمال فراش حذاء طبي تحصلت عليه من الطبيب المعالج، قبل ظهور هذه المحلات، لكن طالت مدة الاستعمال دون تحقيق النتيجة المرجوة. ويختلف الأمر بالنسبة ل ''سفيان'' والذي يصرح: ''كان إنجازي لمذكرة ليسانس حول ذوي الاحتياجات الخاصة في نهاية التسعينيات فرصة لأتعرف على هذا النوع من المعدات الطبية التي كانت آنذاك موجودة على مستوى مستشفى تيقصرين فقط، حيث لا يتم الحصول عليها إلا بطلب من الطبيب المعالج للمريض، لكن تفتح الجزائر على السوق العالمي سمح في السنوات الأخيرة للخواص بالاستثمار في مجال استيراد معدات التجبير الطبي، ما أعتبره بمثابة خدمة طبية لبعض الفئات من المرضى، لاسيما مرضى العظام الذين يسجل عددهم ارتفاعا جد ملحوظ في الجزائر بحسب التقارير الطبية.. فهذا الأمر سيسهل على المرضى الحصول على هذا النوع من الأدوات بعدما كان يستغرق وقتا طويلا كونه مرتبطا ببعض المستشفيات فقط. أما السيدة جهيدة (أم لطفلين) فتقول: ''تعرضي لمرض الروماتيزم وإصابة شقيقتي بسرطان الثدي كانا من أسباب اطلاعي على عالم محلات أدوات التقويم الطبي، حيث خضعت شقيقتي لعملية تجميلية بعد استئصال ثديها لتعويضه بآخر مصنوع بمادة السيليكون.. ورغم أنه لاشك في أهمية هذه المعدات التي يمكنها أن تخفف من معاناة بعض المرضى، إلا أن التسويق العشوائي لها يهدد بمخاطر صحية لا يدركها عامة الناس ممن يقبلون على اقتنائها بدون وصفات طبية تحت تأثير الومضات الإشهارية والأسلوب الإغرائي الذي يمارسه بعض باعتها... ففيما مضى كان المرضى يتعاملون مباشرة مع الأطباء والمستشفيات على غرار مستشفى تيقصرين، لكن بعد ظهور الخواص أصبح البعض منهم يلجأون مباشرة إلى هذه المحلات بدون استشارة طبية، فيقتنون ما يقترحه عليهم بعض باعتها الذين يشجعونهم على ذلك ويؤكدون على فعالية معداتهم الطبية، حرصا على تحقيق الهدف التجاري الذي صارت له الأولوية قبل الصحة. وتتابع محدثة ''المساء'': ''حتى بعض الصيدليات تسير في هذا الاتجاه، حيث تشجع الزبائن على اقتناء ما بحوزتها من أدوات التقويم الطبي لمجرد أن يشكو الزبون من مشكلة صحية ما بدل نصحه بزيارة الطبيب لتشخيص طبيعة المشكل الصحي أولا، ذلك أن العديد من المشاكل الصحية لاسيما تلك المتعلقة بالعظام تحتاج إلى تشخيص وإلى إجراء أشعة طبية.. فبعض المعدات التي يستعملها الناس لكبت آلام الرقبة أو الظهر بدون استشارة طبية قد تكون لديها نتائج عكسية. لكن الكثيرين يغفلون عن ذلك بعدما تخلت بعض الصيدليات عن دورها التوعوي وأصبحت تركز اهتمامها على الجانب التجاري فقط للأسف. وجاء في معرض حديث السيدة ''جهيدة'' أنه لابد أن تكون ضوابط تضبط هذه الخدمة، خاصة وأن قلة الوعي عند العامة يضعهم على محك المخاطر الصحية.. والجدير بالإشارة في هذا السياق هو أن الإعلانات التجارية، وأحاديث الناس وقاعات الرياضة تشكل المساحات الخصبة للترويج لمثل هذه المنتجات التي أصبح الحصول عليها في متناول الجميع وفي ظرف قياسي بعد أن كانت عملية الحصول عليها من المستشفيات تستغرق أكثر من شهرين.. فهذا التأخر يحفز حاليا اللجوء إلى البديل المتمثل في هذه المحلات التي لا تتوفر بالضرورة على عتاد صحي مائة بالمائة بالنظر إلى حقيقة أن الجزائر سوق مفتوحة على الاستيراد، وبالتالي فإن دخول أدوات غير صحية في غياب الرقابة وسيادة الفوضى أمر جد وارد.