أكد وزير التجارة السيد مصطفي بن بادة ل ''المساء'' انه لا يمكن إرجاع سبب ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية الواسعة الاستهلاك إلى الأسواق العالمية في كل مرة، مشيرا إلى انه يجب حاليا تفعيل قانون المنافسة التجارية من خلال السماح للدولة بالتدخل لتحديد الأسعار عبر قانون تسقيف الأسعار الكفيل بتحديد هوامش الربح، وهو ما تم تطبيقه بالنسبة لمادتي الزيت والسكر في مرحلة أولى في انتظار تقارير وزارتي كل من الفلاحة والتنمية الريفية والصناعة لتحديد نوعية المنتجات الواسعة الاستهلاك والمربوطة بالأسواق العالمية، من جهتهم استحسن تجار الجملة التدخل السريع للدولة لحل إشكالية تموين السوق بعدة منتجات بأسعار ارتفعت خلال يومين فقط ب 23 بالمائة، متوقعين مجموعة من الإصلاحات لقطاع التجار لتطهيره من التجار غير الشرعيين وتسهيل الإجراءات القانونية للانتقال إلى الصفقات المفوترة والتعامل بوسائل الدفع الالكترونية. وتعمل وزارة التجارة بالتنسيق مع كل من وزارة الفلاحة ووزارة الصناعة لتحديد قائمة بالمنتجات الواسعة الاستهلاك والمرتبطة بالأسواق والبورصات العالمية المعرضة لتذبذبات الأسعار بهدف الترقب والتدخل لتسقيف الأسعار بما يخدم المستهلك والمحول الصناعي بالدرجة الأولى، من جهة أخرى تتلقى وزارة التجارة حسب تصريح ممثل الحكومة السيد مصطفى بن بادة يوميا تقارير مفصلة من الوكالة الوطنية لترقية التجارة الخارجية ''الجاكس'' التي تقوم بدراسة منحنى أسعار الأسواق العالمية، مع إعداد مقارنات شهرية وسنوية لترقب ارتفاع الأسعار على ضوء أوضاع الدول المصدرة خاصة بالنسبة للمنتجات الغذائية الواسعة الاستهلاك على غرار الزيت، السكر، القمح، الذرة، والبن وعدد من المنتجات الفلاحية المحولة. وتتوقع وزارة التجارة قبل نهاية السنة الجارية إنشاء مرصد وطني للأسعار يسهر على ضبط السوق بما يخدم مصلحة المستهلك والتاجر على حد سواء، مع تسهيل تدخل الدولة كلما تقتضي تقتضي الضرورة، بالمقابل اعترف الوزير ل ''المساء'' بوضعية الهيمنة لعدد من المتعاملين المستوردين للمواد الغذائية الواسعة الاستهلاك، مشيرا إلى أن القانون لا يمنع ذلك، لكن يجب ايجاد مجموعة من الصيغ لحماية السوق الوطنية وتعسف هؤلاء ''المهيمنين''، علما أن الهيمنة صفة توجه لكل متعامل يتمكن من الاستحواذ على 45 بالمائة من السوق الوطنية، وتبقى الجهة الوحيدة المخول لها بالفصل في مثل هذه القضايا ''مجلس المنافسة'' المجمد منذ نشأته سنوات التسعينات -حسب الوزير- الذي يتوقع تفعيله قبل نهاية السنة الجارية، وذلك بعد التقرير المفصل الذي سيتم رفعه قريبا للوزير الأول بعد فشل المشاورات في تعديل بعض قوانينه مع المديرية العامة للإصلاحات الإدارية، بسبب ''مشكل قراءة في القوانين الجديدة'' بخصوص مناصب أعضاء المجلس وصفة الهيئة التي ينشط تحت غطائها. من جهته يؤكد رئيس منتدى رجال الأعمال السيد رضا حمياني ل ''المساء'' في قراءته الأولى لالتهاب أسعار بعض المنتجات الغذائية الواسعة الاستهلاك، أن الإشكالية الحقيقية للسوق الجزائرية يتلخص في غياب هيئة تنفيذية لمراقبة نشاط المتعاملين ووضع حد ''للهيمنة المفرطة ''، حيث يجب وضع حد نهائي لالتهاب الأسعار التي يحددها ''المهيمنون'' من خلال تحديد هوامش الربح وأسعار المنتجات الواسعة الاستهلاك وهي المهام المنتظرة من مجلس المنافسة في حالة تفعيل نشاطه. تجار الجملة بين الاستحسان والترقب كشفت لنا الجولة الاستطلاعية التي قادتنا لعدد من أسواق الجملة بالنسبة للمواد الغذائية تطبيق لإجراءات وزارة التجارة بخصوص تسقيف أسعار الزيت والسكر في حدود 90 دج للكيلوغرام الواحد بالنسبة للسكر و600 دج لزيت المائدة العادية (صفيحة 5 لترات)، لكن بالنسبة للزيوت الخالية من الكولسترول وذات النوعية الرفيعة لم يعرف سعرها تخفيضا كبيرا وهو ما أرجعه محدثونا إلى أن هذا النوع من المنتجات مصنفة في خانة النوعية الرفيعة ولا يمكن للمنتجين تسقيف أسعارها مثل باقي أنواع زيوت المائدة. ويبقى التساؤل السائد بالنسبة للتجار هو طريقة تعاملهم مع الموزعين بعد نهاية شهر فيفري تاريخ انسحاب دعم الدولة من الساحة وفتح المجال للمتعاملين الذين استفادوا من مجموعة من التحفيزات على غرار نزع الرسوم الجمركية، ومدى محفاظتهم على الأسعار المطبقة حاليا مشيرين على سبيل المثال إلى تخفيض ''مجمع سيفيتال'' لأسعاره بشكل أقل مما هو متفق عليه حيث وصل سعر كيس السكر ( 900 غرام) إلى 80 دج في التجزئة واللتر الواحد من سعر(صفيحة زيت) ''ايليو'' إلى أقل من 570 دج لدى عدد كبير من تجار التجزئة، مما جعل المواطنين يحملون تجار الجملة مسؤولية التلاعب بالأسعار وهو مخالف للواقع.