رغم التقلبات الجوية والأمطار التي تميزت بها نهاية الشهر المنصرم، إلا أن هذا لم يحل دون انطلاق موسم الاصطياف مبكرا في مختلف ولايات الوطن منذ الفاتح من جوان بعد سلسلة التحضيرات التي قامت بها الجماعات المحلية استعدادا لهذا الموسم، ولعل الحشود المتوافدة على الشواطئ أحسن دليل على الرغبة في الاصطياف دون الحاجة حتى إلى مرحلة انتقالية للتأقلم نفسيا وجسديا مع فصل النزهات والاستجمام، خاصة وأن البحر يعد المتنفس الأكبر لشريحة كبيرة من المواطنين. ومع الارتفاع المحسوس في درجات الحرارة الذي ينبئ بانقضاء فصل الربيع قامت بعض النسوة وخاصة الأمهات ببعض الترتيبات التي يتطلبها موسم الحر. فبعضهن وضعن مخططا يحدد مواقع الترفيه والاستراحة، وأخريات بدأن بإخراج الملابس الصيفية المخزنة، فيما أجرت أخريات تغييرات في البيت كإزالة الستائر والزرابي الشتوية.. ومن ناحية أخرى هناك من عاد للجلوس في فناء المنزل طلبا للاستراحة وهروبا من أجواء المنزل بعد غياب طويل عنه... كما أن هناك من شده الحنين إلى مياه البحر المنعشة، فلم يتوان عن ارتياد الشواطئ كلما سمح الطقس بذلك، منهم حتى بعض الطلبة الذين كانوا على موعد مع الامتحانات المصيرية، حيث أن ارتفاع درجات الحرارة في هذا الشهر، خلافا للشهر المنصرم الذي تميزت أيامه الأخيرة بتهاطل كميات معتبرة من الأمطار، أجبر العديد من الشباب على السباحة بحثا عن الانتعاش المفتقد بسبب الحر الشديد، والتي أخذت درجاته ترتفع بشكل محسوس هذه الأيام. هي كلها مظاهر تدل على الرغبة في تغيير أجواء الركود التي تسبق هذا الموسم، حيث أنها استعدادات تلقائية يلجأ إليها عامة الناس بمجرد أن ترسل الشمس أشعتها الساخنة، بحسب شهادة العديد من المواطنين الجزائريين ممن يقرون بأنهم يفتقرون إلى ثقافة استقبال الصيف، وأن أشعة الشمس الحارقة هي التي تدفعهم عادة إلى اتخاذ قرار الخروج في نزهات نحو أماكن الترفيه أو لتناول وجبات العشاء خارج المنزل في آخر لحظة. وعموما تمت تهيئة عدة شواطئ لصالح المصطافين، وذلك وفقا للبرامج التي تسمح بتسيير الشواطئ، من خلال تحديد مختلف الفضاءات الواجب استغلالها من طرف المواطن أو تلك الموجهة للكراء من طرف الخواص، والمنطقة المخصصة للاستجمام وأماكن توقف السيارات وتموقع مراكز الحماية المدنية ومصالح الأمن والدرك الوطني وكذا المراحيض، ويضاف إلى هذه الشروط التي تضمن سلامة وراحة المصطافين تسلل بعض الباعة المتجولين، ممن يجولون بحثا عن العطشى الراغبين في شرب المياه والعصائر الباردة وكذا عن الراغبين في تناول بعض العجائن والحلويات المنزلية، وفي المقابل عرفت بعض غابات العاصمة توافدا كبيرا، خلال عطل نهاية الأسبوع، وذلك منذ شهر ماي الفارط.. وفي هذا الشأن روت السيدة ''زهرة.ن'' أنها بدأت جولاتها الترفيهية منذ أزيد من شهر هروبا من أجواء المنزل الروتينية، مشيرة إلى أنه من ضمن الأماكن التي زارتها غابة بوشاوي ذات مساء جمعة، حيث وجدت المكان يعج بالعائلات، والتي فضل الكثير من أفرادها إحضار وجبات خفيفة معهم لتزيد من متعة الجلوس في أحضان الطبيعة. تدابير مختلفة لفصل واحد أحاديث كثيرة عن الموسم مع مختلف الشرائح أظهرت أن الصيف اقتحم البيوت مبكرا من غير سابق إنذار.. سردت السيدة ''منى'' ل''المساء'' قائلة: ''لجأت إلى اتخاذ تدابير محددة لإعطاء طلة مميزة للبيت خلال فصل الصيف بوضع ستائر زاهية الألوان للنوافذ، وكذلك اقتناء أثاث ومفارش بألوان فاتحة توفر البهاء للمنزل، في حين استهويني أن أقتني لأطفالي أغطية تحمل رسومات وأشكال مثيرة حتى أشعر بالتغيير.. في الحقيقة أحب تغيير أشياء كثيرة في هذا الفصل، لكن افتقاري لمسكن خاص يحول دون تجسيدي لكافة الأفكار التي أحملها بخصوص طرق الاستعداد للموسم الساخن.