أشرفت الوزيرة المنتدبة المكلفة بالأسرة وقضايا المرأة نوارة سعدية جعفر، أول أمس، على إطلاق الحملة الوطنية الثالثة لمناهضة العنف ضد المرأة، التي تدوم إلى غاية 10 ديسمبر المقبل، للتحسيس بخطورة هذه الظاهرة على استقرار الأسرة والمجتمع، والتي سجلت مصالح الأمن الوطني بخصوصها 7042 حالة بمختلف أنواع الاعتداءات، خلال تسعة أشهر من السنة الجارية، في الوقت الذي أحصت فيه مصالح الدرك الوطني خلال الفترة الممتدة من الفاتح جانفي إلى 31 أكتوبر من نفس العام 5683 قضية تتعلق بالنساء المعنفات، وهو ما يعادل 17 بالمائة من المجموع الكلي لضحايا العنف الإجرامي. وقالت الوزيرة المنتدبة المكلفة بالأسرة وقضايا المرأة خلال لقاء بفندق الأروية ببن عكنون جمع عدة شركاء ينتمون إلى مختلف القطاعات الوزارية والهيئات الوطنية وكذا المجتمع المدني أن ''إطلاق الحملة الوطنية الثالثة لمحاربة العنف ضد المرأة تكملة لمشوار النضال الرامي إلى رفع مستوى مشاركة المرأة الجزائرية في الحياة العامة للبلاد من خلال رفع درجة الوعي حول خطر العنف الذي لا يستهدف المرأة في البيت فحسب، إنما في مقرات العمل أيضا وفي عدة فضاءات أخرى.س وأشارت الوزيرة إلى أن النصوص القانونية أداة ناجعة في مكافحة العنف ضد المرأة، إلاّ أنّها تبقى بحاجة ماسة إلى تعديلات لمواكبة التطورات الحاصلة في المجتمع، لافتة إلى أهمية التركيز على قيمنا الدينية لمناهضة مختلف أشكال العنف، لاسيما وأنّ البعض يختفي وراء ستار العادات والتقاليد لتبرير هذا السلوك السلبي. ومن جانبها، كشفت مديرة مشروع محاربة العنف ضد المرأة بوزارة الأسرة وحيدة بورغدة أنّ استراتيجية القطاع التي انطلقت منذ 2007 ترتكز على مسعى التوصل إلى ضمان الأمن والحماية الشرعية والقانونية والطبية للنساء ضحايا العنف، وإيجاد سبل للتكفل بهن وإعادة إدماجهن، فضلا عن إجراء إصلاحات في الجانب القانوني ترتكز على قيم الدين وتوجيهات رئيس الجمهورية ومبادئ المجتمع الجزائري. وأضافت المتحدثة أن العنف لا يمس الأسرة فقط، مما يجعله قضية الجميع، معتبرة أنّ توعية المجتمع لتغيير الاتجاهات السلبية التي تعتبر العنف أمرا عاديا، يتطلب تجنيد المجتمع وكافة مؤسساته، علاوة على ضرورة توحيد وسائل وآليات العمل مع مختلف الشركاء الذين شاركوا في مسار إعداد الإستراتيجية الوطنية. وفي نفس الإطار، أوضحت السيدة خيرة مسعودان، من المديرية العامة للأمن الوطني، أنّ العنف يمس مختلف الشرائح الاجتماعية من نساء عاملات، إطارات، شابات ومتقدمات في السن، حيث أنّ الإحصائيات لا تعكس حجم الظاهرة بسبب حرص العائلات الجزائرية المتمسكة بالعادات والتقاليد على الحفاظ على الأسرة والتي لا تحبذ التبليغ عن هذا النوع من العنف. وفيما يتعلق بالظاهرة، أحصت مصالح الأمن الوطني خلال الأشهر التسعة من السنة الجارية 7042 امرأة ضحية عنف، منها 5047 حالة اعتداء جسدي متبوعة ب 1570 حالة سوء معاملة، تليها 273 حالة تعرضت للعنف الجنسي، ثم 24 حالة قتل عمدي و04 حالات زنا المحارم. كما أنه من ضمن 7211 متورطا في ممارسة العنف ضد المرأة نجد أنّ 946 شخصا له صلة قرابة مع الضحايا، بينما 1540 متورطا من الأزواج. فيما تبين من خلال تصنيف الضحايا حسب الحالة الاجتماعية بأنّ 3723 حالة متزوجة، 2012 حالة عازية، و727 مطلقة. علما أن 2362 متورطا بدون مهنة. ولفتت السيدة مسعودان الانتباه إلى أنّ عدد الشكاوى المودعة في هذا الإطار عرفت ارتفاعا ملحوظا، حيث أنّه من ضمن 7042 ضحية تعرضت للعنف، قامت 7003 ضحية بالمتابعة القضائية. وصرحت ممثلة عن الدرك الوطني بأنّ 100 امرأة في صف ضابط في سلك الدرك الوطني يتلقين تكوينا، ليتم مستقبلا إدماجهن في فرق التحقيق، مما يتيح للمرأة المعنفة فرصة البوح بمكنوناتها بكل راحة، من منطلق أنّ العديد من المُعنفات يجدن صعوبة في سرد تفاصيل وقائع الاعتداء للرجل، مضيفة أنّ المرأة هي العنصر الأكثر عرضة للعنف في المجتمع الجزائري نتيجة للمشاكل الأسرية والانحلال الخلقي. وبلغة الأرقام، أبرزت أنّه من ضمن 5683 قضية عنف ضد النساء سجلتها مصالح الدرك الوطني، تصنف العاصمة في المرتبة الأولى ب571 قضية، تليها وهران ب 416 قضية ثم مستغانم ب 263 قضية، حيث أنّ الكثافة السكانية وتزايد أوكار الجريمة من أهم أسباب تزايد العنف في المدن الكبرى. وفي المقابل يتضاءل عدد قضايا الاعتداء ضد المرأة في الجنوب ليتراوح بين قضية واحدة وتسع قضايا بسبب النزعة القبلية التي تمنع وصول هذا النوع من القضايا إلى مصالح الأمن والدرك. وتبقى الإشارة ضرورية إلى أن استراتيجية وزارة الشؤون الدينية في هذا المجال تعتمد على دور المساجد في الدعوة إلى البر وإلى السلوك الأمثل في علاقة الإنسان بالإنسان وفي علاقة الرجل بزوجته وأطفاله. وبموجب هذه الاستراتيجية خصصت خطبة الجمعة التي تزامنت واليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة لمناقشة هذه الظاهرة على مستوى 15 ألف مسجد يرتاده 15 مليون جزائري كل يوم جمعة.