تزداد عزلة الانقلابيين العسكريين في مالي أكثر فأكثر مع مرور كل يوم وهم الذين يتسم موقفهم بالضعف وسط رفضهم داخليا وخارجيا والذي زادته هشاشة تهديدات متمردي قبائل الطوارق والجماعات المسلحة. فقد تجمع أمس ما لا يقل عن ألف شخص وسط العاصمة باماكو للتعبير عن رفضهم للطغمة العسكرية التي أطاحت قبل ستة ايام من الآن بنظام الرئيس امادو توماني توري والذي يزال مصيره مجهولا. وجاء هذا التجمع استجابة لنداء أطلقته جبهة شكلها حديثا عدة أحزاب سياسية ومؤسسات المجتمع المدني الرافضة لانقلاب 22 مارس الجاري. وتضم الجبهة الموحدة 38 حزبا سياسيا من بينها تشكيلات هامة على غرار الاتحاد من اجل الجمهورية والديمقراطية والتحالف من اجل الديمقراطية في مالي إضافة إلى ما لا يقل عن 20 جمعية قطعت العزم جميعها على مواجهة الانقلابيين العسكريين. وتحت شعار ''جبهة موحدة من اجل الحفاظ على الديمقراطية والجمهورية'' ردد المتظاهرون ''سانوغو ارحل'' باتجاه قائد الانقلابيين الذي أطاح بنظام امادو توري بحجة عدم قدرته على مواجهة تمرد الطوارق في شمال البلاد. كما طالب المحتجون بتحرير مبنى التلفزيون والإذاعة وأكدوا على تمسكهم بالعودة إلى النظام الدستوري. وتزامن تنظيم هذه الحركة الاحتجاجية مع الذكرى ال21 للانقلاب العسكري الذي كان قاده امادو توري عام 1991 والذي وضع نهاية لأكثر من عشريتين من حكم الجنرال موسى طراوري. وبينما قال سياكا دياكيتي الأمين العام لاتحاد الوطني لعمال مالي ''نحن لن نقبل اليوم رهن الديمقراطية التي بلغناها بشق الأنفس'' اكد سومعيلة سيسي مرشح الرئاسيات التي كانت مقررة في 29 افريل القادم والذي التقى قائد الانقلابيين انه ابلغ هذا الأخير ''بعدم موافقتنا وانه يجب احترام الدستور وعلى العسكريين البقاء في ثكناتهم''. وفي ظل الرفض القوي للجبهة الداخلية المالية للانقلاب يبقى أهم امتحان عسير يواجهه الانقلابيون هو اليوم الثلاثاء أول ايام الاسبوع الذي من المفروض ان تتم فيه العودة إلى العمل في الإدارات والمؤسسات العمومية والقطاع الخاص. ويزيد الرفض الداخلي للانقلابيين العسكريين في إضعاف موقفهم الهش أصلا بسبب التهديدات الجادة التي تمثلها حركات التمرد لقبائل الطوارق من جهة وتنامي نشاط الجماعات الاسلاموية الموالية لتنظيم القاعدة والتي تتخذ من شمال مالي معقلا لها من جهة ثانية. وبالتوازي مع الرفض الداخلي تتصاعد حدة الضغوط الدولية لحمل الانقلابيين على إعادة النظام الدستوري حيث أعلن أمس قادة دول إفريقيا الغربية والمجموعة الدولية عن اتخاذهم إجراءات سريعة لإعادة النظام الدستوري في مالي. وقالت المنظمة الدولية غير حكومية ''كرزيس غروب'' انه بعد الانقلاب العسكري الذي أطاح بنظام الرئيس توري فإن ''اللجنة الاقتصادية لدول إفريقيا الغربية والاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة سيشكلون مجموعة اتصال لإرغام الانقلابيين على احترام حقوق الإنسان والحريات المدنية وإحلال الديمقراطية''. وحذرت المنظمة غير الحكومية من ان الانقلاب العسكري يشكل كارثة بنسبة لمالي ولكل منطقة غرب إفريقيا. من جانبها جددت فرنسا القوة الاستعمارية السابقة لمالي وأول شريك اقتصادي لهذا البلد الإعراب عن انشغالها العميق لمصير المسؤولين الماليين وفي مقدمتهم الرئيس امادو توري واللذين لا يزال مكان تواجدهم مجهولا. وقال برنارد فليرو المتحدث باسم قصر الاليزي ان ''فرنسا تجدد ضرورة احترام سلامتهم الجسدية... وندعو إلى إطلاق سراحهم والعودة السريعة للنظام الدستوري التي تتم عبر تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية''.