س وتحدثت ''أشواق''، فتاة شابة تعمل، لتوضح أنها شرعت أياما قبيل حلول موسم الاصطياف بالتحضير لاستقباله بالشكل المعتاد عليه، وذكرت ل''المساء'' أنها جهزت كل شيء تقريبا للاصطياف، حيث أنها أخرجت الملابس الصيفية وخزنت الملابس الشتوية الثقيلة. مضيفة: ''في هذه الفترة أهتم كثيرا بشراء الملابس زاهية الألوان وكذا الصندل الخفيف الذي يريح القدمين.. كما برمجت خرجات مع الأهل والأصدقاء، مع مراعاة تحديد فترات الذهاب إلى الريف وإلى الشواطئ بعد تحديد الميزانية الخاصة بذلك طبعا. قالت سيدة أخرى (موظفة) إنها قامت هي الأخرى في الأيام القليلة الماضية بغسل بعض أفرشة الشتاء الثقيلة، كما اقتنت أغطية لطفلها وستائر فاتحة الألوان وخفيفة القماش لتسمح لأشعة الشمس باقتحام الغرف بعد غياب طويل، وبطرد كآبة فصل البرد وما يقتضيه من ديكور قاتم الألوان.. واستطردت مبرزة أنها أزالت الزرابي المتواجدة في أرضيات البيت، باعتبار أنها تفضل ترك الأرضية كما هي، لأن حرارة الصيف تجعلنا بطبيعة الحال في غنى عن دفء الزرابي... ولم يبق الآن سوى مشوار البحث عن الأثواب الصيفية لكافة أفراد العائلة تضيف محدثتنا، التي تفضل في هذا الموسم الأبيض، الوردي، البني الفاتح والأزرق. وعبر السيد ''عبد الرحيم'' (جد) عن سروره لحلول فصل الحرارة لمميزاته الكبيرة منها الخروج في نزهات مع الأطفال إلى الشواطئ والمناطق الجبلية اغتناما لفرصة ظفرهم بالعطلة الصيفية.. وجاء على لسانه: ''يستهويني خلال هذا الموسم التسكع في الأسواق في المساء من غير أي عائق على خلاف ما يحدث في الشتاء، حيث أن المطر يمنعنا من التجوال..ويضاف إلى هذا حلاوة الجلوس في فناء الدار والتي لا تتاح أيضا إلا في الأيام المشمسة. لكن - برأي محدثنا - الصيف هذا العام يختلف عن الصيوف الماضية، لأن رمضان سيأتي في قلب الموسم، وهذا ما سيدفع بالبعض إلى التغيير من برامجهم الاصطيافية مع التركيز على الاستعداد للشهر الفضيل. وكما يتطلب استقبال الصيف تغيير طلة بعض الغرف في البيت، للحصول على مشهد يشعر بالبرود، ويسمح بالاستمتاع بمنظر جمالي مغاير لذلك الذي يسود في فصل الشتاء.فإن التغيير مس في هذه الآونة الفضاء الخارجي أيضا، وهو ما يبدو جليا من خلال الأسواق والمحلات التي ترتدي حلة الصيف الزاهية، لاسيما بعد أن تفنن أصحابها في عرض مختلف الملابس وأدوات الصيف من شمسيات وحقائب وألعاب بحرية للأطفال بأسعار متفاوتة لإغراء الزبائن.. وهو ما يعد ورقة رابحة لتجار الأسواق المنظمة والموازية على حد سواء بل وحتى بعض الأطفال ممن تجبرهم الظروف على العمل خلال العطلة، فالصيف هو فصل الذي تنتعش فيه التجارة نتيجة كثرة الولائم والنجاح المدرسي والحاجة إلى أدوات الاصطياف والأكل في الخارج . ويبدو من خلال بعض الآراء المسجلة أنه رغم غياب ثقافة استقبال الصيف، إلا أن الحرارة التي تفرض نفسها على الأجساد تدفع كل فرد لايجاد طريقة ما تسمح له بالاستمتاع بهذا الفصل، والشعور بالتغيير بعد مدة طويلة من الركود.. ولهذا يسعى كثيرون للخروج عن المألوف، ولو بتغيير ديكور المنزل، وتغيير العادات السلوكية من خلال الاحتكاك بأماكن الاستجمام والراحة وممارسة هواياتهم بعيدا عن أسوار المنزل-.