تولي سياسة الجزائر الخارجية أهمية كبيرة للنهوض بالواقع الإفريقي من خلال دفاعها عن المبادئ التي رافعت عنها خلال الثورة التحريرية وبعد الاستقلال، لا سيما تقرير المصير والاستقلال والحرية، ومن هذا المنطلق جاءت المشاركة الجزائرية خلال أشغال القمة ال16 للاتحاد الإفريقي التي اختتمت أشغالها يوم الإثنين الماضي بأديس ابابا لتأكيد هذا الحرص وفق شعار ''من أجل وحدة واندماج أكبرين''. وقد دأبت الجزائر على المشاركة في الاجتماعات الإفريقية انطلاقا من المكانة التي تحظى بها في القارة السمراء، حيث تأتي في هذا السياق مشاركة وزير الخارجية السيد مراد مدلسي ممثلا عن رئيس الجمهورية في قمة اديس ابابا، ففي هذا الإطار أشارت يومية ''المجاهد'' في حوصلة حول القمة إلى أن ''قيم تقرير المصير والاستقلال والحرية هي التي غذت الكفاح من أجل تأكيد شخصية الشعوب الإفريقية والتي طالما دافعت عنها الجزائر وكرستها كمبادئ تأسيسية لإدارة سياستها''. وأضافت الجريدة أن إفريقيا ترتكز اليوم على ''إجماع كبير حول مجموعة من القيم التي تعد وسيلة مفضلة لتأكيد هويتها ومصيرها المشترك'' والإسهام في ''تصميم'' علاقات دولية جديدة. وأوضحت اليومية أنه من هذا المنطلق وبمناسبة قمة منظمة الوحدة الإفريقية بالجزائر العاصمة تم تأسيس النيباد ''ثمرة مشاورات حثيثة وثرية بين رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة ونظيريه الجنوب إفريقي السيد ثابو مبيكي والنيجيري السيد أولوسيغون أوباسانجو''. واعتبرت ''المجاهد'' أن هؤلاء الرواد ''سطروا مسار نهضة إفريقية حقيقية كفيلة بالاستجابة لتطلعات شعوب القارة إلى التنمية والعدالة الاجتماعية وترقية حقوق الإنسان''. ومن بين المكاسب الهامة الأخرى المحققة ذكرت اليومية رفض أنظمة ناجمة عن تغييرات غير دستورية وهو ما كرسته قمة الجزائر في جويلية 1999 وأكدته قمة لومي سنة من بعد. وأشارت اليومية إلى أن الاتحاد الإفريقي أحرز تقدما كبيرا في وضع الهيكل الإفريقي للسلم والأمن وإقامة شراكات مع البلدان المتقدمة. وأوضحت أنه في هذا المجال لعبت الجزائر دورا جوهريا، لاسيما من خلال وساطتها الناجحة إلى جانب الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي في النزاع بين إثيوبيا وإريتريا الذي أفضى إلى التوقيع على اتفاق الجزائر العاصمة وكذا وساطتها في منطقة البحيرات الكبرى ودعمها اللوجيستي الهام لانتشار القوة الإفريقية في الصومال. وفي الصومال بالتحديد مكنت هذه الجهود من تعزيز تواجد البعثة الإفريقية بفضل إسهام بعض الدول والدعم الكبير المقدم من دول أخرى كالجزائر التي كان ''دعمها اللوجيستي حاسما''، بحيث مكن القوة الإفريقية (أميسوم) من الانتشار عبر هذا البلد. وفيما يتعلق بالسودان ذكرت اليومية بأن الجزائر التي تنتمي إلى اللجنة الوزارية الإفريقية-العربية حول أزمة دارفور ضمت جهودها لمختلف الوسطاء بغية التوصل إلى اتفاق شامل. وأردفت تقول إن الأزمة الأخرى التي تثير انشغال المنظمة القارية هي تلك التي تهز كوت ديفوار، معتبرة أن ''الجزائر تعلق آمالا كبيرة على تغليب الحكمة وروح الحوار بين مختلف المتنازعين لتفادي سقوط هذا البلد في حرب أهلية ونزاعات داخلية جديدة''. وكتبت ''المجاهد'' إن ''الجزائر مقتنعة أنه حان الوقت لتتزود إفريقيا بآلية قارية فعالة وذات مصداقية في مجال تحضير وتنظيم ومتابعة انتخابات من شأنها أن تعكس المغزى والهدف الحقيقي من الاستشارات الانتخابية''. وقالت إن ''التحدي الرئيسي الآخر'' الذي تواجهه دول القارة يتمثل في الإرهاب، مشيرة إلى أن الجزائر التي خاضت حربا ضارية ضد هذه الظاهرة العابرة للأوطان ''تتحمل مسؤولياتها كاملة على المستويين الإقليمي والدولي لتنظيم مكافحة فعالة للقضاء عليها''. وذكرت أنه في إطار مكافحة الإرهاب شهدت سنة 2010 ''تجندا أكبر'' للدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي الذي أنشأ في إطار مجلس السلم والأمن لجنة فرعية مكلفة بتنسيق أعمال مكافحة الإرهاب على المستوى القاري. ونظمت الجزائر اجتماعا تحت رعاية المركز الإفريقي للدراسات والأبحاث حول الإرهاب الذي سمح باستكمال مشروع قانون نموذجي إفريقي حول مكافحة الإرهاب. وكتبت ''المجاهد'' إنه ''يتوجب إبراز التقدم المحقق في قارتنا لإنشاء قوة إفريقية جاهزة''، معتبرة أن ''الجزائر تمكنت هنا أيضا من تجسيد التزامها الفعال''، من خلال وضع قاعدة عملية بجيجل تحت تصرف القوة الإفريقية الإقليمية لشمال إفريقيا. مدلسي يتحادث مع رئيس الجمعية العامة لمنظمة الأممالمتحدة تحادث وزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي أول أمس بأديس أبابا (إثيوبيا) مع رئيس الدورة ال65 للجمعية العامة لمنظمة الأممالمتحدة السيد جوزيف ديس. وخلال هذه المحادثات التي جرت على هامش الدورة ال16 لندوة رؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي تبادل الطرفان وجهات النظر حول أحداث الساعة الإفريقية والدولية وبالخصوص المسائل المتعلقة بالسلم والأمن في إفريقيا وكذا إصلاح نظام الأممالمتحدة. وتميزت المحادثات بتطابق وجهات النظر بين المسؤولين لاسيما بخصوص الجهود والتقدم ''المعتبر'' الذي حققته إفريقيا في مجال تسيير وتسوية النزاعات في إفريقيا حسبما صرح به مصدر مقرب من الوفد الجزائري. كما أشاد السيد ديس بدور الجزائر في هذه الهيئة مذكرا بالمصادقة على القرار الذي يدين ويرفض التغيرات المناقضة للدستور في جويلية 1999 بالجزائر العاصمة من طرف منظمة الوحدة الإفريقية. فيما يتعلق بإصلاح الأممالمتحدة أبرز السيد مدلسي ''التناسق'' و''التلاحم'' الذي يميز موقف الاتحاد الإفريقي بخصوص الإصلاح الخاص بمجلس الأمن وكذا الإصلاح ''الشامل'' للنظام الأممي بمجمله. من جهة أخرى تطرق المسؤولان اللذان ناقشا إشكالية الحكامة العالمية إلى الدور ''المركزي'' الذي يجب أن تضطلع به منظمة الأممالمتحدة في التكفل بالتحديات العالمية. وفي ختام المحادثات كلف السيد ديس السيد مدلسي بنقل مشاعر التقدير والاحترام الشخصي لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة.