يقوم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بداية الأسبوع القادم بزيارة إلى الولاياتالمتحدة بدعوى بحث مسألة تفعيل مفاوضات السلام المتوقفة مع مسؤولي الإدارة الأمريكية أسبوعا قبل انتهاء مهلة الشهر التي منحتها الدول العربية للرئيس الأمريكي من اجل تسوية قضية الاستيطان العقبة الرئيسية أمام استئناف مسار السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وحتى وان كان عنوان الزيارة المعلن هو مشاركة نتانياهو في الجمعية السنوية للجالية اليهودية في الولاياتالمتحدة المقررة عقدها بمنطقة اورليانز الجديدة الأحد المقبل فإن الهدف الحقيقي منها يبقى سعي رئيس الوزراء الإسرائيلي الى إهدار المزيد من الوقت من اجل الإبقاء على سياسة الأمر الواقع التي تخدم المصالح الإسرائيلية وتزيد في إهدار المزيد من الحقوق الفلسطينية المغتصبة. وقد اختار رئيس الوزراء الإسرائيلي توقيت زيارته تزامنا مع تنظيم انتخابات التجديد النصفي في الكونغرس الأمريكي المقررة يوم غد وهو كله أمل في أن يحدث الجمهوريون المعروف عنهم دعمهم اللامشروط لإسرائيل المفاجئة باستعادة الأغلبية في الكونغرس. وهو طرح أشار إليه عديد المحللين السياسيين الذين رأوا انه في حال تمكن الجمهوريين من الفوز في هذه الانتخابات فإن ذلك سيزيد من تقوية موقف الحكومة الإسرائيلية خاصة فيما يتعلق بالإبقاء على موقفها المتصلب بشأن مواصلة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وهو طرح يتأكد إذا علمنا أن من بين ممولي الحملة الانتخابية للحزب الجمهوري اللوبي اليهودي الذي تعود له الكلمة الأخيرة بخصوص أي قرار أمريكي يتعلق بالصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. ثم أن رئيس الوزراء الإسرائيلي أعلن انه سيلتقي بنائب الرئيس الأمريكي جون بايدن لبحث مجموعة من القضايا وعلى رأسها عملية السلام وهو الذي كان أعلن عن رغبته في لقاء الرئيس الأمريكي باراك اوباما من اجل إقناعه ككل مرة بمواقف حكومته اليمينية المتطرفة التي لا تؤمن لا بمفاوضات السلام ولا بالسلام مع الفلسطينيين. وفي كل مرة تصل فيها مفاوضات السلام الى نقطة حرجة يسارع المسؤولون الإسرائيليون الى واشنطن في مهمة لتحريك اللوبي اليهودي وممارسة الضغط على الإدارة الأمريكية لحملها في الأخير على الرضوخ للمنطق الإسرائيلي. وتأتي زيارة نتانياهو الى الولاياتالمتحدة قبل يومين من انتهاء المهلة التي سبق ومنحها العرب للإدارة الأمريكية باعتبارها الوسيط في عملية السلام من اجل إيجاد حل لقضية الاستيطان التي تبقى أهم عقبة أمام أي مسعى لتفعيل مفاوضات السلام. ورغم انه لم يبق سوى أسبوع قبل انقضاء هذه المهلة فإن الإدارة الأمريكية أبقت على صمتها بشأن عمليات البناء الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس المحتلة والتي تسارعت وتيرتها بشكل لافت منذ انتهاء مهلة التجميد نهاية شهر سبتمبر الماضي والتي كانت سبابا مباشرا في تعليق مفاوضات السلام بعدما رفضت إسرائيل الاستجابة الى مطالب المجموعة الدولية بوقف الاستيطان. ويطرح صمت الإدارة الأمريكية تفسيرات مختلفة من أهمها أن هذه الإدارة لم تعد قادرة على مواصلة لعب دور الوسيط في نزاع فضلت في عديد المرات سواء بملئ إرادتها او عنوة الانحياز فيه الى الطرف الإسرائيلي على حساب حقوق شعب بأكمله مما أبقى الأمور على حالها ودون أي تقدم يذكر على مسار تسوية القضية الفلسطينية.