رغم مرور خمسة أيام على سقوط باب العزيزية آخر معاقل العقيد معمر القذافي في العاصمة طرابلس وانتقال أعضاء المجلس الوطني الانتقالي إليها فإن ذلك لم يمنع من تواصل الاشتباكات المسلحة بكل ضراوة بين مقاتلي المعارضة المسلحة والموالين للرئيس الليبي المطاح به. وتشهد العديد من أحياء العاصمة طرابلس ووصولا إلى مطارها الدولي معارك طاحنة لليوم الرابع على التوالي بعد أن أبدى ما تبقى من الكتائب الموالية للعقيد الليبي مقاومة ورفضا للاستسلام للأمر الواقع العسكري الذي فرضته المعارضة المسلحة بدعم أطلسي واضح. ورغم تأكيدات المعارضة المسلحة على أنها بسطت سيطرتها أمس على المطار الدولي فإن ذلك لم يمنع مصادر ليبية أخرى من التأكيد أن فلول قوات العقيد الليبي تمكنت من إطلاق قذائف صاروخية أصابت العديد من الطائرات المدنية والمرافق في المطار. في وقت أشارت فيه إلى جيوب مقاومة على بعد كيلومترات فقط من المطار تمكن فيه قناصة الكتائب من وقف زحف القوات المعارضة. وفي نفس الوقت الذي تشهد فيه في مختلف أحياء العاصمة طرابلس عمليات كر وفر بين المتناحرين أكد الحلف الأطلسي من جانبه أمس انه واصل قصفه الجوي لعدة أهداف في مدينة سرت على البحر الأبيض المتوسط التي مازالت كتائب العقيد الليبي تتموقع في عدة أحياء استراتيجية فيها. وتعتقد العديد من المصادر الغربية أن الرئيس الليبي الذي لم يعثر له على اثر في باب العزيزية يكون قد لجأ إلى هذه المدينة مسقط رأسه والتي تضم قبليته القذاذفة إحدى اكبر القبائل في ليبيا. وتعمد القوات الأطلسية في كل مرة يستحيل فيها على قوات المعارضة تحقيق تقدم عسكري إلى تكثيف عمليات قصفها الجوي لتمهيد الأرضية لها لاقتحامها وبسط السيطرة عليها وهو ما تقوم به حاليا في مدينة سرت تماما كما فعلت في العاصمة طرابلس نهاية الأسبوع الماضي. وأكدت مصادر الناتو أنها قصفت عشرات السيارات العسكرية التابعة لكتائب العقيد الليبي وعربات مدرعة وراجمات صواريخ ومخابئ محصنة يعتقد أن القذافي قد لجأ إليها بعد أن اشتد عليه الخناق في العاصمة طرابلس الأسبوع الماضي وادي إلى سقوطها أياما فقط بعد ذلك. ويبدو أن كتائب القذافي اعتمدت على تكتيك جديد في المواجهة اعتمد على نصب قناصة في الأحياء وعرقلة تقدم المعارضة ضمن خطة للانسحاب بأقل الخسائر الممكنة وعلى أمل إعادة تجميع قواها لمواصلة الحرب ضد مقاتلي المعارضة المسلحة. وهي الخطة التي جعلت قيادات ميدانية للمعارضة تؤكد أنها أصبحت تجد صعوبة في معرفة أماكن تواجد المقاتلين الموالين للعقيد معمر القذافي. وتأكد أمس أن عمليات المطاردة التي يقوم بها مسلحو المعارضة الليبية أدت إلى تجاوزات خطيرة جعلت عدة جهات دولية تحذر من انزلاق خطير للوضع في حال سيطر الفكر الانتقامي على العمليات العسكرية التي تقوم بها المعارضة المسلحة في ملاحقتها للعناصر الموالية للعقيد معمر القذافي أو ضد السكان الليبيين الذين تشتم فيهم رائحة ولائهم له. ووجهت الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي ومنظمة العفو الدولية ''امنيستي'' نداءات ملحة باتجاه المجلس الانتقالي من اجل كف عناصره على ملاحقة الموالين للنظام السابق انتقاما منهم على مواقفهم بعد أن لاحظت اقتراف أعمال انتقامية ضد الموالين للرئيس الليبي المطاح به.