جدد وزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي، أول أمس، موقف الجزائر المناهض لأي تدخل أجنبي في سوريا، مؤكدا أهمية بقاء القضية السورية ضمن حدود عربية محضة لاسيما وأن المبادرة العربية وافقت عليها الحكومة السورية . وفي حديث خص به (واج) أبرز السيد مدلسي الذي ترأس الوفد الجزائري في أشغال مؤتمر أصدقاء سوريا الذي عقد بتونس أن الحل السياسي للقضية السورية ''يكمن في المبادرة العربية بكل ما تتضمنه من بنود وآليات''، مذكرا بأن الجزائر ومنذ البداية ''عبرت عن موقفها في أن تظل القضية السورية ضمن حدود عربية محضة وليس بالضرورة أن يتم اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي كي يتخذ قرارات تخص تسوية الأزمة السورية''. وحسب وزير الشؤون الخارجية فإنه برز -من خلال النقاش- إجماع شبه كلي على التشبث بالمبادرة العربية وما تضمنته من بنود وآليات على الرغم من أن ''بعض الدول اقترحت الخروج نوعا ما عن الإطار العربي باللجوء إلى مجلس الأمن الدولي إلا أن موقفها لم يكن محل إجماع''. وحول المقترحات المتصلة بإنشاء ممرات لإيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين السوريين بين السيد مراد مدلسي أن الجزائر على غرار العديد من الدول ''تؤكد على ضرورة التخفيف من حدة الضغوطات الإنسانية التي تطرح في هذا البلد بصفة حساسة''، متسائلا عن كيفية إيصال هذه المساعدات وعن كيفية وصول ممثلي المجتمع الدولي إلى سوريا وهل أن هذه المسألة تتطلب إنشاء ما يسمى بالممرات الإنسانية أو تنظيم كل هذه الأمور على أساس أعمال المنظمات الإنسانية المعنية مثل الهلال الأحمر الدولي. وبهذا الصدد، شدد على ضرورة القيام باتصالات مع الحكومة السورية بخصوص موضوع المساعدات الإنسانية وهو الأمر الذي لا مفر منه على حد قوله. وأعرب عن أمله في أن يعطي تعيين السيد كوفي عنان كمبعوث لسوريا ''دفعا للاتصالات مع كل الأطراف بما فيها الحكومة السورية مما يسهم في طرح مسألة المساعدات الإنسانية والتوصل الى طريقة تسمح بنقلها بشكل يرضي كل الأطراف، مشددا على ضرورة تجنب بصفة كلية التدخل الأجنبي حتى وإن كان هذا التدخل مبررا بقضايا إنسانية''. وفي معرض حديثه عن الحوار الذي من شأنه إخراج سوريا من أزمتها، أكد السيد مدلسي أن الكثير من الوفود الحاضرة في المؤتمر ''تأمل في أن تبدي المعارضة السورية انسجاما وتوحد صفوفها كي يضفى على تمثيلها طابع المصداقية''. واعتبر أن المبادرة العربية لا يمكن أن يكتب لها النجاح ''إذا لم تجعل من طاولة الحوار طاولة ذات مصداقية تمثل كل الأطراف بما فيها الحكومة السورية''. وبخصوص مسار الانتقال الديمقراطي الذي تضمنته المبادرة العربية ذكر بأن هذا المقترح كان محل قراءتين، حيث اعتبر البعض أن هذا القرار الصادر عن الجامعة العربية ليس ملزما بالنسبة للأطراف الأخرى بينما يرى البعض الآخر ومنهم الجانب الجزائري بأن هذا المقترح يعتبر بمثابة أرضية عمل من أجل القيام بالوساطة بين كل الأطراف السورية تحت رعاية جامعة الدول العربية. وركز على أهمية أرضية العمل هذه بالنظر إلى أن المشكل السوري لا يمكن حله دون السوريين ولا يمكن التوصل إلى تسوية المعضلة دون تجنيد كل الأطراف الحكومية أو غير حكومية. وفي تدخل له أمام المشاركين في مؤتمر أصدقاء الشعب السوري، أكد أن المبادرة العربية حول الوضع في سوريا تهدف أساسا إلى ''الوقف الفوري للعنف المدان في سوريا مهما كان مصدره وتنظيم حوار وطني شامل ودون إقصاء تحت رعاية الجامعة العربية''، مذكرا بموقف الجزائر ''الرافض لأي تدخل أجنبي''. وأضاف أن هذه المبادرة ترمي إلى ''التوصل إلى حل سلمي دائم للأزمة التي تمر بها سوريا''. وبعد أن أشار إلى أن الجزائر ''شاركت ولا زالت في إعداد وتفعيل المبادرة العربية'' أكد الوزير على ''الآليات التي أعطيت للمبادرة العربية مضمونها الحقيقي والمتمثلة في خطة العمل العربية المؤرخة في2 نوفمبر 2011 والتي وافقت عليها الحكومة السورية وكذا البروتوكول التوافقي المتعلق بإرسال مراقبي جامعة الدول العربية إلى سوريا الموقع بين الجامعة والحكومة السورية يوم 19 ديسمبر.''2011 وأضاف السيد مدلسي أن هذه المبادرة ''تعززت في 22 جانفي 2012 بأرضية عملية كان من الطبيعي أن تقترحها الجامعة العربية بصفتها وسيطا في البحث عن حل لهذه الأزمة''، مبرزا أنها (المبادرة) ''تدعو الحكومة السورية وكافة أطراف المعارضة إلى بدء حوار جاد من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية تتكفل بتنظيم انتخابات تعددية حرة''. وأردف رئيس الدبلوماسية الجزائرية قائلا أن هذه الانتخابات ''من شأنها أن تعيد الاستقرار الى سوريا وتحفظ سيادتها وسلامتها الترابية وتحقق تطلعات الشعب السوري الشقيق بكل مكوناته''. وتابع أن هذه الأرضية ''تشكل في نظرنا قاعدة يمكن الاعتماد عليها كورقة عمل للحوار بين الحكومة السورية والمعارضة والذي نأمل أن ينطلق في أقرب الآجال مع تجديد التذكير بموقف الجزائر الرافض لأي تدخل أجنبي''. كما أعرب عن ''أمله'' في أن يساهم هذا المؤتمر في ''تحقيق الهدف الذي تضمنته المبادرة العربية وأن يعمل من أجل مصلحة سوريا هذا البلد الغالي علينا جميعا والمتميز بتاريخه العريق الذي استفادت منه البشرية جمعاء''. وتجدر الإشارة إلى أن رئيس الديبلوماسية الجزائرية كانت له سلسلة من المحادثات مع نظرائه من بلدان أخرى من بينهم وزيرا خارجية كندا السيد جون بايردو والدانمارك السيد فيللي سوافندال. (واج)