تواصلت أمس معارك طاحنة بالعاصمة الليبية في مشهد لم تتضح بعد كل فصوله في ظل رفض العقيد معمر القذافي الاستسلام رغم انهيار نظامه بسقوط مجمع باب العزيزية آخر قلاعه بين أيدي المعارضة المسلحة. وتركزت المعارك بمجمع باب العزيزية الذي كان يمثل الحصن الحصين للعقيد الليبي وأفراد عائلته والمقربين منه وبحي أبو سليم المجاور والذي يعد معقل القوات التي أبقت على ولائها للعقيد القذافي. وسمع إطلاق نار متقطع ودوي انفجارات طوال الليل تقريبا في طرابلس حيث لم يتمكن المتمردون من طرد القوات الموالية القذافي بشكل كامل. كما شوهد تصاعد دخان كثيف من فوق المجمع وسط إطلاق كثيف للنار استخدمت فيه الأسلحة الخفيفة والرشاشة وإطلاق قذائف صاروخية من نوع ''ار. بي. جي'' دفع بعدد من المقاتلين الموالين للمعارضة إلى الانسحاب بينما سعى آخرون لإجراء مناورة لأخذ الموالين للقذافي في الاتجاه المعاكس. وأدت حرب الشوارع التي تعيشها طرابلس إلى إخلاء تام للعديد من إحيائها بعد انتشار عشرات القناصة الموالين للنظام في المدينة. وقال زعيم مجموعة من القوات المعارضة ان ''قناصة ينتشرون على طريق مطار'' طرابلس. وهو ما يؤكد ان حسم معركة طرابلس لم يتم بعد رغم تمكن القوات المعارضة من الاستيلاء على مجمع باب العزيزية الذي اقتحموه مساء أول أمس من دون أي مقاومة تذكر لكنهم لم يجدوا أثرا لا للعقيد القذافي ولا لأحد أبنائه ولا المقربين منه. وإذا كان هذا هو حال العاصمة طرابلس فإن المتمردين تفاجأوا أمس بمقاومة شرسة من قبل القوات الموالية للعقيد الليبي في بن جواد الواقعة شرقا التي أوقفت زحفهم باتجاه مدينة سرت مسقط رأس العقيد القذافي والتي تشير كل المعطيات أنها تملك مفتاح حسم المعركة في ليبيا. واقر فوزي بوقطيف قائد قوات المعارضة في الشرق بذلك وقال ''لقد فوجئنا برد فعل قوي ونحن الذين كنا نعتقد أنهم استسلموا بعد سقوط مجمع باب العزيزية''. وهو ما يبقى الشكوك قائمة حول ما يجري بالتحديد في جبهات القتال خاصة وسط شح المعلومات بخصوص مصير القذافي. هذا الأخير الذي أكد في تسجيل صوتي جديد انه سيواصل المقاومة الى غاية ''الانتصار أو الموت''. وأكد في رسالة تحد ليس فقط للمعارضة بل للحلف الأطلسي والدول الغربية الداعمة انه لا يزال متخفيا في طرابلس ودعا سكانها إلى تطهيرها من المتمردين الذي تمكنوا من فرض سيطرتهم تقريبا على كامل أنحاء العاصمة. وكان القذافي قلل الليلة الثلاثاء إلى الأربعاء من أهمية سقوط معقله بباب العزيزية وقال في كلمة ألقاها عبر قناة ''العروبة'' التلفزيونية المحلية ان ''باب العزيزية لم يكن سوى كوم من الحطام بعد القصف المكثف بصواريخ الحلف الأطلسي و''انسحبنا منه لاعتبارات تكتيكية''. من جانبه أشار مارك كيميث الجنرال الأمريكي الذي شغل منصب مساعد وزيرة الخارجية للشؤون العسكرية والسياسية إلى تصريحات القذافي التي قال فيها إن انسحابه تكتيكي. وقال ''لا أعتقد ذلك بل أعتقد أن انسحابه مقصود لأن قواته فقدت سيطرتها وهزمت''. كما أعرب الجنرال الأمريكي عن اعتقاده بأن قوات المعارضة في ليبيا سيطرت على جميع أنحاء البلاد وقال ''ما يمكن استنتاجه من خلال ما تنقله التقارير التلفزيونية هو أن نظام القذافي دخل ساعاته الأخيرة وقوات المعارضة لا تسيطر على العاصمة طرابلس فحسب بل على جميع أراضي البلاد أيضا''.