تجاوز عدد التعديلات المقترحة على مشروع قانون البلدية من طرف نواب المجلس الشعبي الوطني في اليوم الثاني من المناقشة عدد مواد النص الأصلي والمقدرة ب224 مادة حيث تم إحصاء 234 تعديلا، واعتبرت لجنة الشؤون القانونية المطالبة بدراستها أن ذلك يعكس الأهمية التي يكتسيها النص. وواصل النواب أمس في جلسة عامة، غاب عنها رئيس المجلس السيد عبد العزيز زياري مناقشة مشروع القانون بتقديم اقتراحات عديدة تصب كلها في سياق تعزيز دور المنتخب المحلي وتشجيع المبادرة المحلية، وتبين من خلال التدخلات ان هناك إجماعا من كافة النواب ومن مختلف الحساسيات على ضرورة إدخال تعديلات جوهرية على النص الأصلي وهو ما يفسر العدد الكبير من التعديلات المقترحة والتي وصلت أمس الى 234 مقترح تعديل في انتظار تسجيل أخرى، ويعد هذا العدد اكبر مقارنة بعدد مواد النص والمقدرة ب224 مادة أساسية. وذهب النواب الذين تدخلوا أمس الى التأكيد على ضرورة جعل المنتخب في منأى عن ضغوطات أصحاب المال والنفوذ وذلك من خلال تعزيز صلاحياته من جهة وتمكنه من منح تتناسب والمسؤوليات الملقاة على عاتقه من جهة أخرى. وتقاطعت تدخلات النواب كذلك حول الموضوع المتعلق بصلاحيات المنتخب ورئيس البلدية على وجه الخصوص ورأوا ان هيمنة الإدارة على المنتخب كما هو منصوص عليه في النص الأصلي من شأنه ان ينفر مناضلي الأحزاب من تولي المسؤولية، واقترحوا ان يكون هناك توازن في الصلاحيات بدل ان يتم ترجيح الكفة لطرف على حساب الآخر من منطلق ان مشروع القانون ينص صراحة ان المنتخب يمثل الدولة في إقليم بلديته. ورغم ان جلسة أمس خيمت عليها أنباء التي تفيد بإمكانية الذهاب نحو حل المجلس الشعبي الوطني مما جعل الكثير من النواب يتغيبون عن الجلسة إلا ان الذين حضروا ساهموا بفاعلية في تقديم مقترحات حول المشروع بالنظر الى أهميته ليس فقط كما قال البعض منهم لأنه يضبط سير المجالس الشعبية البلدية ولكنه سيمهد لإصلاحات واسعة لقوانين أخرى منها الولاية والانتخابات. وفي هذا السياق فقد اظهر النواب شبه إجماع على أهمية اتباع النص المعروض للمناقشة بنصوص تعدل قوانين الولاية والانتخابات والجمعيات إضافة الى إعادة تفعيل مشروع التقسيم الإداري الذي تبناه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وقال النائب محمد توهامي عن حزب العمال أنه ''من الواجب إعادة النظر في مجموعة من القوانين المرتبطة بقانون البلدية كقوانين الأحزاب والجمعيات والانتخاب والإسراع في الكشف عن التقسيم الإداري الجديد بالنظر إلى الارتفاع المضطرد لعدد سكان الجزائر''، وأضاف أن رفع حالة الطوارئ ''يقتضي من باب الديمقراطية إلغاء كل المراسيم والتعليمات التي جاءت معها'' والتي كما أضاف ''كان لها تأثير على الحد من صلاحيات المجالس الشعبية البلدية في التكفل بمطالب المواطنين''. وقدمت النائبة سليمة عثماني من حزب جبهة التحرير الوطني نفس الاقتراح ودعت الى الإسراع في مراجعة قوانين الأحزاب والانتخابات والجمعيات والقانون العضوي الخاص بترقية الحقوق السياسية للمرأة لارتباطها بسير المجالس الشعبية البلدية. وبخصوص الجوانب المتعلقة بوظيفة رئيس المجلس الشعبي البلدي ثمنت نائبة الآفلان عدم إمكانية سحب الثقة من رئيس البلدية خلال العام الأول من العهدة وخلال السنة التي تسبق نهاية عهدته الانتخابية. وحول هذا الموضوع بالذات اقترح نائب التجمع الوطني الديمقراطي شهاب صديق ان يكون انتخاب رؤساء البلديات لعهدة كاملة مدتها خمس سنوات، وحينها يتم محاسبته مع ضمان مراقبة دائمة من خلال الآليات التي وضعتها الدولة مثل فتح منصب المراقب المالي في كل بلدية. وانتقد النواب من جهة أخرى إحالة الكثير من مواد مشروع القانون على التنظيم واعتبروا ذلك إنقاصا من مسؤولية النائب وطالبوا بتقليص عددها. وأحال مشروع قانون البلدية 22 مادة على التنظيم ويتعلق الأمر بمواد تخص بالأساس قضايا حساسة منها المنح والعلاوات والمسار المهني للمنتخبين وكيفية انتخاب مجلس بلدي جديد وتسخير قوات الأمن من طرف رئيس البلدية، وكيفية وشروط تعيين الأمين العام وكذا حقوق وواجبات الأمين العام وإنشاء مؤسسات عمومية تابعة للبلدية والأراضي التي تقتنيها البلدية لتحويلها الى مقابر وكيفية اللجوء الى القرض. وحول كافة هذه التعديلات قال رئيس لجنة الشؤون القانونية السيد حسين خلدون ان اللجنة مطالبة بدراستها كلها وربط ارتفاع عددها الى الأهمية التي يكتسيها القانون. وذكر في تصريحات للصحافيين بعد اختتام الجلسة الصباحية ان ما يقترحه النواب من تعزيز لدور المنتخب المحلي يصب في سياق الحرص على إعطائه سلطة تجعله قادرا على الاستجابة لانشغالات المواطنين، لكنه أشار الى انه لا يجب ان تكون تلك الصلاحيات على حساب الإدارة، وأوضح انه سيعمل مع أصحاب التعديلات على إحداث توازن بين الإدارة والمنتخب حتى لا يتم الوقوع في نفس المشاكل التي يحاول الجميع تجاوزها اليوم. وأضاف انه رغم التعديلات المقترحة والتحسينات المنتظر إدخالها على المشروع إلا انه لا يمكن بلوغ الأهداف التي يطمح إليها النائب إلا من خلال استكمال تعديل القوانين ذات الصلة مثل الولاية والانتخابات والجمعيات لارتباطها الوثيق ببعضها البعض. وللإشارة فقد بلغ عدد النواب المسجلين في قائمة المتدخلين 171 نائبا.