تسعى الجزائر من خلال تسطيرها لبرنامج طموح لتطوير الطاقات المتجددة إلى تنويع مصادرها الطاقوية الكثيرة، وحسب وزير الطاقة والمناجم السيد يوسف يوسفي فإن تجسيد البرنامج يستدعي تصنيع غالبية التجهيزات والمكونات محليا، بالإضافة إلى التحكم في التكنولوجيا على مستوى المخابر الجزائرية. ويعد تجسيد برنامج تطوير الطاقات المتجددة تحديا حقيقيا لفتح قنوات أخرى للتصدير وتراهن عليه الدولة لتصدير جزء منها إلى أوروبا، حيث يرمي من خلال استغلال الطاقات الشمسية والهوائية والحرارية الجوفية إلى رفع إنتاج الكهرباء انطلاقا من هذه الطاقات تدريجيا في ظرف 20 سنة إلى 40 بالمائة من الإنتاج العالمي للكهرباء. ولهذا المسعى أوضح رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، في رسالة بعث بها إلى المشاركين في يوم التفكير حول تصنيع التجهيزات وقطع الغيار في قطاع الطاقة والمناجم، أن الدولة قررت ''إنشاء محافظة للطاقات المتجددة ستتولى بصفة شاملة ومنسقة قيادة التفكير حول أجهزة دعم الطاقات المتجددة وذلك بالتنسيق والتشاور الدائمين مع كافة الفاعلين في هذا المجال''. وبهذا الصدد، أكد وزير الطاقة والمناجم السيد يوسف يوسفي أول أمس، بالجزائر، خلال لقاء حول آفاق الاستثمار في قطاع المحروقات والطاقة والمناجم أن ''تجسيد برنامج الطاقات المتجددة ''لن يكون له معنى'' إلا إذا تم تصنيع غالبية التجهيزات والمكونات محليا وتم أيضا التحكم في التكنولوجيا على مستوى المخابر الجزائرية، موضحا ''أنها ورشة كبيرة تنفتح لنا وأن الدولة على استعداد لمرافقة الجهود التي سيتم القيام بها في هذا الصدد''. وألح من جهته رئيس الجمهورية في رسالة وجهها إلى المشاركين في هذا اليوم على ضرورة إشراك وتشجيع مبادرات المتعاملين المحليين في تجسيد هذا البرنامج. وحث الرئيس بوتفليقة الحكومة على السهر على ترقية تعاون مع جميع الشركاء الأجانب العموميين والخواص المستعدين لتقاسم معارفهم مع الجزائر والعمل على إقامة شراكات قائمة على التقاسم العادل للفوائد. واعتبر رئيس الجمهورية أن السياسة الطاقوية الجديدة ''ستتدعم بتطوير صناعة المناولة المحلية في مجال الطاقات الجديدة والمتجددة الكفيلة بإنشاء عشرات الآلاف من مناصب الشغل ذات القيمة المضافة العالية في غضون عقد من الزمن''. ونظرا لأهمية قطاع الصناعة، فقد التزم وزير الصناعة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وترقية الاستثمار السيد محمد بن مرادي بالمساهمة في تنفيذ البرنامج الوطني للطاقات الجديدة والمتجددة. وأوضح السيد بن مرادي لدى افتتاح لقاء حول آفاق الاستثمار في قطاع المحروقات والطاقة والمناجم ''إننا على استعداد لاستعراض جميع إمكانيات الشراكة (مع قطاع الطاقة) من أجل المساهمة في تجسيد وتطوير البرنامج الوطني للطاقات الجديدة والمتجددة''، كما أشار الوزير إلى أن المناولة الصناعية تشكل أحد المجالات الأكثر استهدافا في إطار هذا التعاون''. واعتبر في هذا الصدد أنه من الضروري تعزيز الشبكة الوطنية للمناولة حتى تحل تدريجيا محل استيراد التجهيزات وقطع الغيار الصناعية وتحسين الاندماج الوطني في القطاع الصناعي. جدير بالذكر أن البرنامج الوطني للطاقات المتجددة يهدف إلى إنشاء قدرة إنتاج ذات طابع متجدد تقارب 22.000 ميغاواط في آفاق 2030 منها 12.000 ميغاواط موجهة لتلبية الطلب الوطني على الكهرباء و10.000 ميغاواط موجهة للتصدير ''إذا ما أتاحت الظروف ذلك''. وفور تجسيده سيسمح هذا البرنامج -حسب رئيس الجمهورية- باقتصاد ''ما يقارب 600 مليار متر مكعب من الغاز على مدى 25 سنة'' أي ما يعادل كميات الغاز التي تصدرها الجزائر سنويا حاليا. ومع تحديد ستين مشروعا في هذا المجال تعتزم الجزائر الاستجابة لحاجيات البلدان الأجنبية في مجال الطاقة الكهربائية وذلك بالشراكة مع مشترين أوروبيين. ويعد الرهان كبيرا لأن تطوير الطاقات المتجددة خلال العشرين سنة المقبلة يمثل استثمارا يقدر بأزيد من 4500 مليار دج لشق الكهرباء فقط أي أكثر من 62 مليار دولار. وهكذا تطمح الجزائر بفضل هذا البرنامج إلى تقليص تبعيتها الاقتصادية لمورد المحروقات واستبدالها بمورد طاقوي يحترم البيئة ودائم وضروري للتنمية الدائمة للبلد.