من جهة أخرى لمح التجار إلى وضعيتهم مع مصالح السجل التجاري والضرائب بالإضافة إلى الإجراءات التجارية الجديدة التي تفرض عليهم الفوترة في كل تعاملاتهم مع الموزعين وتجار التجزئة، حيث أشار التاجر حكيم بسوق الجملة بالمنظر الجميل (ببلدية القبة) إلى المنافسة غير الشريفة من طرف تجار السمار الذين ينشطون بدون سجلات تجارية ويكسرون الأسعار بطريقة غير شرعية، مما جعل التجار الشرعيين مجبرين على التعامل مع زبائنهم بدون فواتير خوفا من كساد سلعهم . ويتفق في هذا الطرح ''مصطفى'' تاجر تجزئة بأحد الأحياء الشعبية بالعاصمة الذي يؤكد أنه يتعامل منذ أكثر من عشر سنوات مع تجار الجملة ولم يطلب منه ولا مرة التعامل بالفواتير، لأسباب عدة منها انه لا يدفع تكاليف البضاعة إلا بعد 10 أيام من الحصول عليها باتفاق مسبق مع التاجر، بالإضافة إلى عناء نقل كل الوثائق المتعلقة بنشاطه في كل مرة ينوي تموين محله، وعليه يجمع كل التجار الجملة والتجزئة أن النشاط التجاري غير المفوتر يعد الحلقة الأهم لتموين سوق التجزئة، وأن محاولة الاستغناء عنها عبر عمليات تطهير شبكات توزيع الشركات الكبرى من الصفقات غير المفوترة كانت من أهم أسباب لهيب الأسعار. ويقترح التجار قبل قضاء المهلة المعلنة من طرف وزارة التجارة بالنسبة لإجبارية التعامل بالفواتير، واستعمال وسائل الدفع الالكترونية في التعاملات المالية التي تزيد عن 50 مليون سنتيم قبل نهاية شهر مارس المقبل، أن تتم دراسة السوق وتسهيل مختلف الإجراءات البيروقراطية سواء عبر مراكز السجل التجاري أ ومصالح الضرائب وحتى البنوك. سجل تجاري إلكتروني لتطهير وتنظيم السوق قررت وزارة التجارة إطلاق قبل نهاية السنة الجارية أول سجل تجاري إلكتروني يتم إعداده بالتنسيق مع مصالح وزارة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال، لوضع آخر ابتكارات التكنولوجيات الحديثة تحت تصرف قطاع التجارة، حيث تم تنصيب لجنة عمل يترأسها وزير البريد والاتصال السيد موسى بن حمادي الذي وعد ببذل كل المجهودات للخروج بأرضية عمل لتسهيل عمل المركز الوطني للسجل التجاري، الذي اختار الشبكة العنكبوتية في تعاملاته مع كل شركائه والتجار في عملية الاطلاع على الخدمات واقتراح تعديلات على نشاطاتهم التجارية، في حين سيتم بصفة تدرجية تعويض وثيقة السجل التجاري ببطاقات مغناطيسية تضم بطاقات ''سيم'' تحمل كل بيانات التاجر وتعاملاته مع مصالح الضرائب والبنوك، يقدمها التاجر في كل المراحل التي سيمر منها خلال دفع ضرائبه أو طلب قروض مالية أ وحتى اقتناء بضاعته، وبالنظر إلى حساسية الملف يقول وزير القطاع السيد بن بادة أن بطاقات السجل التجاري ستسلم في بداية الأمر إلى المؤسسات الصناعية الكبرى قبل تعميمها على باقي تجار القطاع الصناعي والتجاري. ويؤكد ممثل الحكومة أن عملية تغيير السجلات ستسبقها دراسة دقيقة للسوق الجزائرية من كل النواحي تمتد لسنة كاملة لتحديد القيمة الحقيقة للمشروع، وإيجاد قارئات للسجلات الالكترونية الجديدة التي ستوزع على كافة المتعاملين مع مصالح مراقبة التجار، الضرائب البنوك والجمارك، وذلك بهدف ضبط ومراقبة كل التعاملات التجارية، من جهة أخرى تنتظر وزارة التجارة صدور مرسوم وزاري جديد معدل لأحكام النشاط التجاري وهو الذي سيحدد فترة صلاحيات السجلات التجارية بسنتين لتلك التي تخص نشاطات استيراد للبيع على الحالة، تجار الجملة، الأجانب التجار بالتجزئة، علما أن القرار سيمس 105 آلاف تاجر.