عبّر السيد مصطفى بن بادة وزير التجارة عن أمله في أن تبرمج منظمة التجارة العالمية الجولة الحادية عشرة للمفاوضات الخاصة بانضمام الجزائر لها في أقرب الآجال حتى يتم التعرف على موقف الشركاء وردود فعل الدول الأعضاء، أملا منه في توفر إرادة سياسية لمعالجة وتقبل ملف الجزائر. كما اعترف السيد بن بادة بالعراقيل التي لا تزال تعيق انضمام الجزائر من طرف بعض الدول الأعضاء والصعوبات التي تفرضها على بلادنا دون سواها من باقي الدول التي انضمت للمنظمة. ولم يستبعد السيد بن بادة إمكانية تأخر فوج العمل الذي يقوم بدراسة ملف انضمام الجزائر على مستوى منظمة التجارة العالمية بسبب قرب انتهاء عهدة رئيس الفوج الحالي التي ستنتهي خلال شهر جويلية القادم، معبرا عن رغبته في أن لا تستغرق هذه المرحلة الانتقالية وقتا طويلا وأن يأخذ الرئيس الجديد لفوج العمل ملف الجزائر بعين الاعتبار وبجدية للرد على محتوى أجوبة الجزائر بخصوص الأسئلة الأخيرة التي وجهت لها الدول الأعضاء في المنظمة. علما أن الجزائر ردت إلى حد الآن على 1640 سؤالا وجهته لها المنظمة خلال عشر جولات. وفي كلمة ألقاها خلال اليوم البرلماني حول ''الجزائر والمنظمة العالمية للتجارة، رهانات وآفاق'' بإقامة جنان الميثاق بالجزائر أمس توقف السيد بن بادة عند طول مدة مسار هذه المفاوضات التي تجاوزت العشرين سنة، فبالرغم من بعض المؤشرات الايجابية التي تلقتها الجزائر في الثلاث سنوات الماضية والمتمثلة في تقليص عدد الأسئلة الموجهة إليها وشروع فوج عمل في دراسة ملف الجزائر فإن المنظمة لا تزال تفرض شروطا والتزامات صارمة ومعقدة، وهي صيغة من عدم المساواة واللاعدل في التعامل مع الدول الراغبة في الانضمام، باعتبار أن العديد من الدول التي انضمت لم يتعامل معها بكل هذه التعقيدات وقدمت لها عدة تسهيلات مقارنة بالجزائر التي كانت السباقة للتعبير عن رغبتها في الانضمام. وفي حديثه عن هذه العراقيل أضاف المتحدث أن المنظمة لم تأخذ بعين الاعتبار الظروف الاستثنائية التي تعرضت لها الجزائر من أزمة اقتصادية في الثمانينات وفقدانها عدة هياكل اقتصادية خلال العشرية السوداء، حيث تعرضت في مسارها التفاوضي لعراقيل قاسية لم تأخذ بعين الاعتبار مستواها التنموي. مذكرا بالإصلاحات التنموية والجهود التي تبذلها الدولة للنهوض بالاقتصاد وتنويع ودفع التجارة وتطوير الاستثمار لتجاوز كل الصعوبات التقنية التي لا تزال تعرقل هذا الانضمام. من جهته رأى السيد عبد العزيز زياري رئيس المجلس الشعبي الوطني في كلمة ألقاها بالمناسبة أن انضمام الجزائر لمنظمة التجارة العالمية ضرورة لاندماج الاقتصاد الوطني في الاقتصاد العالمي لذا لا بد من التحضير له وتسهيله حتى يتم في آجال معقولة وفي أحسن الظروف بالنسبة للاقتصاد الوطني، مضيفا أن هذا الانضمام يجب أن يكون نابعا من قرار سياسي سيد يتماشى مع المصلحة الوطنية العليا. وفي هذا الصدد أوضح رئيس الغرفة السفلى للبرلمان أن تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي يتطلب مواصلة وتعميق الإصلاحات للانتقال من اقتصاد مرتكز على النفقات العمومية إلى اقتصاد متنوع منتج للثروة وقادر على تصدير منتوجات ذات قيمة مضافة عالية. كما صرح المسؤول بأن هذا الانضمام يؤدي إلى تغير عميق للمنظومة القانونية المنظمة للممارسات التجارية وهو ما يحدث تغيير كبير في النشاطات التجارية على المستوى الداخلي وفي النظرة الاقتصادية والتجارية مع الشركاء الأجانب. مذكرا بأن انضمام الجزائر لمنظمة التجارة العالمية سيفتح آفاقا جديدة تسهل التطور والنمو القوي للاقتصاد الوطني. أما السيد أليخاندرو جارا نائب المدير العام لمنظمة التجارة العالمية فقد أشار إلى أن الجزائر لا ينبغي أن تبقى على جانب النظام العالمي المتعدد الأطراف بل هي مطالبة بتأدية دورها على طاولة المفاوضات لمنظمة التجارة العالمية. داعيا إياها إلى بذل المزيد من الجهد لإنهاء هذه المفاوضات التي طالت مدتها لأنه كلما أجل هذا الانضمام كلما زادت إجراءاته تعقيدا بحكم تزايد عدد الأعضاء في المنظمة الذين يوجهون أسئلة إضافية للجزائر. وتجدر الإشارة إلى أن الجزائر وقعت إلى حد الآن على خمس اتفاقيات منذ مباشرتها لهذه المفاوضات وتواصل مفاوضاتها مع حوالي 12 بلدا آخر لتوقيع ما تبقى من هذه الاتفاقيات الثنائية. داعيا الجزائر إلى الإسراع في تحيين منظومتها التشريعية وتكييفها مع الشروط التي تفرضها المنظمة للإسراع في الانضمام. وفي سياق الحديث عن العراقيل التي لا تزال تعيق هذا الانضمام ذكر السيد إدريس الجزائري ممثل الجزائر الدائم في جنيف بالتأثير السلبي للتجربة السابقة مع صندوق النقد الدولي والنتائج المخيبة لاتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى الشروط الجائرة التي تفرضها الدول الأعضاء كما ذكرناه سابقا. كما أشار المتحدث إلى بعض النقاط العالقة التي تعيق تقدم هذه المفاوضات خاصة منها ما تعلق بتباين المواقف بين الطرف الجزائري والأطراف الأخرى بخصوص عدة مسائل حساسة كنمط مواءمة ثمن الغاز الطبيعي التدريجي للقطاع الصناعي مع السعر العالمي.