هل بلغت الأزمة الليبية مرحلة الحسم بوصول زحف المقاتلين المتمردين المدعومين بالطيران الحربي الأطلسي عسكريا والدعم الدولي سياسيا إلى مشارف العاصمة طرابلس التي تبقى مفتاح الحل لمعضلة ليبية طال أمدها؟ سؤال يطرح بقوة في ظل المعلومات التي أكدت، أمس، أن المتمردين الليبيين متمركزون الآن على بعد 20 كلم من العاصمة طرابلس التي عاشت ليلة السبت إلى الأحد على وقع عمليات تفجيرية وتبادل لإطلاق النار ومظاهرات مناهضة للنظام شملت عدة أحياء صاحبتها معارك عنيفة بين مسلحي المعارضة والقوات النظامية. وأكد المتمردون أنهم تمكنوا، أمس، من الاستيلاء على غابة ''غدايم'' وهي منطقة استراتيجية على بعد 24 كلم غرب طرابلس بعد معارك ضارية مع القوات الموالية لنظام العقيد معمر القذافي. غير أن احمد عمر باني المتحدث العسكري باسم المتمردين وإن أقر بأن المعارضة ليست في مستوى تقييم قوات القذافي أو القول كم بقي له من الوقت على رأس السلطة في طرابلس إلا أنه أكد وبلهجة الواثق من تصريحاته أنه مهما طال الزمن فإن سقوط نظام القذافي آت لا محالة. من جانبه، أكد احمد جبريل المتحدث باسم المتمردين أن طرابلس تعيش حاليا على وقع عملية عسكرية أطلق عليها اسم ''عملية عروس البحر'' بهدف عزل العقيد القذافي إلى غاية استسلامه أو رحيله. وتتم هذه العملية التي انطلقت، مساء أول أمس، بالعاصمة الليبية بتنسيق بين المجلس الوطني الانتقالي الذي أسسته المعارضة في بنغازي والمقاتلين المتمردين المتواجدين بالعاصمة طرابلس ومحيطها وبدعم من حلف ''الناتو'' الذي يشارك في هذه العملية، حيث توقع أن تستمر عدة أيام إلى غاية استسلام القذافي. وأوضح أن المعارضة ترى وجود سيناريوهين اثنين وهما أن يستسلم القذافي أو يفر من المدينة. ولكن جبريل أضاف أنه ''في حالة أعرب القذافي عن رغبته في مغادرة ليبيا فإننا سنرحب بذلك وسنقبل بهذا الاقتراح''. وبوصول عدوى المظاهرات المناهضة للنظام إلى قلب العاصمة طرابلس خرج الآلاف من المتظاهرين في مدينة بنغازي معقل المعارضة المسلحة للاحتفال بما وصفوه ب''الانتفاضة'' الجارية في العاصمة ضد النظام. وأمام هذه التطورات التي زادت من تضييق الخناق أكثر على نظام القذافي لم يجد نجله سيف الإسلام من وسيلة للظهور بمظهر القوي سوى التأكيد أن نظام والده ''لن يتخلى عن المعركة''. وقال''نحن على أرضنا وفي بلدنا وسنقاوم لستة أشهر أو عام أو عامين ... وسننتصر'' في إشارة واضحة إلى مواصلته المقاومة إلى آخر لحظة كما سبق وأعلن عن ذلك العقيد القذافي مرارا. غير أن سيف الإسلام وفي خطاب بثه التلفزيون الرسمي الليبي صباح أمس عاد وجدد دعوة الحكومة الليبية المعارضة للحوار وقال ''إذا أردتم السلام فنحن مستعدون''. وقد دعا القذافي في وقت مبكر، أمس، الليبيين إلى الخروج بالملايين لتحرير المدن التي دمرها المتمردون لإنهاء ما وصفه ب''الحفلة التنكرية'' للنزاع الذي يعصف بالبلاد منذ منتصف شهر فيفري الماضي. ووصف القذافي المتمردين ب''الخونة والعملاء والجرذان'' وأنهم يدنسون المساجد''. وفي ظل هذه التطورات اعتبرت الدول الغربية الداعمة للمعارضة الليبية ان النظام الليبي على وشك الانهيار ولم يبق أمامه إلا أيام معدودة. وفي هذا السياق وصف أليستير بروت كاتب الدولة البريطاني للشؤون الخارجية ''الانتفاضة التي تعيشها طرابلس بنقطة استثنائية وهامة''. وقال ''رغم أنه من الصعب معرفة حقيقة ما يحدث فإنه من الواضح جدا أن ما تشهده طرابلس انتفاضة''. من جانبه اعتبر وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني أن ''المأساة'' التي خلفها النزاع في ليبيا ''على وشك بلوغ نهايتها'' وأكد أن كل المعطيات تؤكد ذلك.