تسعى الولاياتالمتحدة جاهدة لإنقاذ وساطتها في تسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من فشل آخر بعدما دخلت مفاوضات السلام مرحلة من الجمود بسبب رفض إسرائيل تمديد مهلة تجميد أنشطتها الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.ولم يجد الموفد الأمريكي إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل من شيئا يقدمه للدفع قدما بالعملية السلمية التي تعثرت بعد أقل من ثلاثة أسابيع عن انطلاقها سوى التأكيد على إصرار الإدارة الأمريكية على مواصلة جهودها من أجل تحقيق السلام في الشرق الأوسط. وقال ميتشل في ندوة صحفية مشتركة عقدها أمس مع وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط بالقاهرة ''إننا كنا نعلم في بداية جهود السلام أنه سيكون هناك العديد من العراقيل والمصاعب ولكننا مصممون على تحقيق السلام الشامل في الشرق الأوسط''. وأضاف أنه لمس لدى الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي رغبة لمواصلة المفاوضات رغم الخلافات الحادة بينهما. وقال أنهما طلبا من الولاياتالمتحدة توفير الظروف المناسبة للمواصلة في المفاوضات المباشرة. والمؤكد أن الظروف التي يتحدث عنها الفلسطينيون الذين يطالبون بوقف الاستيطان ليست نفسها الظروف التي يريدها الإسرائيليون المصرون على التفاوض دون أية شروط مسبقة. وهنا يكمن مربط الفرس الذي يجب على واشنطن فكه من خلال لعب دور الوسيط غير المنحاز لطرف على حساب الآخر إذا أرادت مواصلة لعب هذا الدور الذي استأثرت به لسنوات من دون أن تقود إلى أي تسوية للقضية الفلسطينية التي ازدادت تعقيدا. ثم إذا كانت الإدارة الأمريكية غير قادرة على تسوية مسألة الاستيطان التي تعتبر العقبة الرئيسية أمام استمرار مفاوضات السلام فكيف عندما يتعلق الأمر بقضايا الوضع النهائي الشائكة والمعقدة من القدس والحدود واللاجئين والأسرى وغيرها. وقد يكون هذا هو السبب الذي دفع بوزير الخارجية المصري إلى التأكيد على أن الخطة المقبلة لضمان استئناف المفاوضات المباشرة تتمثل في مساعي الرباعية لوقف الاستيطان. في إشارة واضحة إلى ضرورة تفعيل دور اللجنة الدولية الرباعية حول الشرق الأوسط التي تضم كلا من الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة وروسيا. كما أن الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى أكد من جانبه أنه حان الأوان للبحث في البدائل إذا لم يتحقق إنجاز في عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وقال موسى ''إنه آن الأوان بغض النظر عن زيارة ميتشل للبحث في البدائل المطروحة وغير المطروحة إذا لم يكن هناك إنجاز في عملية السلام''. وأضاف ''أن عملية السلام مهددة برمتها ونفضل أن نناقش ذلك مع لجنة المبادرة العربية ومع القمة العربية الاستثنائية بسرت في حضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس''. وذكر أنه تحدث مع ميتشل بكل وضوح عن الموقف والاستيطان وخطورته وتعارضه مع المفاوضات وأنه ذكره بحديث الرئيس الأمريكي باراك أوباما بإعلانه وحرصه على إقامة الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية وأن استمرار الاستيطان لا يخدم الهدف الذي أعلنه الرئيس الأمريكي. تزامنا مع ذلك دعا صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إلى اتخاذ إجراءات عملية لوقف كافة أشكال الأنشطة الاستيطانية مجددا التأكيد أنه ''لا يمكن الجمع بين الاستيطان والسلام''. وقال عريقات ''إن الجانب الفلسطيني مستعد للمفاوضات والتوصل للسلام إلا أن مفتاح تحقيق ذلك بيد نتانياهو نفسه''. مذكرا هذا الأخير بأن عملية السلام تقوم على الاتفاقيات وقرارات الشرعية الدولية وليس على أي خطوات بوادر حسن النوايا. وقررت القيادة الفلسطينية خلال اجتماع لها أول أمس تعليق المفاوضات المباشرة مع إسرائيل بسبب مواصلتها البناء الاستيطاني، وهو القرار الذي رحبت به حركة المقاومة الإسلامية ''حماس'' واعتبرته خطوة في تجاه المصالحة إذا ما تم تحقيقها. وقال صلاح البردويل أحد قادة الحركة ''نتمنى أن تتخذ حركة فتح قرارا بوقف المفاوضات وأن تحمي قرارها وتلتفت للوضع الفلسطيني الداخلي وتساهم في رفع الحصار عن قطاع غزة لا تكريسه''.وحذر البردويل من الوقوع في فخ المصطلحات الإسرائيلية الرامية لتجميل صورة الوقائع الإسرائيلية على الأرض في إشارة إلى تصريحات نتانياهو بأن الاستيطان المعتدل لا يؤثر على المفاوضات. وطالب القيادي في حركة حماس لجنة المتابعة العربية والتي من المقرر أن تجتمع يوم الخميس القادم ل''رفع الغطاء عن المفاوضات ووضع حد للتدخلات السلبية في القضية الفلسطينية''.